أكدت الشاعرة أمينة الأزهر على أن عشق الكلمات سكنها منذ الطفولة، بحكم أنها عاشت وسط أب يحب القراءة وأم كانت لا تكف عن سرد قصص الأنبياء والرسل، وما كانت تعيشه المدينة من حركية ثقافية، وبتأشير من أخيها الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر الذي يرجع له الفضل في توجيهها نحو عالم الإبداع. وتحدثت الأزهر في حوار أجرته معها بيان اليوم على هامش توقيع أول باكورة أعمالها “غيمة تمنعني من الرقص”. حيث أبرزت أن نصوص هذا الديوان تتسم بالقصر، واعتبرت أن اللغة كنز لا يجب تبذيره، واستحضرت في ديوانها، أم الربيع النهر الأسطوري وعبق الأزقة والأضرحة… وحاولت رفع ضمير المتكلم المؤنث عاليا، دفاعا عن أفق تؤثث لقيمة المواساة، بدل مسخ الدونية، اعتبرت أن الذوبان في النحن قد ذهب زمانه مع الإديولوجية الاشتراكية. واعتبرت أمينة الأزهر الشعر ملجأ ترنو إليه لتخلص الذات مما تحمله من ضغوطات من أجل الانتصار للحياة ضد رداءة الكون، وأن للحياة تأثيرا واضحا على نصوصها. وأبرزت الأزهر أن الساحة الأدبية تعج بالمبدعين في كل المجالات، بغض النظر عن الأجناس الأدبية المتداولة، الشعر القصة والرواية، وفيما يلي نص الحوار. في البداية، نريد التعرف على بدايتك في عالم الكتابة، متى وكيف؟ منذ الطفولة، سكنني عشق الكلمات في كنف أسرتي المثقفة، كان الوالد رحمه الله يقرأ باستمرار القرآن الكريم بصوت عال، وأمي رحمها الله لم تكن تكف عن سرد قصص الأنبياء والرسل، وإخوتي يهوون القراءة والكتب. على ضفاف أم الربيع، وفي رحم جنباته الفاتنة، أصبت بفيروس الكتابة، بفضل أساتذتي المميزين، وما كانت تعيشه المدينة من حركية ثقافية، وبتأشير من أخي الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر، إذ كنت أراقبه في مرسمه وهو يبدع لوحاته، محولة الألوان والأشكال والرموز إلى نصوص نثرية، وفي رحاب الجامعة انخرطت في العمل الشبابي والجمعوي وصقلت موهبتي الشعرية. الانتقال إلى الدارالبيضاءالمدينة الغول، والعمل في مجال المحاسبة كان على حساب إنتاجي الإبداعي، لكن وبإلحاح أصدقائي المبدعين والكتاب، عدت إلى فضاءات الكتابة نثرا وشعرا، بل إن أول ما نشر لي كان بمبادرة من أولئك الأصدقاء، ودون علم مني. ما هي أبرز أعمالك التي صدرت؟ “لم أمت بعد” قصة قصيرة نشرت لي بجريدة وطنية سنة 1990، كما نشرت لي في السنتين الأخيرتين، بعض النصوص في جرائد وطنية أخرى، وديوان معنون ب “غيمة تمنعني من الرقص”. هل لك أن تتحدثي لنا ولو بشيء من الإيجاز عن هذا الديوان؟ “غيمة تمنعني من الرقص” أول صدور لي عن مؤسسة (Mazagan Print ) وهو عبارة عن ديوان شعري، يتضمن 43 نصا شعريا إضافة إلى شذرات شعرية معنونة ب “انكسارات شذرية”. وقد صمم الغلاف وأبدع اللوحة المزينة لعتبته الأولى، شقيقي الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر. يقع الديوان في 78صفحة من القطع المتوسط، وقع تقديمه مشكورا الأديب شكيب عبد الحميد الذي وصف هذه التجربة بالقول: .. “من أحضان الفن جاءت صوتا شعريا يحكي.. يصف بلون تقاسيم المساء ويلهث وراء المنفلت. صوت شعري شبه رومانسي.. حالم متأوه.. غاضب.. آت بقوة ليقول كلمته ويفسح لنفسه الطريق”. أهديت هذا الديوان إلى روح والدي: “إلى من ملأ حياتي بمراجيح من سؤدد إلى من كان محوري وزماني إلى من عبر بنفسه عبر أنفاسي روحي وما تبقى منها، مازالت تهفو إليك كلما اشتدت المواجع مازالت تستشعر دفء لمستك الحانية عذرا يا رجال الكون لا أحد منكم يشبه أبي”. تتسم نصوصي بالقصر، لأني أعتبر أن اللغة كنز لا يجب تبذيره، وأستحضر في ديواني أم الربيع النهر الأسطوري وعبق الأزقة والأضرحة.. أحاول رفع ضمير المتكلم المؤنث عاليا دفاعا عن أفق تؤثث لقيمة المواساة، بدل مسخ الدونية، أعتبر أن الذوبان في النحن قد ذهب زمانه مع الإديرلوجية الاشتراكية. أي الطرق التي قادتك إلى عالم الشعر؟ الشعر بالنسبة لي، هواء أتنفسه، بستان أستنشق عبير وروده، ملجأ أرنو إليه لأخلص الذات مما تحمله من ضغوطات وأنتصر للحياة ضد رداءة الكون. ما تقييمك للأدب في المغرب بصفة خاصة والعربي بصفة عامة؟ في الأواخر، عرف الأدب المغربي طفرة مهمة بعد أن كانت الهيمنة للمشارقة، إذ أصبح المبدعون المغاربة يعتلون منصات التتويج بجوائز عربية مهمة، سواء في التأليف أو النقد، وأكثر من هذا فإن عدة كتب ومؤلفات مغربية ترجمت إلى لغات عديدة كالإسبانية والإيطالية والتركية، طبعا بعد الفرنسية والإنجليزية. هل قصائدك صرخات لمكبوتات داخلية أم نقل لوقائع حياتية؟ طبعا الحياة اليومية بحلوها القليل ومرها الكثيف، لها تأثير ملموس على نصوصي، أنثر حروف روح ذابلة بلا ظل.. أهجس.. أحن.. وأحيانا كثيرة أئن.. ولي في بناتي؛ أقحوانات حياتي، أمل يعبث بشجني.. وأمل آخر في أن تمطر أرض آزمور حبا ووفاء وازدهارا. * ما رأيك في أدباء هذا العصر؟ ومن منهم يجد صدى عند الشاعرة أمينة الأزهر؟ – الحمد لله، الساحة الأدبية تعج بالمبدعين في كل المجالات بغض النظر عن الأجناس الأدبية المتداولة، الشعر والقصة والرواية، تعرفت على شعر الهايكو، قرأت نصوصا يابانية مترجمة إلى اللغة العربية، والفضل يعود للصديق المبدع أحمد الغليمي، القاطن بالديار الإيطالية، وله ديوان رائع يحترم قواعد قصيدة الهايكو، وقد شدتني نصوصه بشكل قوي مثلا: “أيها الربيع، علمتني أن أرسم الورد، ونسيت مسألة العبير”. من ديوان “رسائل حب إلى زهرة الأرطانسيا” ولنا في المغرب أسماء مميزة، ويعتبر الشاعر سامح درويش من رواد هذا الجنس إلى جانب المبدع نور الدين ضرار، وأحرص على القراءة للأدباء المغاربة بصفة خاصة. ما المدارس التي أثرت بشكل أو بآخر في تجربتك، وماذا عن الشعر القديم؟ أدمنت قراءة الشعر القديم مند الصغر، وكنت أستمتع بشعر زهير بن أبي سلمى وعمرو بن كلثوم وغيرهم، كانت تسحرني لغته المتينة وصوره الجميلة. تأثرت بشكل قوي بالفرنسي شارل بودلير صاحب “أزهار الشر” و”سأم باريس”. تأثرت بشكل أقوى بمحمود درويش ومحمد الماغوط وعبد الكريم الطبال ومحمد الصباغ و محمد السرغيني ومحمد بوجبيري ومحمد بن طلحة.. اللائحة طويلة جدا، وبصدق، أعتز بالمبدعين المغاربة، ومنهم أصدقاء مقربون جدا، لا يألون جهدا في المساهمة من قريب أو بعيد في إغناء الساحة الأدبية ومساعدة أمثالي من المبتدئين، أذكر على سبيل المثال لا الحصر: محمد موتنا، شكيب عبد الحميد، سعيد عاهد، بوشعيب عطران، مراد الخطيبي، إدريس انفراص، هشام ناجح، حسن برما، محمد علوط. كلمة من كاتبتنا للأقلام التي تبحث عن فتيل شمعة للخروج من نفق التعتيم على حروفهم. “تعتيم” كلمة كبيرة جدا، ربما هناك بعض الصعوبات في الطبع والنشر، إلا أن الساحة الأدبية مفتوحة، وهذا طبعا من منظوري الخاص، لأن تجربتي تظل فتية في المجال.