كثر الحديث في الآونة الأخيرة، وفي علاقة مع مضاعفات مرض كورونا، عن مظاهر المناعة الذاتية لهذا المرض، خصوصا في شكله الخطير عندما يتسبب في إتلاف الأوعية الدموية، وذلك أثناء ما يسمى ب”عاصفة السيتوكين”، حين ينقلب الجهاز المناعي ضد الجسم ويهاجمه كما هو الحال في أمراض المناعة الذاتية التي تتميز كذلك بخاصية مهاجمة جهاز المناعة لمكونات الجسم السليمة. وتصيب أمراض المناعة الذاتية أكثر من 7٪ من سكان العالم، أغلبيتهم نساء. وتعتبر ثالث سبب للوفيات بعد السرطانات وأمراض القلب والشرايين. وتطرح مشكلا في ظروف الوباء لأن بعضا منها ينقص من قوة جهاز المناعة. وهذه فرصة لتسليط الضوء على هذه الأمراض. أمراض متعددة ومختلفة أمراض المناعة الذاتية تعد بالمئات، هناك فئة تقتصر على عضو واحد مثل مرض جريفز الذي يعطي فرطا في وظيفة الغدة الدرقية، أو السكري من النوع الأول الذي يصيب البنكرياس، وتلك التي تؤثر على أعضاء متعددة إما على التوالي أو في وقت واحد. وتسمى أمراض المناعة الذاتية «الجهازية» مثل: الذئبة الحمراء التي تؤدي إلى اضطرابات على صعيد المفاصل، الجلد، الكلى، نظام القلب والأوعية الدموية، خلايا الدم الحمراء، و تقريبا أيضا أي عضو آخر. أو مثل التهاب المفاصل الروماتويدي الذي يتميز بإصابة المفاصل بشكل رئيسي، وفي حلالات نادرة يؤثر على الرئتين وعلى الجلد. في متلازمة شوغرن، يحدث التهاب في الغدد اللعابية والدمعية، مما يسبب جفاف الفم والعيون ويمكن أن يؤثر على المفاصل والجلد والرئتين؛ بينما يتميز التهاب الفقار اللاصق بالتهاب المفاصل خاصة على مستوى العمود الفقري مع إمكانية تأثير على الرئتين وعلى العيون. النساء يشكلن معظم المصابين النساء أكثر عرضة لأمراض المناعة الذاتية حيث أن ما يقارب 80٪ من المصابين بأمراض المناعة الذاتية هم نساء، بمعدل امرأة من كل 6 نساء تحمل مرضا مناعيا ذاتيا، مثلا فالمخاطرة بإصابة النساء بالروماتويد تفوق ثلاث مرات الرجال. أما في مرض الذئبة الحمراء فمن بين كل عشرة مصابين نجد 9 من النساء. هذا راجع بالتأكيد إلى دور الهرمونات. ومن المرجح أيضا أنه خلال الحمل، يحدث مرور خلايا الجنين إلى الأم ومن الممكن لهاته الخلايا أن تتمركز في النخاع العظمي لمدة تصل إلى 50 سنة، ويمكن أن تشوش على جهاز المناعة. الحمل والإنجاب عند المرأة يمكن أن يعتبرا مرحلة حرجة إذا كانت الأم مصابة ببعض الأمراض المناعة الذاتية التي من الممكن أن تتفاقم مع الحمل مثل الذئبة الحمراء، لذلك فان بعض الحالات يمنع فيها الحمل ما دام المرض لم يسيطر عليه بعد ومازال نشيطا، مع العلم بأن بعض أقراص منع الحمل لا تصلح للمرأة المصابة بالذئبة الحمراء. من جهة أخرى يمكن أن تشكل أمراض المناعة الذاتية خطرا على الجنين. فبعض النساء يصبن بعمليات إجهاض متكررة نتيجة مرض مناعي، ومن الممكن كذلك أن تخترق المضادات الحيوية المشيمة مسببة إتلاف وظيفة قلب الجنين. د. خديجة موسيار اختصاصية الطب الباطني ورئيسة الجمعية المغربي لأمراض المناعة الذاتية.