عادت السيوف و كلاب البيتبول تهدد أمن وسلامة المواطنين من جديد. في عدة مناطق مغربية تطل بشكل دائم أخبار تحكي ما فعله كلب شرس بالمارة، أو ما تسبب فيه اعتداء بواسطة سيوف على مواطنين. بالأمس القريب تابعنا فصول جريمة مصورة عاشتها مؤخرا مدينة سلا، وتروي جريمة تعذيب بشعة نفذها أمام الملإ شخص مسلح بسيف، معروف بجرائمه، ضد مواطن اعزل.الواقعة هزت مشاعر كل من تتبعها مباشرة أو شاهدها عبر الفيديو. لقد تلا همجية الاعتداء استنكار واحتجاج في الحين وأمام المحكمة، التي أجلت النظر في الملف إلى جلسة 25 من الشهر الحالي. لقد استنكر المحتجون بقوة ما وقع واحتجوا أيضا على تكرار مثل هذه الاعتداءات، وهو ما يعني وجود ضعف في التغطية الأمنية ،التي وصفت بالانفلات الأمني حسب تعبير المحتجين. من جرائم الكلاب الأكثر شراسة، تناقلت وسائل إعلام ما خلفه مؤخرا كلب من نوع بيتبول من رعب وسط المواطنين، بمنطقة سيدي ميمون القريبة من ساحة جامع الفنا بمراكش، بعد مطاردته بهائم بطريقة هستيرية أدت إلى تقبضه ببغل وإصابته بجروح بليغة كادت تزهق روحه. وبإحدى أزقة شارع محمد الخامس بالدار البيضاء أغمي الأسبوع الماضي على امرأة وجدت نفسها فجأة أما كلب بيتبول طليقا واعتقدت أنه سيعتدي عليها. الجرائم التي ترتكبها هذه الكلاب كثيرة، وهي مختلفة من حيث الأهداف. هناك من الكلاب المفترسة من تعتدي بوحشية على مقربين من مالكيها. وهناك الكلاب التي تعتدي بشكل يفاجئ مالكها على مواطن أو مواطنة في الشارع العام. ثم هناك الكلاب التي تعد خصيصا لارتكاب جرائم عمدا، إما ضد مواطنين من أجل سلب ما لديهم، وإما تستعمل ضد رجال أمن من لدن أصحاب السوابق وتجار المخدرات واللصوص للإفلات من الاعتقال. عموما إن وجود كلاب مفترسة في الشارع العام رفقة مالكيها، ولو مقيدة، ينتج وضعا مخيفا، يرهب المارة ويوحي بانعدام الأمن. بخصوص موضوع استعمال السيوف وارتكاب جرائم في الليل أو في واضحة النهار، وأمام المارة،يعني أن الأجهزة الأمنية لم تفلح بعد في وضع اليد على المقاربة الناجعة لردع الجريمة والمجرمين، تفعيلا لمبدأ التدبير التوقعي والمواجهة المستدامة ضد مختلف أصناف الجريمة، كما ما تسميه الاسترتيجية الأمنية المعلن عنها منذ أزيد من سنتين. إن تزايد جرائم الاعتداء على الممتلكات والسلامة البدنية للأشخاص يؤكد أن المغرب في حاجة إلى دعم قوي لمرفق الأمن العمومي وجعله يمارس دوره كاملا بمهنية وجدية وحزم، بعيدا عن أي ممارسة قد تعطي الانطباع بوجود أي تقاعس... أما في موضوع استمرار جرائم الكلاب المفترسة، فالأمر يعود إلى غياب الصرامة للتصدي لهذه الظاهرة. نعم، لقد فشلت محاولات بعض الفعاليات في استصدار قانون صريح يمنع تربية واستيراد هذه الحيوانات الشرسة، ويعاقب على امتلاكها، وبالأحرى التجول بها واستعمالها. للتذكير،إن قضية الطفلة نجوى التي افترس ساقها كلب بيتبول بالدار البيضاء، خلقت شعورا بضرورة معالجة هذا المشكل. وفي غياب قانون منظم ورادع، كاد القضاء الابتدائي في هذه النازلة أن يبرئ مالكي الكلب لو تدارك الأمر في المرحلة الاستئنافية، بعد تصعيد حملة احتجاج وتضامن. رغم الضجة التي أحدثت لم يصدر أي قانون لحد اليوم يحد من اعتداءات هذه الكلاب. أكثر من ذلك، لقد سبق لوزارة الداخلية أن أصدرت منذ سنوات مذكرة تم تعميمها على السلطات المحلية، تنص على حجز بعض أنواع الكلاب الشرسة، من بينها البيتبول، لكن المذكرة ظلت هي الأخرى في الرفوف. خلاصة القول، إن الاستراتيجية الأمنية في المغرب تتطلب وضع الإمكانيات والميكانيزمات والفعالية على الأرض، كما أن محاربة جرائم الكلاب المفترسة تفرض إصدار قانون مقرون بآليات تطبيقه بشكل فعال.