كشف البحث الوطني الثاني الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط أن العنف ضد النساء، على الرغم من طابعه البنيوي، عرف، بشكل عام، تراجعا ملحوظا،حيث انخفضت نسبة النساء اللائي تعرضن لفعل واحد من العنف على الأقل ب 6 نقط، منتقلة من 63٪ إلى 57٪ إذا ما اعتبرنا الفئة العمرية 18-64 سنة من النساء موضوع البحث. فقد تراجعت هذه النسبة، حسب نتائج البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء في 2019 ب 10 نقاط في الوسط الحضري وحوالي نقطة واحدة في الوسط القروي. كما كشف البحث ذاته، أن من بين 13.4 مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و74 سنة، تعرضت أزيد من 7.6 مليون امرأة، خلال الاثني عشر شهرا السابقة للبحث، لنوع واحد من العنف على الأقل، وذلك كيفما كانت أشكاله ومجالاته، وهو ما يمثل 57٪ من النساء. ووفق البحث ذاته، فقد عرف العنف النفسي والجسدي تراجعا مقابل تزايد العنف الجنسي، مبرزا، في هذا الصدد، أن معدلات انتشار العنف النفسي انخفضت بحوالي 9 نقاط منتقلة من 58٪ إلى 49٪ والعنف الجسدي بنقطتين منتقلة من 15٪ إلى 13٪ ، فيما اتسعت دائرة العنف الاقتصادي ب 7 نقاط منتقلة من 8 ٪ إلى 15 ٪ ، والعنف الجنسي ب 5 نقاط من 9 ٪ إلى 14 ٪. وخلص البحث الوطني الثاني إلى أن التحرش الجنسي يبقى هو العنف الرئيسي الممارس ضد المرأة في الأماكن العامة، مشيرا إلى أن 13 ٪ من النساء تعرضن للعنف خلال 12 شهرا الماضية، في الأماكن العامة، أي حوالي 1.7 مليون امرأة. وبحسب المصدر ذاته، فإن هناك استمرار امتناع النساء ضحايا العنف عن التبليغ، حيث سجل أن 10.5 في المائة، فقط، من النساء ضحايا العنف، هن من تقدمن بشكاية إلى الشرطة أو إلى السلطات المختصة، وأن هذه النسبة لا تتجاوز 8 في المائة في حالة العنف الزوجي مقابل 11 في المائة في حالة العنف غير الزوجي، مشيرا إلى أن حل النزاع عن طريق التسوية والتدخل الأسري والخوف من الانتقام من طرف الجاني وكذا مشاعر الخجل أو الحرج، خاصة في حالات العنف الجنسي، يعتبر من بين الأسباب الرئيسية التي تمنع الضحايا من تقديم شكاية إلى الجهات المختصة. وبحسب البحث ذاته، فإن حوالي حوالي 38% من النساء و40 % من الرجال يعتبرون أن تحمل المرأة للعنف الزوجي أمر مقبول للحفاظ على استقرار الأسرة، في حين تبلغ هذه النسبة 53 % لدى النساء بدون مستوى تعليمي مقابل 9 % لدى النساء بمستوى تعليمي عال. ويرتفع مستوى هذا التصور لدى الرجال المطلقين “50 %” والرجال بدون مستوى تعليمي “50 %” والرجال القرويين “48 %”. وبخصوص تقبل العنف من عدمه لدى بعض فئات المجتمع، كشفت نتائج البحث الوطني أن 27 % من النساء و31 % من الرجال، يعتبرون أنه يحق للزوج أو الشريك الحميم معاقبة زوجته أو شريكته عند ارتكابها لخطأ ما. وتصل هذه النسب إلى أعلى مستوى لها بشكل متساو بين النساء والرجال القرويين “36 %” وبين النساء والرجال بدون أي مستوى تعليمي “35 %” فيما تبلغ هذه النسب 32 % بين النساء البالغة أعمارهن 60 سنة فما فوق و 31 % بين الرجال من نفس الفئة العمرية. وأورد البحث الوطني، أنه، مع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة وتوسيع الشبكات الاجتماعية، برز شكل آخر من أشكال العنف يسمى ب “العنف الإلكتروني” بنسبة انتشار تبلغ 14 ٪ أي ما يقارب 1.5 مليون امرأة ضحايا للعنف الإلكتروني من خلال البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية القصيرة . وخلص البحث الوطني إلى أن أكثر من نصف النساء والرجال ليسوا على علم بوجود القانون 13-103 المتعلق بالحماية من العنف ضد المرأة، حيث يؤكد أكثر من 58 % من النساء و 57 % من الرجال جهلهم بوجود هذا القانون. يشار إلى أن هذا البحث تم إنجازه على صعيد جميع جهات المملكة، خلال الفترة الممتدة بين فبراير ويوليوز 2019 ،حيث شمل عينة من 12000 فتاة و امرأة، و 3000 فتى و رجل، تتراوح أعمارهم بين 15 و 74 سنة.