رغم جائحة كورونا، لازالت المهن الموسمية لرمضان تنتعش، حيث تتحول الشوارع و الأسواق إلى فضاءات لعرض الحلويات الرمضانية والفطائر والمعجنات والمملحات التي تتزين بها الموائد المغربية في هذا الشهر الكريم. حركة دؤوبة واستثنائية تشهدها المدينة العتيقة بالرباط وأحياء مدينة سلا . روائح “مشتهات” تنبعث من محلات “الشباكية” المغربية التي صمدت في فترة الحجر الصحي. طوابير طويلة أمام المحلات لاقتناء هذه الحلوى الرمضانية، والدكاكين التي كانت مخصصة لبيع الملابس والأواني تغير نشاطها وتمتهن بيع هذه الحلوى التقليدية، وما يرافقها من أطباق رمضانية لأن الإقبال عليها يكون لا مثيل له في هذا الشهر. هي إذن مهن أنعشها رمضان ووهبها الحياة رغم الجائحة التي تفرض التباعد الاجتماعي، وأخرى سحب منها مادة الحياة إلى حين، ربما تركها لتلتقط أنفاسها لما بعد رفع الحضر الصحي.. شباب في العشرينيات بحركات رشيقة ودائرية يلفون العجين ليصنعوا ورقة تشبه الورق العادي، لكن هذا الورق ليس مخصصا لا لف المشتريات ولا للكتابة بل ورق غدائي مخصص لإعداد ” شهيوات” رمضانية مغربية، تعددت بين ” البريوات” المالح منها والحلو و” البسطيلة” المغربية. مقاهي مغلقة بعد أن كانت تضم قائمة أشهى الأطعمة المغربية والمشروبات وتعج بالناس نهار مساء، اختارت إحدى المقاهي تغيير أنشطتها من خلال وضع طاولات أمام أبوابها الموصدة لبيع” شهيوات” رمضان. يقول بائع إحدى هذه المقاهي، لقد تحول الفضاء المقابل للمقهى من فضاء توضع عليه طاول لعشاق كؤوس الشاي وفناجين القهوة، إلى موائد تعرض، قبل الإفطار، ما لذ وطاب من الأطعمة ” الشباكية و” المسمن” و” البغرير” و “البسطيلة”. نحن مرغمون على تغير نشاط المقهى ونمتهن صناعة حلويات وفطائر رمضان نظرا للاقبال والرواج الذي يكون في هذا الشهر الكريم، مستدركا لكن في بعد رفع الحضر الصحي سنرجع إلى أنشطتنا العادية الروتينية. وفي مقابل هذه المهن التي تنتعش في رمضان، تعيش مهن وحرف أخرى تعد أيام الحجر الرتيبة في انتظار حياة تنتعش، خاصة المهن التي لها علاقة مباشرة بالاستهلاك، من قبيل بيع الخضر والفواكه والتمور. كل هذا الصخب المحتشم ينقضي عند الساعة الخامس. فتتحول الفضاءات إلى أمكنة مهجورة.