الحكومة تسعى لتبني مقترح الصندوق المغربي للتقاعد وإقرار إصلاح جزئي بداية من سنة 2011 قالت مصادر حكومية مطلعة لبيان اليوم إن المقترح الذي تقدم به الصندوق المغربي للتقاعد، والذي قد تتبناه الحكومة، وتقدمه بداية السنة القادمة، يوجد، منذ بداية الأسبوع الماضي، بالأمانة العامة للحكومة، ولم تطلع بعد أية جهة حكومية على جديده. في انتظار ذلك، وكما كان مقررا، عقدت اللجنة التقنية المكلفة بدراسة ملف التقاعد، يوم الخميس الماضي، اجتماعا خلص إلى قناعتين لا ثالث لهما. تتعلق الأولى بالتفاقم المؤكد لأزمة صناديق التقاعد، في السنوات القليلة المقبلة، في حال عدم التدخل لإنقاذها من شح مرتقب في السيولة النقدية، يوازيه ارتفاع أعداد المحالين على التقاعد. بهذا الخصوص، تميز اجتماع الخميس الماضي بإجماع أعضاء اللجنة التقنية حول خلاصات مكتب الخبرة الفرنسي «أكتوريا»، الذي أشار إلى وجود صعوبات تهدد الاستقرار المالي لصناديق التقاعد في المغرب، قبل حلول عام 2020، مع عجز واضح في تمويلات صندوق القطاع العام قبل هذا التاريخ. أما القناعة الثانية، التي شدد عليها أعضاء اللجنة التقنية في تصريحات لبيان اليوم، فهي الرفض القاطع للصيغة التي قدمها الصندوق المغربي للتقاعد، والتي تنوي الحكومة تبنيها وتقديمها بداية من السنة القادمة، معتبرين إياها ضربا لمكتسبات الشغيلة. فقد اعتبرت النقابات تقديم الحكومة وصفة الصندوق المغربي للتقاعد قرارا منفردا، يتقاطع مع المقاربة الشمولية للإصلاح الذي دشن في سنة 2003. وبات من المؤكد اليوم، في ظل ردود الفعل النقابية، أن يخلق تقديم المقترح حالة من الاحتقان الاجتماعي، ناتجة أساسا عن رفض ممثلي الشغيلة للمقاييس الجديدة. فالمطلوب، حسب الاتحاد المغربي للشغل، إعطاء الأولوية للإصلاح الشامل لمنظومة التقاعد في المغرب، بدل الاكتفاء بخلاصات جهة واحدة. وترى النائبة البرلمانية آمال العمري، ممثلة هذه المركزية داخل اللجنة التقنية، في تصريح أدلت به لبيان اليوم، أن أنجع وسيلة للقفز على التناقضات وعلى المصالح المتباينة للأطراف التي تتشكل منها اللجنة التقنية، هو استشارة المكتب الدولي للشغل، ودعوته إلى مواكبة ملف إصلاح التقاعد في المغرب، مشيرة إلى وجود اتفاق داخل اللجنة التقنية على ضرورة تعميم التقاعد على كافة المواطنين النشطاء، والتشبث بمبدإ التوزيع وليس الرسملة، وتوسيع النقاش وطرح كافة المقترحات على طاولة الحوار تفاديا لأي انزياح قد يورط الحكومة. فالحكومة، تجد نفسها، حسب الفدرالية الديمقراطية للشغل، في موقف صعب، يتمثل في وجود حاجة ملحة إلى زيادة الاقتطاعات وتمديد سن التقاعد في أقرب الآجال، عوض إرجاء موعد الإصلاح الشمولي إلى غاية 2016. وهي ترغب بالتالي، وفق ما جاء في تصريح أدلى به لبيان اليوم ممثل الفدرالية باللجنة التقنية، العربي الحبشي، في استنساخ الصيغة التي قدمها الصندوق المغربي للتقاعد وتعميمها على جميع الأنظمة، وذلك ضدا على موقف النقابات التي ترى في الحوار الاجتماعي الأرضية الوحيدة الممكنة للنقاش .. ويرى محمد بلعربي، عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن تبني صيغة واحدة للحل ينسف الجهود التي انطلقت منذ سنة 2003 لإصلاح شمولي لأنظمة التقاعد، من خلال سيناريوهات متعددة تشرف على دراستها اللجنة التقنية المكونة من الوزارات الوصية وصناديق التقاعد والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب. هذا الأخير، عبر، بكل صراحة، عن نيته في الدفاع عن مصالح المقاولة، من خلال دعوة الحكومة إلى تخفيف الأعباء والتكاليف الاجتماعية التي قد تأتى بها مقترحات إصلاح أنظمة التقاعد، من أي جهة كانت، لأن القطاع الخاص، حسب نقابة الباطرونا، لا يمكنه أن يتحمل الديون المتراكمة على الصندوق المغربي للتقاعد التي تتجاوز 500 مليار درهم، ولا أن يتحمل مسؤولية الديون المتراكمة على الصناديق الثلاثة والتي تصل إلى حوالي 1117 مليار درهم .. وقال جمال بلحرش، رئيس لجنة العمل والعلاقات الاجتماعية لبيان اليوم، أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب مع الإصلاح الشمولي، ويتابع بحذر رغبة الدولة في تمرير إصلاح جزئي بداية من سنة 2011، يرتكز بالأساس على زيادة نقطتين سنويا في نسب الاقتطاع، وذلك إلى غاية 2013. وبخصوص موضوع تأجيل موعد الإصلاح الشمولي إلى غاية 2016، قال بلحرش إن الاتحاد العام لمقاولات المغرب لا مانع لديه في تسريع وتيرة الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد، بخلق نظام موحد يشمل القطاع الحر والمستقلين المحرومين من نظام للمعاشات، مما سيساعد على زيادة المنخرطين وتقوية المساهمات في صناديق التقاعد، معتبرا أن سن التقاعد ليس مشكلا في حد ذاته، طالما أن الإنسان يستطيع مزاولة نشاطه إلى أبعد من سن التقاعد الحالي، وأن المهم هو حجم المعاش الذي سيجنيه بعد الإحالة على التقاعد والذي يظل رهينا بحجم الاقتطاعات. يشار إلى أن مشروع القانون الجديد للمعاشات، الذي ترغب الحكومة تقديمه، يتضمن زيادة سن التقاعد إلى 65 سنة، وزيادة ست نقط إضافية على نسب الاقتطاع الشهري بداية من العام القادم، مع اعتماد الأجر الأساس لاحتساب المعاشات على متوسط أجر ثماني سنوات الأخيرة، بدل احتساب آخر أجر كان يتقاضاه المحال على المعاش.