أحمد العراقي ينتخب رئيسا بالإجماع انعقد مساء أول أمس السبت بالدار البيضاء، الجمع العام التأسيسي للائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي، الجمع الذي وضع ثقته بالإجماع في أحمد العراقي نظرا لخبرته العلمية والسياسية، وينص القانون الداخلي للائتلاف على انه جمعية وطنية ذات صبغة ثقافية يضع أعضاؤها من بين اهتماماتهم، تمثل النسق الهوياتي الوطني من خلال ترشيد الحقل اللغوي والحد من مظاهر الفوضى اللغوية في جميع الميادين. ويلتزمون بتحمل مسؤولياتهم في تفعيل هذا الورش انطلاقا من إيمانهم بقيم الواجب الوطني وعزمهم الاستفادة من التشخيص العلمي والتحليل الأكاديمي في كل أنشطته وتشجيع المبادرات الميدانية والملموسة ذات الصلة في مختلف القطاعات والمساهمة فيها، معتبرين أن هناك قصورا في فهم الواقع العالمي للغات مما أخل بوظيفة الانفتاح الدولي في كل المجالات التنموية. وأعلن المؤسسون - الذين يتشكلون في معظمهم من نخبة متميزة من خبراء اللغة والأساتذة الجامعيين ورجال الإعلام والكتاب والشعراء والفنانين والمقاولين وكفاءات من مشارب عديدة انخرطت عن قناعة في هذا الورش الوطني- أن الائتلاف مفتوح أمام كل الطاقات الوطنية في المغرب وخارجه في أفق توفير الشروط الموضوعية لكسب رهانات التنمية التي يعد الاعتزاز بمقومات الهوية الوطنية أهم مداخلها. لماذا الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي؟ يعتبر المؤسسون أن العديد من التجليات السلبية كانت هي الدافع لتأسيس هذا الإطار ومن بينها: الفوضى اللغوية التي تعيشها البلاد منذ عدة عقود يطبعها: - الطغيان الكاسح للسان الفرنسي على حساب اللغات الوطنية؛ - الاستهتار بالمقتضيات القانونية؛ - الإضرار بحياة المواطنين ومسار الوطن، بعد أن أصاب ميادين التعليم والاقتصاد والإعلام والثقافة والفضاء العام؛ - القصور في فهم الواقع العالمي للغات مما أخل بوظيفة الانفتاح الدولي في كل المجالات التنموية. - الإذكاء المتنامي للتفرقة والتنافر بدل تزكية التماسك الاجتماعي. وإدراكا لهذا الواقع، وأمام ضعف الوعي بمخاطره و كلفته الباهظة. ومن بين القناعات التي توحد حولها المؤسسون أيضا حسب بيان التأسيس، كون اللغة تعد الفضاء الذي يعبر فيه وبه الإنسان عن تصوره للعالم وللحياة وعن الأفكار والقيم، وأن كل الأوراش التنموية يجب أن تهدف أولا لسعادته المادية والمعنوية. واعتبروا أن توفير الأمن اللغوي يصب في مصلحة البلاد الاقتصادية والتنموية، ويساهم في الرقي بالإنسان المغربي المتشبع برصيده الثقافي وهويته ورسالته الحضارية، في مواجهة الفوضى اللغوية المنتشرة منذ عقود، دائما حسب البيان. وجاء في كلمة اللجنة التحضيرية التي تكونت من جواد العراقي، حسن الصميلي وأحمد بن الصديق، أن الائتلاف يهدف إلى أن يصبح إطارا مستقلا مكلفا بترشيد الحقل اللغوي، كورش وطني ذو أهمية كبيرة حالا ومستقبلا، لا تقل عن أي من الأوراش الكبرى المفتوحة وطنيا. وقد بدا من خلال النقاش الذي أعقب كلمة الافتتاح أن هناك توافقا حول تقليص أهمية اللغة الفرنسية في الاستعمالات اليومية وتبني اللغة العربية وحمايتها، وذهبت بعض المداخلات إلى حدود اعتبار أن اللغة العربية تتعرض لمؤامرة بهدف ضرب الهوية الوطنية، مسألة الهوية التي أثارت نقاشا بين المدافعين عن اللغة العربية وبعض ممثلي الجمعيات الأمازيغية الذين أكدوا على ضرورة أن ينطلق الترشيد من الهوية المغربية بشقيها العربي والأمازيغي، في الوقت الذي اعتبر فيه أنصار اللغة العربية أنها لغة المليار شخص وأنها -لغة واقع الحال- التي تمتلك القدرة على نقل الخطاب إلى داخل المنتديات الأممية، بينما يمكن الحديث في الثقافة الأمازيغية عن لغات أمازيغية لا وحدة بينها بانتظار ما ستسفر عنه المجهودات التي يقوم بها المعهد الملكي من توحيد لها، أي أنها لغة مازالت داخل المختبر، واعتبرت كلمة لممثلي الائتلاف أن ترشيد اللغة يعني العربية و الأمازبغية باعتبارهما ملكا للجميع وانه لا حق لأحد أن يزعم احتكار الرصيد الثقافي والهوياتي الوطني، وأن الائتلاف يعترف بكل العناصر المكونة لهذا الرصيد دون تفريط أو إقصاء لأي من هذه المكونات، هدفه العميق هو التوفيق ولم الشمل وعدم تشتيت المجهود بين المدافعين عن العربية والمدافعين عن الامازيغية، والرفع من مستوى اللغتين، ضدا على التقابل الذي تريد جهات أجنبية فرضه علينا. من جهة أخرى اعتبرت مداخلات أخرى أنه يجب التنصيص على الاهتمام بقطاع التعليم بالنظر لتأثيره الكبير على شتى مناحي الحياة. وخلص المتدخلون إلى كفاية أهداف الائتلاف وأن كثرة التدقيق تؤدي إلى تشتيت الجهود، داعين إلى تبني النظرة العلمية وتحري الموضوعية والابتعاد عن كل تشنج. نقاش بناء وهادئ مهد لانتخابات سلسة توافقت الآراء خلالها على انتخاب أحمد العراقي على رأس مجلس إداري يتكون من إبراهيم أقديم، حسن الصميلي، أحمد بن الصديق بشرى بارجال، أحمد رزيق، محمد بن جلون، عزيز ددان والحسن بوعياد. وأفرزت كذلك مجلسا وطنيا يتكون من محمد العراقي، سعيد كتان، محمد بلعيدي، محمد السهلي، ادريس مساعد، فاطمة لمغاري، جواد العراقي، عطاء الله، نبيل رشيد، محمد خليل، الحسني العلوي حسن، موسى الشامي، أمينة أو مليل، ريم نجاة، حمزة الكتاني وحمادي دحمان. وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان عن ميلاد هذا الائتلاف قد تم في ختام أشغال اليوم الدراسي الأول المنظم، من طرف «جمعية المسار» التي يرأسها جواد العراقي، بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية، بمناسبة الذكرى ال67 لتقديم وثيقة الاستقلال، حول موضوع «المسألة اللغوية، الورش الوطني الكبير».