انطلقت أبحاث علمية ودراسات ميدانية بالمنتزه الوطني للحسيمة تروم توعية السكان المحليين بمصادر وعواقب التلوث البلاستيكي وإيجاد حلول للتقليص من استخدام البلاستيك ثم تحسين نظم جمع ومعالجه النفايات البلاستيكية. ويتطلع المشروع ” أمواج بدون بلاستيك ” ( ressacs sans plastiques)، الذي تشرف عليه الجمعية المغربية للعلوم الجهوية بالمغرب برئاسة البروفسور الخطابي عبد اللطيف، أستاذ المدرسة الغابوية للمهندسين، ومدعم من قبل من مؤسسة الأمير ألبرت الثاني بموناكو (Fondation Prince Albert II de Monaco) في إطار برنامج”beMed” (beyond plastic méd)، إلى الحد من الاضرار الوخيمة التي يشكلها البلاستيك، إذ يتطلب من جميع الدول اتخاذ عدة إجراءات وتنفيذ عدة مبادرات تتمثل في إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية وإيجاد بدائل للتعويض عن استخدامها. واختير المنتزه الوطني للحسيمة مكانا للاشتغال على هذا المشروع، نظرا لما يزخر به من ثروات نباتية حيوانية و مآثر تاريخية حيث يعتبر المنتزه الوحيد في المغرب المطل على ساحل البحر المتوسط، و يتألف من عدة صخور ضخمة وجزر. ويتميز موقع البحث بتضاريس جيولوجية تتعرض للرطوبة والتأثيرات البحرية، وهي عوامل تزيد من قيمته الطبيعية. ويحتوي المنتزه على 60 نوع من الطيور خاصة السرنوف العركي، ونورس آدوان، وعقاب البحر فضلا عن أنواع كثيرة من الكائنات البحرية كالفقمة وكذا 86 نوع من الأسماك وثلاث فصائل من الدلافين والمرجان الأحمر. وثروة نباتية منها العرعار والخروب، والبلوط القرمزي والحلفاء والدوم، النسرين الزعرور. ويضم المنتزه مغارات ذات قيمة طبيعية وبيولوجية وشواطئ خلابة تجذب السياح من كل حدب. ويتوفر المتنزه على مختلف المسارات لزيارة المناطق الأثرية مرورا بمناظر طبيعية متنوعة تعد موطنا للثروات النباتية والكائنات الحيوانية المحلية. ومن أهم هذه المسارات نجد “طوريس _باديس،” “كالا ايريس”، “تيقيت”، ويشهد الموقع تزايد تدفق السياح خاصة في الصيف الذي يشهد عودة المهاجرين الى موطنهم المغرب. لم يسلم المنتزه، مثل باقي المنتزهات، من مشكل التلوث البلاستيكي الذي يؤثر سلبا على جودة المناظر الطبيعية وحاله التنوع البيولوجي القاري والبحري. وتتمثل هذه النفايات البلاستيكية في القنينات والأكياس البلاستيكية، التي يتم نقلها بواسطة حمولة الوديان الى مياه البحار. ويستهدف مشروع “ressacs sans plastiques” توعية السكان المحليين بخطر التلوث البلاستيكي في المحمية البحرية وإمكانيه تدوير هذه النفايات. وذلك من خلال توعية معلمي المدارس الابتدائية وطلابهم وكذلك تعاونية نسائية متخصصة في التعزيز الحرفي للمنتجات النباتية المحلية. مما سيساعد على الحد من التلوث المحلي وأثره علي البحر الأبيض المتوسط ويساعد أيضا على إدرار الدخل للسكان المحليين ولا سيما النساء الريفيات. وانطلاقا من الحلول المقترحة والمنفذة من قبل المشاركين في المشروع سيتم إيجاد طرق لجمع وتقليص وإعادة استخدام الأشياء البلاستيكية، وخاصة الزجاجات البلاستيكية التي يتم إلقاؤها على الأرض وعلى الشواطئ. بالإضافة إلى أفكار للتعويض عن استعمال البلاستيك. وتعتمد هذه المبادرة على الاشتغال عن طريق آليات وميكانيزمات حديثة من بينها التفكير التصميمي “la pensée design” الذي يعد أسلوبا فكريا ومدخلا لحل المشكلات المعقّدة ويسمى أيضاً بالتصميم المتمحور حول الإنسان. وهو عملية تبدأ بالفئة المراد التصميم لها وتنتهي بحلول جديدة مفصّلة لحاجاتهم. ويتمركز التصميم المتمحور حول الإنسان على بناء التعاطف العميق بين المستخدم الأساسي؛ لتعدادية الأفكار، بناء نماذج أولية، مشاركة ما تم تصميمه مع الفئة المنتقاة وأخيراً نشر الحلول المبتكرة مع العالم. وفي إطار هذه المبادرة تم عقد أول ورشة يوم 23 نونبر 2019 بالمدرسة “الجمعاتية الرواضي” وذلك بحضور أساتذة التعليم الابتدائي العاملين بجماعتي “الرواضي” و”إزمورن” حيث تم التطرق الى مشكل التلوث البلاستيكي إضافة الى موضوع التفكير التصميمي وكيفية تطبيقه وقد أشرف على تأطريها الدكتور الخطابي عبد اللطيف رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوية معية السيدة ديان برونو من جامعة مونكتون الكندية. وشكلت الورشة فرصة لتوعية المعلمين بتأثير المواد البلاستيكية على البيئة حتى يتمكنوا من تبادل المعلومات مع الطلاب. وكما مكن الملتقى من تطوير دليل تربوي حول التفكير في التصميم مع الأخذ بعين الاعتبار المشكلة العامة ل “البلاستيك في البحر الأبيض المتوسط”، حيث يجب على المعلمين جعل مراحل التفكير في التصميم حقيقة واقعه. ثم تم امداد الأساتذة بكافة المفاهيم حول البلاستيك من اجل توسيع رصيدهم المعرفي.وتزويد المشاركين بالمعرفة والمهارات الأساسية بشأن الممارسات الجيدة في الحد من استخدام النفايات البلاستيكية. وتناولت الورشة عدة عروض حول التلوث البلاستيكي كان من ضمنها عرض عن البلاستيك انواعه وأضراره على البيئة، إذ يتكون البلاستيك من سلاسل طويلة من الجزيئات تسمى البوليمرات، تتشكل من ارتباط جزيئات صغيرة يطلق عليها اسم المونومرات، وعادة ما تحتوي الكربون وعناصر أخرى، كما يضاف إلى هذه البوليمرات مركبات أخرى لتغيير خصائص المنتج النهائي وجعله أكثر ملاءمة للغرض الذي صنع من أجله، كأن يكون أكثر قوة أو ذا لون معين. كما تم عرض بعض الحلول والأفكار لإعادة الاستخدام أو بدائل للبلاستيك من قبيل إمكانية استبدال الأكياس البلاستيكية بأكياس من الثوب التي يمكن أن تتحمل وزن أي بضاعة مع غسلها في حالة اتساخها. وبذلك يمكن توفير المال من جهة ومن جهة أخرى تعمل على تقليص استخدام الاكياس البلاستكية بكثرة . واستفاد المشاركون من عرض حول التفكير التصميمي وأهم مراحله. ويتميز هذا الأسلوب بالقدرة على الجمع بين التعاطفِ مع ظروف مشكلة ما، والإبداعِ في توليد رؤى وحلول منطقية لها، وفي تحليل وتكييف هذه الحلول تبعا لظروف المشكلة. ويرتكز هذا الأسلوب على خمس مراحل تتجلى في التقمص والتعريف التفكير بإبداع والنموذج المبدئي والتجربة والاختبار. وتخلل الورشة عدة نقاشات مستفيضة وحوارات مثمرة، فضلا عن عدة عروض تقديمية. كما استعرضت بعض الفيديوهات التي تتناول إشكالية استفحال ظاهرة البلاستيك . . وتوزع المشاركون خلال الورشة على أربع مجموعات عملت على تحديد جميع المنتوجات البلاستيكية المستخدمة في المجالات كل من التجارة والفندقة والصيد الفلاحة والاستعمالات العائلية. ومن أهم ما ورد فيما يتعلق بهذه المنتوجات نجد القنينات البلاستكية ومستحضرات التجميل والأواني البلاستيكية والأكياس البلاستيكية ومواد التنظيف. واستخلصت المجموعات الأربع عدة مقترحات تهم التقليص من البلاستيك كان من أبرزها تعويض بعض المنتوجات المكونة من البلاستيك بالزجاج والثوب. وكذا إعادة تدوير البلاستيك بابتكار بعض أغراض الزينة عن طريق تشكيل العبوات البلاستيكية وصنع ورود للتزيين مثلا، ثم الحث على فرز المخلفات، وتثمين المنتوجات المصنوعة أساسا من الخشب، والقيام بورشات ذات أهداف توعوية تحسيسية. يشار أن الملتقى شهد خلال اختتام الورشة إنشاء مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تسمح للأساتذة بنشر صور وفيديوهات للأنشطة التي سيقومون بها مع تلامذتهم.