أكدت أحدث الإحصائيات الرسمية تسجيل قفزات متسارعة في أعداد مستخدمي الإنترنت بالمغرب في دليل على نجاح الإصلاحات الحكومية في ترسيخ الاقتصاد الرقمي كبوابة للتنمية المستدامة. وأظهرت أرقام الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات أن عدد المشتركين في الخدمة تجاوز أكثر من 26 مليون مشترك موزعين على ثلاث شركات هي اتصالات المغرب التي تستحوذ على أكبر حصة من السوق المحلية إلى جانب إينوي وأورانج. وتتوقع الوكالة أن يصل رقم معاملات قطاع الاتصالات المحلي بنهاية العام الماضي إلى نحو 33 مليار درهم (3.4 مليار دولار) بارتفاع بنحو 208 ملايين دولار عن سنة 2017. وتؤكد المعطيات أن المخطط الوطني لتنمية التدفق العالي جدا وفر خدمة هاتفية ذات جودة وربطا بالإنترنت عالي التردد لفائدة 10740 قرية بتكنولوجيات من الجيل الثاني والثالث والجيل الرابع. وعرف المغرب في السنوات الأخيرة انتشارا متصاعدا للإنترنت والجيل الرابع، كما عرف قطاع الاتصالات خلال الربع الثالث من العام الماضي نموا مطردا للإنترنت في كافة القطاعات. وقد شدد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني في وقت سابق على أهمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمغرب، معتبرا أنه أحد أهم المحاور الرئيسية التي ستسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. ويرتبط مؤشر تحسن الخدمات الاتصالية بالاقتصاد المغربي من حيث مساهمته الحيوية في جلب الاستثمارات وتوفير فرص العمل وتقليص الفوارق المجالية إلى جانب ارتفاع تنافسية الاقتصاد، ولهذا يستثمر المغرب في البنية الأساسية لقطاع الخدمات الرقمية باعتباره ضمانة لمسايرة التحولات العالمية على عدة مستويات. ولتنفيذ خططها، حصلت الرباط على قرض بقيمة 610 ملايين دولار من البنك الدولي في فبراير الماضي لدعم التحوّل الرقمي للاقتصاد. ويأتي هذا الدعم في إطار شراكة أوسع بين المغرب والبنك الدولي، تسعى إلى تسخير إمكانات التقنيات الرقمية لتعزيز روح المبادرة والإنتاجية ومبادرات الحكومة الإلكترونية لدفع الابتكار والنمو الشامل. وتبلغ حصة اتصالات المغرب من مجموع المشتركين في خدمات الاتصالات الهاتفية نحو 42 بالمئة بنحو 20.25 مليون مشترك، تليها أورانج بنحو 16 مليون مشترك، ثم إينوي بما يناهز 10.76 مليون مشترك. وفي بحث أنجزته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات أكدت أن اعتماد الهواتف الذكية، التي تستعمل بشكل كبير لاستخدام الإنترنيت يوضح اهتمام المستعملين. وأشار التقرير إلى أن الشريحة الأكبر من مستخدمي الهواتف الذكية تتراوح أعمارهم بين 12 و24 عاما. وتتطلع الاستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2020"، إلى تسريع التحول الرقمي للبلاد وتعزيز مكانتها على المستوى الإقليمي والدولي في مهن تكنولوجيا المعلومات. كما تريد السلطات تحقيق أقصى استفادة من استخدام الرقمنة وتحفيز ريادة تقنية المعلومات والاتصالات لدعم التطور الأوسع للمغرب، كما يشكل تحسين الوصول إلى الإنترنت أحد الأهداف الرئيسية للخطة. وكان وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي حفيظ العلمي قد أكد أن بلاده تأمل في أن تجعل من المجال الرقمي رافعة تنموية حقيقية، حيث تعد استراتيجية المغرب الرقمي 2020 فرصة سانحة لتأمين إقلاع رقمي ناجح. وقال في تصريحات صحافية مؤخرا أن هذه الخطوة تعد "إيذانا بدينامية تحول جديدة لقطاع الاقتصاد الرقمي ولمختلف فاعليه". وتعتقد الحكومة أن تزايد المتعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرامج والاستراتيجيات ذات الصلة، يفرض إعادة النظر في طريقة تدبير هذا الملف، في إطار حوكمة واضحة المعالم تتضمن فاعلية أفضل ونجاعة أحسن. وفي هذا الإطار سيتم التحضير لعقد اجتماع المجلس الوطني لتكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي، لكن الحكومة لم تذكر بالتدقيق متى سيتم هذا الحدث. واعتبرت رئيسة فيدرالية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأوفشورينغ سلوى قرقري بلقزيز أن الرقمنة تشكل العمود الفقري للنموذج التنموي الاقتصادي الجديد. وأشارت إلى ان التحول الرقمي يمثل قوة حقيقية لتطوير كافة القطاعات الاستراتيجية للمغرب، ولتعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة إشعاعه في الخارج. وأكد نائب رئيس الفيدرالية يوسف العلوي أن التوجه نحو جعل التحول الرقمي أولوية من خلال الجمع بين الثورة الرقمية وثقافتها وإمكانياتها. وقال إن "عملية الرقمنة، التي تعد المحرك الحقيقي لعجلة التطور بالمغرب والقارة الأفريقية حيث أصبحت مصدرا أساسيا تعمل على تلبية احتياجات المواطنين اللامتناهية". لكنه استطرد بالتأكيد على أن التحدي الجديد هو جعل الموارد البشرية حجر الزاوية في تحولها الرقمي. ماموني العلوي