المجتمعات المتوسطية كانت ضحية لتصادم الجهل أطلقت مؤسسة «آنا ليند» لحوار الثقافات» تقريرها السنوي لعام 2010، تحت عنوان «اتجاهات التفاعل بين الثقافات في منطقة الأورومتوسطي. ويرصد التقرير القيم والتحولات الاجتماعية في 13 دولة اورومتوسطية منها مصر و المغرب ولبنان وسوريا، ومن ضمن نتائجه استبعاد نظرية الصراع بين الحضارات وكشف وجود قيم مشتركة تقوم بالتقريب بين المجتمعات العربية الأوروبية. وطالب التقرير بدور محوري للإعلام من أجل التصدى للصور النمطية الغربية بخصوص الشارع العربي الذي أبان خلال الأحداث الأخيرة وخاصة في ميدان التحرير بمصر عن تعددية وتنوع نالت إعجاب العالم. وبحسب أندرو كلاريت المدير التنفيذي لمؤسسة «آنا ليند» فإن التقرير، يمثل أداة للمعرفة العلمية لاتجاهات التفاعل الثقافي في المجال الاورمتوسطي وتحليل العوامل الكامنة وراء تطورها. وقال إن التقرير سيشكل أداة عمل للمؤسسة ولصانعي القرار والرأي، وخارطة طريق للمبادرات الاجتماعية والسياسات العامة التي تهدف إلى بناء مشروع مشترك للبحر الأبيض المتوسط، موضحا أن نتائج التقرير كشفت أن مشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي تبع عملية برشلونة سنة 2008 يمكن بناؤه على قيم وتطلعات مشتركة بين مواطني المجال المتوسطي. وتابع أن الاستنتاجات أكدت أيضا أن الشراكة بين أوربا وبلدان المتوسط الأخرى ليست بناء سياسيا فحسب بل يمكن أيضا تصورها بناء على أبعادها الإنسانية والاجتماعية والثقافية إذا ما استجابت لحاجات المجتمعات التي تستهدفها، موضحا أن هذا الأمر يعد من أهم الاستنتاجات لأنه يؤكد الدور الاستراتيجي للأجندة الثقافية والإنسانية لأي مشروع مشترك في المنطقة. وأوضح أن التقرير شمل 130 ألف شخصا من الدول أل 13، تغطي أصولهم وأعمارهم وأوضاعهم الاجتماعية ومستويات تعليمهم وعقائدهم واقعا اجتماعيا وثقافيا شاسعا. ومن بين النتائج التي خلص إليها التقرير بحسب أندرو كلارك، إثبات أن المجتمعات المتوسطية كانت ضحية لتصادم الجهل، مبرزا أنه «حتى في وجود قيم مشتركة قد نتقاسمها مع بعضنا البعض فإن تصوراتنا لمفهوم الآخرين وللقيم التي ننسبها إليهم مضللة وتسبب الكثير من الصعوبات التي تواجهها أية إستراتيجية للحوار». وقد أكد أندري ازولاي رئيس مؤسسة «آنا ليند لحوار الثقافات» في تقديمه للتقرير أن النتائج التي تم التوصل إليها، أثبتت صحة اختيار المؤسسة للمناطق الإستراتيجية التي قررت أن تمنحها الأولوية في جهودها نحو إعادة الثقة والمصداقية في المنطقة من خلال التعليم والثقافة والدور الجديد الذي بوسعه تغيير الخطاب الإعلامي عندما يتحدث عن الأديان والحضارات والثقافات. وقال إن من شأن هذه النتائج أن «تتيح فرصة لخلق دينامية جديدة داخل المؤسسة وداخل شبكتها الواسعة من المجتمعات المدنية والمنظمات غير الحكومية وتعطينا أفكارا جديدة وتدعم موقفنا من أجل تغيير على نطاق واسع». وذكر ازولاي بأن المجال المتوسطي عانى على مدى عقود طويلة من التخبط والتلوث،ومن الحجج التي استخدمت للابتعاد عن إعطاء إجابة صريحة للقضايا السياسية الجادة من ناحية، والأعذار الواهية التي استغلها من يلجأون إلى الدين والحضارة لمواجهة نفس الملفات السياسية، مبرزا «أننا أصبح كلنا رهائن سواء كمشاهدين سلبيين أو كضحايا مأساويين بين يدي الذين قرروا مصادرة ثقافتنا وعقائدنا واستعمالها كأداة للبلية وسوء الإدراك وسوء التفاهم». يذكر أن التقرير السنوي لمؤسسة «آنا ليند أطلق على هامش المنتدى الإعلامي العربي الغربي الذي نظم أمس بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والذي حضرته نحو 150 من الشخصيات العالمية من رجال الإعلام وصانعي القرار وممثلي المجتمع المدني من ضمنهم أندري أزولاي رئيس مؤسسة آنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية وجونيللا كارلسن سفيرة السويد للتنمية والتعاون الدولي وجورج سمبايو الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات و ترينيداد خيمينز وزيرة الخارجية الأسبانية. وتمحورت أشغال المنتدى حول فحص الأحداث التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية منذ مطلع العام الحالي وانعكاساتها على العلاقات بين الثقافية داخل المجتمعات وفيما بينها وسبل دعم الديمقراطية وتحدي الصور النمطية والإسهام في إعادة الثقة بين المجتمعات.