توجه نائب الوكيل العام للملك، حكيم الوردي، في جلسة اليوم الأربعاء، من محاكمة زين العابدين الحواص، رئيس المجلس البلدي لمدينة حد السوالم، بسلسلة من الأسئلة التي حملت معها تفاصيل مثيرة في مواجهة الحواص. أسئلة الوردي استقاها من محاضر الضابطة القضائية التابعة للدرك الملكي التي أشرفت على التحقيق التمهيدي، وبالرغم من أن القاضي علي الطرشي رفض توجيهها إلى حواص بمبرر أنها غير متضمنة في قرار الإحالة إلى أنها تضمنت عددا من المعطيات المتعلقة بحوالي مئة مليار حجم الودائع المالية والعقارات التي استفاد منها المتهم، والتي كشفتها حوالي خمس حسابات بنكية تعود له ولزوجته، بالإضافة إلى تصريحات الشهود. حكيم الوردي طالب المتهم الحواص بمبررات الودائع الهائلة التي كانت تتوصل بها زوجته في وقت وجيز، والتي قال عنها الوردي أنه ليس هناك سندات تبررها، ولا فواتير، في حين اكتفى الحواص بالقول أنه فلاح ومداخيل تربية المواشي وبيعها ومحاصيل الأرض يمكن أن تعود عليه وعلى زوجته بأزيد من مليار في السنة. وطالب حكيم الوردي المحكمة بعد رفضها السماح له بتوجيه سلسلة من الأسئلة، بحفظ حق النيابة العامة بمتابعة الحواص بناء على ماجاء في وثائق البحث التمهيدي وغير المتضمن في قرار الإحالة، بالإضافة إلى تقدم النيابة العامة بملتمس مكتوب متعلق بنزاع عارض لطرح الأسئلة على المتهم التي إعتبرها الوردي “جوهرية” وفي صلب الملف. وعدد الوردي الودائع المالية طيلة سنتي 2016 و2017، لحسابات بنكية تعود لزوجة حواص، تبدأ من 45 مليون، إلى 287 مليون. بالإضافة إلى العديد من العقارات بتجمعات سكنية ضمن مشاريع استثمارية بحد السوالم، تقول تصريحات الشهود أنها جاءت نتيجة “ابتزاز لأصحابها”، لكن حواص نفى الأمر جملة وتفصيلا. بل قال أن مايملكه اشتراه بدفتر شيكاته الخاص، وبثمنه الحقيقي، وأنه كان يحترم القانون. الوردي واجه الحواص بتصريحات الشهود التي تقول أنه تسلم مخطط إعادة التهيئة الخاص بالجماعة وأخفاه، حيث أصبحت المعلومة “ثمينة”، حسب الوردي، وشرع في ابتزاز الفلاحين وأصحاب الأراضي والعقارات، لينتزع منهم مبالغ مالية ضخمة عدت بمئات الملايين. هذا الكلام رد عليه الحواص بكونه لم يطلع على مخطط التهيئة حتى تم عرضه بإحدى القاعات الكبرى لمقر المجلس، وأن الكاتب العام للجماعة هو من تسلمه وقام بعرضه للعموم وأنه وبالرجوع إلى يوم توصل الجماعة بمخطط التهيئة الخاص بها هو نفس اليوم الذي تم إعلانه للعموم. وكشفت أسئلة الوردي التي حاول بها محاصرة حواص، بناء على تصريحات الشهود والعاملين بالجماعة، على أن الشخص الذي عادت إليه صفقة صياغة مخطط التهيئة الخاص بالجماعة، ويدعى العلالي هو نفسه صاحب “رياض الساحل” الذي “استفاد” منه الحواص من عقارات. الحواص عاد وأكد على أنه ليس الجهة التي منحت صفقة صياغة مخطط التهيئة للعلالي وأن لا علاقة له بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد، مؤكدا “أنا نظيف بحال زيف حياتي”، وهو ما جعل القاعة تنفجر ضحكا. المبارزة لم تنته هنا، بل إن الوردي عرض على حواص العديد من خلاصات واستنتاجات المجلس الجهوي للحسابات، والمفتشية التابعة لوزارة الداخلية التي بها اتهامات مباشرة للحواص بتبديد أموال عمومية، مثل تزويد مناطق بالإنارة العمومية وحرمان أخرى، كحالة “الفيرمة” التي تعود لأحد الأشخاص المقربين من الحواص، وعدد من المشاريع التي شهدت إختلالات وصلت حد وصفها ب”الإختلاسات”، مثل حفر آبار في أرض تعود لزوجته، وغيرها. هذه الإتهامات قال الحواص عنها أنها غير صحيحة متسائلا لماذا لم يحرك المجلس الجهوي للحسابات في حقه متابعة بعد الوقوف عليها، ليرد عليه الوردي “المجلس الأعلى للحسابات ليست الجهة المخول لها ذلك، بل النيابة العامة هي من تحرك الدعوى”. الحواص أنكر كل الأفعال التي نسبها إليه الشهود أو المتضمنة في محاضر الدرك، واعتبر أنه غير معني بها وأن الجماعة تشتغل كمؤسسة لكل واحد فيها اختصاصات رافضا الخوض في المسائل التقنية المتعلقة بالتأشير على طلبات التسليم والمطابقة التي وقعها لصالح مجموعة من المستثمرين، بدعوى أن هناك لجنة تقنية هي من تعاين كل مشروع أو عقار على الأرض وأنه يكتفي بالتأشير النهائي بعد موافاته بتقريرها. وانتهى في آخر الجلسة حكيم الوردي، ممثل النيابة العامة من أسئلته ليقرر القاضي علي الطرشي، تأخيرها إلى يوم الأربعاء المقبل، لينطلق دفاع الحواص في طرح أسئلته أمام المحكمة.