إيمانا من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بدور الشعر في التنوع الثقافي, أكدت بمناسبة احتفالات هذه السنة باليوم العالمي للشعر (21 مارس) أن مرام الشعر لا يقف عند حدود التواصل والإعلام وإنما يسعى, عبر صقل دائم للغة وتقص لمعانيها, إلى إدامة اللغة الإنسانية وإبقائها حية, والكشف الدائم عن الوميض الأصلي للثقافة وتوهجها. وترى (اليونسكو) أن الدفاع عن حرية التعبير والإعلام من جانب, والترويج للشعر من جانب آخر أمران متلازمان في إطار مهامها المكرسة لخدمة السلام. فإذا كان الشعر, تؤكد اليونيسكو, ينبع من صميم الوجدان الإنساني ويستخلص مكنون الجهد البشري إبداعا وتفكيرا, فهو أداة للحوار بين الثقافات ومنبرا لتنوع التعبيرات الثقافية. وفي هذا الإطار تحتفي اليونيسكو هذه السنة بمرور مائة وخمسين سنة على مولد الشاعر الهندي , طاغور , الحاصل على جائزة نوبل في الآداب سنة 1913 الذي قال ذات يوم « لقد أمضيت أيامي أضبط أوتاري وأرخيها». يذكر أن (اليونسكو) اختارت, يوم 21 مارس ليكون يوما عالميا للاحتفاء بالشعر والشعراء ولفت الأنظار للأهمية الفنية والجمالية للشعر وما يخزنه ويعبر عنه من عنفوان. وأقرت المنظمة الأممية الاحتفال بهذا اليوم في نونبر 1999 خلال دورتها ال30 بغية تشجيع قراءة وكتابة ونشر تعليم الشعر في العالم وكذا الاعتراف به و إعطاء نفس جديد للإبداعات الشعرية الوطنية والجهوية والدولية. فالشعر فن يخاطب الأحاسيس ويسحر العقول ويهذب النفوس, رغم أن الشعراء كانوا في عهد بائد محط اتهام بالجنون فقط لأنهم تحدثوا لغة تخالف ما اتفق الناس عليه. وبدوره يخلد المغرب, اليوم العالمي للشعر 2011, إذ ستقام العديد من التظاهرات الثقافية والفنية. وهكذا نظم بيت الشعر في المغرب , الدورة الأولى لمهرجان الشعر العربي الإفريقي ما بين 19 و 21 مارس الجاري بمدينة زاكورة. وشارك في هذا المهرجان الشعراء محمد بنطلحة وحسن طلب ومحمد الغزي وأحمد بلحاج آية وارهام وبول داكيو وعلال الحجام ورشا عمرانوأحمد الشهاوي ورشيد المومني وماروبا فال وأحمد لمسيح وعيسى مخلوف وفريديريك باسيري تيتينكا وحسن الوزاني وكاما سيور كاماندا وأحمد عصيد. من جانبه ينظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: «إقامة الفنان», بنفس المناسبة ما بين 21 و 26 مارس الجاري. ويستضيف في هذه الإقامة الشعراء بومدين المختاري و حمو معمو وعمر الناصري.وسيتم تنظيم أمسية شعرية يوم 23 من الشهر ذاته بمقر المعهد يعلن فيها عن نتائج المسابقة الوطنية في الإبداع الأمازيغي ويكرم خلالها الشعراء فطومة تالكريشت , وسعيد أيت محا , وامحمد الورضي. فضلا عن قراءات للشعراء الشباب الفائزين وهم سعيد الفراد وعبد العزيز بليلض ولحسن بوتسعيد حسب بيان صادر عن المعهد . وستنظم الجمعية المغربية للغويين والمبدعين ومنتدى مطر الرقمي وجمعية شهود, المهرجان العربي الثاني للشعر أيام 25` 26 ` 27 مارس 2011 ,احتفاء بالشاعر المراكشي اسماعيل زويريق الذي ستحمل الدورة الثانية اسمه. كما نظم بمراكش يوم 19 مارس ندوة علمية بنفس المناسبة حول «موريتانيا : الثقافة والأدب» تناولت الثقافة الحسانية الموريتانية من خلال مداخلات تركز على الشعر الموريتاني بشقيه الفصيح والشعبي, إضافة إلى أمسية إبداعية شعرية تتخللها قراءات فصيحة وزجلية. وتهدف الندوة إلى التعريف بجانب من ثقافة موريتانيا وآدابها, وتفعيل التلاقح والتفاعل مع الثقافة المغربية والشخصيات الفاعلة في المشهد الثقافي العربي وفتح آفاق للباحثين المغاربة على الثقافة الموريتانية لدراستها وتذوقها والمحافظة على الروابط التاريخية بين الثقافتين الموريتانية والمغربية. ويشكل هذا اليوم أيضا مناسبة لتنظيم العديد من الأنشطة واللقاءات في مختلف الدول, لاستحضار عطاءات شعراء عبروا عن مختلف القضايا من خلال أشعارهم, وفرصة للتعرف على الجديد في عالم النظم والشعراء. وبهذه المناسبة قال الشاعر المغربي عبد الحق ميفراني, إن الاحتفاء باليوم العالمي للشعر, فكرة مغربية بامتياز تحسب لبيت الشعر في المغرب ولدينامية القصيدة المغربية الحديثة في السنوات الأخيرة. وأضاف أن هذا اليوم مناسبة للتذكير بإنسانيتنا المشتركة وبالقيم التي تجمع الشعراء والمبدعين, ولو أن الأهم يظل التذكير بالكينونات المتعددة المفتوحة على القيم الجمالية وأصالتها وانفتاحها أيضا». وأكد ميفراني, أن اليوم العالمي للشعر «كوة ضوء ضمن مسار الشعر المرتبط بالحياة», وهو مسار لايقبل التخصيص بل ينفتح على الكلية وضمنها يظل الشعر الجنس الإبداعي الأكثر تمثلا للأفق الإنساني المشترك. وأبرز أن القصيدة أمست مطالبة أن تجعل من هواجس اليومي ومفارقات العالم, عتبة للانتقال إلى مضامين تمتلك عمقا معرفيا دالا, وإلى أفق مفتوح على قيم الإنسان المشتركة في الحياة. ومن جهة أخرى, اعتبر أن الشعراء الشباب قد يجدون اليوم متنفسا ووسائط إعلامية رحبة, منها الورقي والرقمي, غير أنه يجب الاعتراف أن تمة غياب فعلي للإنصات لهذه التجارب ومواكبتها نقديا وإعلاميا. وأعرب الشاعر عبد الحق ميفراني, عن أمله في أن تخلق القصيدة المغربية الحديثة اليوم ديناميتها الخاصة, وأن تحافظ على ألق خصوصيتها وأن تجعل من قيم الشعر المشتركة رهانها المعرفي, وأن يظل الإنساني استعارة النص ونشدان الشاعر إلى عالم بديل, حيث لا شيء يعلو على الإنسان وحقه في العيش الكريم وفي قيم الحداثة والديمقراطية. ومن جهته اعتبر الشاعر ادريس علوش, أن اليوم العالمي للشعر حدث إبداعي بامتياز, رسخه شعراء مغاربة ليقولوا للعالم أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان, حيث وجد صدى لدى منظمة اليونسكو, وأضحى اليوم فسحة لتفعيل الشعر ومتخيله في الحياة اليومية للناس. وأضاف أن لحظة الكتابة هي لحظة أو لحظات منفلتة من إكراهات اليومي والتزاماته, التي يحتاجها ليعكس تصوره عما يدور حوله من تناقضات الحياة ومتاهاتها, أوهم نفسي قبل الآخرين من موقع مسؤولية الكتابة وأنه يعمر هذه الأرض بما أوتي من قوة الفعل والحرف وترسبات الكتابة, ليقول لنفسه أولا والعالم من حوله أنه موجود وقلق وغير راض عن آلام الإنسان على هذه الأرض و فوق اليابسة, مشيرا إلى أن ليس لديه طقوسا محددة للكتابة وأن الكتابة والقراءة توأمان يتعايشان مع حالات التناقض التي تعتري الكاتب وتحفزه على مواصلة فعل الإبداع والكتابة. وقال إن الشعر الذي يكتبه الشباب, هو في كثير من الأحيان أهم من الشعر الذي يكتبه الشعراء المكرسون في المشهد الشعري المغربي الحديث, وأنه ينظر بإعجاب لروح المغامرة الإبداعية التي تعتريهم وهم يواصلون حضور القصيدة المغربية بحرقة عالية. وبخصوص تعاطي وسائل الإعلام مع المبدعين عموما والشعراء على الخصوص, قال الشاعر ادريس علوش, إنها خجولة ومحتشمة ولا ترقى إلى اللحظة الإبداعية التي يحياها الإبداع المغربي في كل مجالاته سينما ومسرح وموسيقى ورقص وتشكيل وباقي الأجناس الأدبية, وأيضا لا تواكب بما يكفي تعدد وتنوع الاختلاف الثقافي الذي يعرفه المغرب انسجاما مع تركيبته البشرية, وأيضا لا يواكب قوة الثقافة الشفوية الحاضرة وبقوة في الحياة اليومية لعموم الشعب المغربي, لكن هذا لا يعني أن هناك استثناءات لكنها نادرة. ويعتبر العديد من الشعراء أنه إذا كان اليوم العالمي للشعر, مناسبة للاحتفاء بالكلمة الصادقة, فهو أيضا دعوة لإحياء التقاليد الشفوية للأمسيات الشعرية, وجعل الشعر يتبوأ المكانة التي تليق به في البرامج التعليمية وتبادل الحوار بين الشعراء ودعم دور النشر وتشجيع الشعراء الشباب ورسم صورة جذابة للشعر في وسائل الإعلام.