محمد الگلاوي: بإمكان الوزير الأول اختيار كافة الوزراء بمن فيهم وزراء السيادة عبد اللطيف أوعمو: ستصبح الحكومة مسؤولة على السياسة العامة للبلاد حظيت مؤسسة مجلس الحكومة بموقع مميز في الخطاب الملكي لتاسع مارس 2011، إلى جانب باقي المرتكزات الست الأخرى للمراجعة الدستورية المرتقبة. ففي سياق توطيد مبدإ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، تحدث الخطاب الملكي لتاسع مارس عن حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب، وتكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي يتصدر انتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، وتقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية وقيادة تنفيذ البرنامج الحكومي ودسترة مؤسسة مجلس الحكومة وتوضيح اختصاصاته. هذه المبادئ المهمة، المتعلقة بدسترة المنهجية الديمقراطية في اختيار الوزير الأول وبتعزيز المسؤولية السياسية للحكومة، ترتبط، حسب عبد اللطيف أوعمو، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، بتقاطع واضح مع جزء كبير من مطالب القوى الديمقراطية، المعبر عنها على الأقل منذ بداية تسعينات القرن الماضي. فقد ذهبت المذكرة التي رفعها حزب التقدم والاشتراكية عام 1992، يقول عبد اللطيف أوعمو، إلى طرح الحاجة إلى فريق حكومي منسجم يتحمل الوزير الأول المعين، مسؤولية اقتراح أعضائه، ثم إلى الإقرار الدستوري بواقع المجلس الحكومي وإعطائه تعريفاً قانونياً يحدد بكل دقة اختصاصاته..وبعد تأسيس الكتلة الديمقراطية، يضيف أوعمو، ستبادر هذه الأخيرة إلى رفع مذكرة جديدة، أعادت فيها التأكيد على جوهر المطالب التي تم التقدم بها، عبر الدعوة إلى قيام حكومة مسؤولة كمؤسسة تنفيذية تكون ممثلة للأغلبية وتتكون من فريق منسجم يتحمل الوزير الأول المعين مسؤولية اقتراح أعضائها، مع التأكيد على مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب، وتحديد مهامها ودورها في إدارة السياسة العامة وممارسة الوظيفة التنفيذية والسلطة التنظيمية، ودسترة مجلس الحكومة، والتنصيص على دورية اجتماعات مجلس الوزراء وإمكانية تفويض رئاسته. ونحن نتطلع اليوم إلى صلاحيات خاصة للحكومة وللوزير الأول، يؤكد النقيب أوعمو، الذي أوضح أن حزب التقدم والاشتراكية يشكل في الظرف الراهن مختبرا يغلي بأفكار ومقترحات، سيتم تقديمها بداية الأسبوع الجاري، تصب كلها في اتجاه وضع معالم دستور نتصور أن تصبح فيه الحكومة مسؤولة عن الإشراف على السياسة العامة للبلاد وعلى تنفيذها، خاصة وأن موقف الوزير الأول سيصبح أقوى، اعتبارا لكونه سيعين من الحزب الذي حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، مما سيعيد الاعتبار إلى الأحزاب، المطالبة، بالتالي، بتأهيل أطرها وتخليق أجهزتها. وهو ما شدد عليه محمد الكلاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي يرى، حسب توضيحات قدمها لبيان اليوم، أن الوزير الأول، المعين من الحزب المحتل للصف الأول في الانتخابات، يمكنه، في حال إعمال السلطة التنفيذية، اختيار كافة الوزراء بمن فيهم وزراء السيادة، وسيتم قطع الطريق أمام التقنوقراط. وسيكون لهذا المعطى الهام تأثير على الهيئات السياسية التي ستستقطب أطرا راغبة في الانخراط في العمل الحزبي، حتى لا تبقى بعيدة عن العمل السياسي الذي سيصبح هو الآخر مؤطرا بواقع جديد، يتمتع فيه المجلس الحكومي بصلاحيات واضحة في كل ما له علاقة بمجال السياسات العمومية وطريقة تدبير الإدارة والمرافق العمومية. بيد أن فعالية المجلس الحكومي وارتباطاتها بالمجلس الوزاري وتأثيراتها الجانبية على العمل الحزبي، يضيف محمد الكلاوي، يظل مرتبطا بالشكل الذي سيتخذه الفصل 19، مؤكدا أنه في كل الحالات سيكون المجلس الحكومي، بعد التعديل الدستوري مضطرا للانعقاد في دورات منتظمة، ومسؤولا بشكل مباشر أمام الوزير الأول، الذي سيتحمل نتائج تطبيق السياسة الحكومية. ويرى الكلاوي أن فصل السلط من شأنه تقوية السلطات التنظيمية للوزير الأول، وسيمنح المجلس الحكومي إمكانية البت في عدد من المراسيم كانت تصادق عليها الحكومة، وتنتظر تأشيرة المجلس الوزاري، هذا إلى جانب اتساع المجال القانوني من خلال مراجعة الفصل 46، إذ من المؤكد، يقول أستاذ العلوم السياسية،أنه أصبح من الضروري توسيع صلاحيات البرلمان وإرساء علاقات جديدة بين البرلمان والحكومة، لأن كل سحب لاختصاص من اختصاصات الملك، يعني بالضرورة إضافتها إلى الحكومة، التي سيتسع نطاق اختصاصاتها.