استقبلت المجموعة النيابة لحزب التقدم والاشتراكية أول أمس الثلاثاء بالبرلمان وفدا عن شباب مدينة الفنيدق، لطرح إشكالية إغلاق المعبر الحدودي بين مدينة سبتةالمحتلة ومدينة الفنيدق. وقدم الوفد الشبابي الذي يمثل الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بالفنيدق صورة عن الأوضاع التي آلت إليها المدينة بعد إغلاق المعبر الحدودي بشكل نهائي في وجه العبور. وشخص الفرع الإقليمي لحزب “الكتاب” الأوضاع المزرية التي أضحت تعيشها ساكنة المنطقة، حيث رسم المتدخلون صورة قاتمة عن الممارسات التي يتم نهجها على المعبر الحدودي التي تحط من كرامة الإنسان. أولى النقاط التي طرحها شباب الفنيدق على المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، تلك المتعلقة بممارسات السلطات المغربية على الحدود والتي تعتمد على “إهانة” المواطنين والمواطنات المغاربة، مما جعل نظرائهم الإسبان في الجمارك يمارسون ذات الأفعال ويلجؤون للارتشاء وأشياء أخرى حاطة بكرامة النساء والأطفال والرجال المغاربة الذين يعبرون بين سبتةالمحتلةوالفنيدق في إطار ما يسمى ب”التهريب المعيشي”. في هذا السياق، أوضح المتدخلون أن التهريب المعيشي أضحى المدخول الوحيد لآلاف الأسر بالإقليم، والضواحي، حيث كانوا يلجؤون إلى إدخال السلع من سبتة إلى الفنيدق من أجل إعادة بيعها، مشيرين إلى أن العملية تطورت عبر سنين وعرفت دخلاء كثر وظهور شبكات منظمة للتهريب يتورط فيها مسؤولون مغاربة وإسبان. هذه الإشكالات أدت إلى تراجع عمل البسطاء من المغاربة والعاملين العاديين مقابل استقواء التجار الكبار والشبكات المنظمة التي أصبحت تنشط بالمنطقة حتى بعد إغلاق المعبر، حيث أصبحوا يلجؤون إلى الموانئ بتواطؤ السلطات. المتدخلون من شباب الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية أكدوا أن هذا التهريب المعيشي وإن كان غير قانونيا إلا أنه أصبح عرفا وأصبح يشكل مدخولا ماديا أساسيا لأبناء المنطقة والأسر بسبب غياب بدائل اقتصادية حقيقية قادرة على النهوض بالأوضاع الاجتماعية للساكنة. وأوضح المتدخلون أنه بسبب سوء المعاملة والتلكؤ في القيام بالواجبات من قبل السلطات المغربية في الحدود، سقط حوالي 11 قتيلا وسط المهربين المعيشيين المغاربة من نساء ورجال وأطفال، مما أدى إلى إغلاق المعبر الحدودي بشكل نهائي من الجانب المغربي قبل 3 أشهر. هذه المدة التي تعد الأطول، قال المتدخلون إنها أدت إلى تدهور أوضاع المدينة وأوضاع ساكنتها، حيث لاحت مجموعة من المشاكل الاجتماعية في الأفق، بما في ذلك هجرة مجموعة من الساكنة التي كانت تستقر سابقا في المدينة للعمل فقط، بعدما سبق وأن قدموا من مناطق مختلفة من المغرب. إلى جانب ذلك، طالب المتدخلون بحلول عاجلة للأزمة التي أحدثها إغلاق الحدود، من ضمنها حلول آنية تكمن في إعادة فتح الحدود وتنظيم عملية المرور وجعلها تحترم حقوق الإنسان وتحترم المواطنات والمواطنين المغاربة بكلا الجانبين المغربي والإسباني، فضلا عن وضع لائحة لتحديد العابرين بين الضفتين، بالإضافة إلى منع المبيت الليلي الذي يستمر لأيام ويحط من كرامة النساء والأطفال خصوصا، وكذا الرجال والشباب، حيث تنعدم الشروط الإنسانية ويبيت المئات لأيام في العراء وبدون أدنى شروط السلامة والعيش الكريم. اختيار هذا الحل، يبرره شباب الفنيدق بكون المدينة تعيش شبه حصار اقتصادي بسبب إغلاق الحدود، حيث هوى سعر المحلات التجارية وخطر الإفلاس الذي أضحى يهدد التجار بالمدينة، فضلا عن العطالة التي أصبح فيها معظم الشباب. ولمعالجة هذا الوضع بصفة عامة، دعا المتحدثون إلى ضرورة تنزيل مخطط المدينة الحرة، وإقامة منطقة صناعية وفتح معامل جديدة، لاسيما وأن المدينة كانت تحتضن معامل كبرى في العقود الأولى بعد الاستقلال، قبل أن يتم تحويلها وإقبار المدينة اقتصاديا وجعل موردها الوحيد عبر الحدود. إلى ذلك، طالب شباب الفنيدق بضرورة مواجهة الشبكات المنظمة التي تضم أشخاصا لا علاقة لهم بالمدينةوالإقليم والذين يقومون بممارسات تمس بهذا التهريب المعيشي البسيط الذي يذر مداخيل على آلاف الأسر ويوفر النفقات الأساسية للعيش الكريم، بالإضافة إلى مطالبهم بحماية المدينة من الأحياء الهامشية التي تسببت فيها الهجرة، حيث قدم الشعرات من مدن مختلفة واستقروا بشكل عشوائي بإيعاز من بعض المسؤولين، الذين ساهموا في المشكل. وإداريا، قدم المتدخلون ملفا يضم الخروقات لبعض المسؤولين وأعوان السلطة الذين سمحوا بتفشي الفساد في المدينة سواء من خلال تراخيص البناء أو منح شهادات السكنى لأشخاص لا يقطنون بالمدينة، أو المسؤولين بالمعبر الحدودي الذين يقومون بمعاملات تفضيلية بين الأشخاص، والتي أدت في كثير من الأحيان إلى الفوضى التي بدورها تخلف ضحايا بين قتلى وجرحى. من جانبها، عبرت رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية عائشة لبلق التي كانت مرفوقة بكريم تاج عضو المكتب السياسي عن استعداد نواب الحزب للدفاع عن مشاكل ساكنة الفنيدق والأزمة التي يعيشونها، ومساءلة الحكومة بشأنها وبشأن الإجراءات البديلة التي وضعتها قبل التفكير في إغلاق المعبر الحدودي. لبلق وفي كلمتها، أكدت على أن جميع الحلول يجب أن تكون قانونية وأن تعود الحياة للمدينة اقتصاديا واجتماعيا، عبر توفير حلول اقتصادية حقيقية وقانونية، بما في ذلك تنظيم العمليات التجارية بين الفنيدقوسبتةالمحتلة بشكل قانوني. وأضافت لبلق أن برلمانيي الحزب سبق وأن طرحوا مشكل المعبر الحدودي وما تتعرض له النساء من تضييقات ومس بكرامتهن، مشيرة إلى التحقيق الذي أنجزته اللجنة الاستطلاعية التي شاركت فيه جميع الفرق البرلمانية والمجموعة النيابية والذي توقف بدوره على الممارسات المشينة لبعض أعوان السلطة والمسؤولين، وكذا تفشي مظاهر الرشوة والفساد مقابل التضييق على المواطنين البسطاء والحط من كرامتهم. وشددت المتحدثة على أن هذه الأزمة ستشكل منطلقا للدفاع عن قضايا ساكنة المدن الحدودية سواء بالشمال أو الشرق، ومسائلة الحكومة عن البدائل الاقتصادية الحقيقية للسكان، وضمان العيش الكريم لمختلف الفئات، فضا عن مساءلة القطاعات المعنية عن الظروف الإنسانية الصعبة، سواء حقوق الإنسان فيما يتعلق بالظروف الصعبة للنساء واستغلال الأطفال القاصرين في العمل وإهانتهم، فضلا عن قطاع السكنى والتعمير والدور الذي يقوم به لمحاربة السكن العشوائي بالمدينة، بالإضافة إلى وزارة الاقتصاد والمالية المسؤولة عن المشاريع الاقتصادية والمدن الصناعية الحرة أو مناطق تسريع الصناعة. وأكدت رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية أن جميع النواب سيترافعون عن قضايا ساكنة إقليمالفنيدق وعبرهم مختلف ساكنة المدن الحدودية، منوهة بالمجهودات التي يقوم بها فرع حزب الكتاب بمدينة “الفنيدق”. من جهته، نوه كريم تاج عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بالعمل الذي يقوم به الفرع الإقليمي للحزب بالفنيدق والضواحي، مشيرا إلى أن تندرج ضمن خطة “تجذر” التي سبق للحزب وأن أطلقها. وشدد تاج على أن هذا العمل يجب أن يستمر بشكل أقوى من أجل متابعة مشاكل الساكنة، والاستمرار في النقاش مع مختلف القوى السياسية والجمعوية بالمدينة لتكثيف الجهود والخروج بحلول حقيقية للمشاكل، مؤكدا على أن عمل الحزب ينطلق من الميدان وبالالتحام بقضايا المواطنات والمواطنين ومواكبة مسار النضال، الذي قال إنه طويل خصوصا في قضايا كبرى مثل قضية المعبر الحدودي والبحث عن بدائل اقتصادية للمدينة. ودعا تاج إلى خلق نقاش بين مختلف مكونات مدينة الفنيدق وساكنتها، والتجار والانفتاح على جميع المكونات السياسية، وفعاليات المجتمع المدني، لبلورة حلول حقيقية وتقديم المطالب بشكل مؤطر مؤسساتيا، مجددا التأكيد على أن حزب التقدم والاشتراكية سيظل يصغي لهموم جميع المواطنات والمواطنين والدفاع عنها انطلاقا من موقعه وموقع مناضلاته ومناضليه. محمد توفيق أمزيان