قال حكيم وردي ممثل النيابة العامة بغرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بحر الأسبوع الماضي، إن محاكمة زين العابدين الحواص، المعروف ب”مول 17 مليار”، يندرج في إطار تفاعل النيابة العامة مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات. وأوضح حكيم وردي، في مرافعته في ملف البرلماني المعزول، "المغاربة يتساءلون حول تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وعن عدم المتابعة الجنائية، وهذا الملف هو تفاعل من النيابة العامة مع تقارير المجلس”. وأضاف ممثل النيابة العامة، ردا بطريقة غير مباشرة، على التعليقات والتصريحات التي تشير إلى كون المتهمين الذين ترد أسماؤهم في تقارير قضاة جطو لا تصل إليهم يد العدالة، قائلا: “لا يمكن أن يفلت متهم بالفساد من العقاب.. قد يتأخر العقاب، لكنه سيعاقب.. الأمر ليس سوى مسألة وقت”. وفند ممثل النيابة العامة، ما ذهب إليه المتهم الحواص خلال مرحلة الاستماع إليه بكون متابعته ليست إلا انتقاما سياسيا منه، إذ قال ممثل النيابة العامة: “المتهم تحدث عن وجود خصومة سياسية وأنه ضحية صراع أشخاص وانتقام سياسي، وللتوضيح فالمفتشية العامة بوزارة الداخلية وقفت على خروقات صدر على إثرها قرار بعزله من الجماعة، ثم قام بالطعن في هذا القرار، وتم رفضه”، متابعا: "الفرقة الوطنية استمعت للموظفين التقنيين ورؤساء جمعيات المجتمع المدني، ومنعشين عقاريين وغيرهم، فكيف يدعي أن الملف حرك بخلفية سياسية وانتقامية؟”. وأكد بهذا الخصوص، أن وسائل الإثبات في هذا الملف، الذي يتابع فيه رئيس بلدية حد السوالم السابق وموظفون بتهم تبديد أموال عمومية وتزوير محرر رسمي والمشاركة في التزوير، تتمثل في تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية وتقرير المجلس الأعلى للحسابات ومرسوم العزل، ثم الشهود والمعاينة الميدانية. وتساءل ممثل النيابة العامة عن مصدر ثروة المتهم، قبل أن يجيب بنفسه قائلا: “ثروة المتهم الطائلة دليل على ارتشائه، وهذا ليس بكلامي وإنما كلام اتفاقية وقع عليها المغرب، إذ إن وجود أموال طائلة في الحساب البنكي والعقارات وحديث الناس عن الارتشاء.. هذا يعد قرينة.” كما استعرض بالمناسبة مجموعة من الاختلالات التي ذكرتها المفتشية العامة للداخلية، وكذا تقرير المجلس الأعلى للحسابات، قائلا: “عندما لا يحرص رئيس جماعة على استخلاص مداخيل الجماعة، فهذا تبديد، وحد السوالم كانت بها فوضى عارمة نتيجة فساد المتهم”. والتمس ممثل النيابة العامة، في ختام مرافعته، بإنزال أقصى العقوبة على المتهم الرئيسي في الملف “زين العابدين حواص” رئيس بلدية حد السوالم المعزول، حتى تحقق العقوبة التي ستنطق بها المحكمة في حق المتهم “الردع العام والخاص”، على حد تعبيره. والتمس ممثل النيابة العامة بأن لا تقل هذه العقوبة عن 20 عاما سجنا نافذا، بالنظر إلى أن المتهم متابع بثلاث جنايات وثلاث جنح، مع تفريد العقاب، و”الأخذ بالاعتبار تجسيد إرادة مدينة كاملة كانت تحت وصايته وتحت سلطته”، ولأن “وجه الخطورة يتمثل فيما أتاه المتهم زين العابدين حواص من أفعال، ولأن العقوبة الأشد من شأنها أن تحقق الردع العام، لتعود الثقة إلى المواطن”، مستدلا بما ذهب إليه الفقه القانوني، موردا رأي الدكتور عبد الواحد العلمي من أن “العقوبة يجب أن ترضي المجتمع بجعلها جزاء حقيقيا”. واستند ممثل الحق العام في ملتمساته، على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب بتاريخ 2007/05/09، معتبرا أن هذه الاتفاقية واجبة التطبيق أمام المحاكم المغربية، واستنادا إلى الفصول 248، 249، 250، و255 من القانون الجنائي. واعتبر ممثل النيابة العامة أن مصادرة الأموال المتأتية بطرق غير مشروعة ينبغي أن تتم من يد أي شخص وأيا كان المستفيد منها، مضيفا – في محاولة لتأكيد ملتمسه – وبلغة عامية كذلك قوله بأنه لا يمكن أن “تشفر تشفر وتكتب للمرا وللداري”، مؤكدا أن المتهم ينبغي أن يبرر مصدر المبالغ الكبيرة المودعة في حساباته البنكية، والتي كانت تتجاوز في كل عملية ما يفوق 40 مليون سنتيم، لتصل أحيانا إلى ما يفوق 150 مليون سنتيم، وهي المبالغ التي قال ممثل النيابة العامة إنها متأتية من الرشوة وناتجة عن الإكراه، لذلك فالمصادرة واجبة في هذه الحالة. كما أن العقارات التي يملكها المتهم تصل إلى 27 عقارا، فيما توجد في ملكية زوجته 8 عقارات، ويوجد في أحد حساباتها مبلغ 416 مليون سنتيم، لم تستطع الزوجة بدورها تبرير مصادره. وستنظر المحكمة، من جديد، في الملف يوم غد الأربعاء ثاني أكتوبر للاستماع إلى مرافعات الدفاع.