خاض مئات الأطفال والشباب من منظمات حقوقية عصر يوم الجمعة الماضي مسيرات من أجل المناخ، جابت شوارع عدد من المدن المغربية، من ضمنها العاصمة الرباط، فاس، الدارالبيضاء ومدن أخرى. ودق أطفال المغرب وشبابه، خلال المسيرات التي تزامنت مع وقفات ومسيرات أخرى بأزيد من 117 دولة، ناقوس الخطر للتحذير من الآثار المدمرة التي تتعرض لها البيئة بسبب ممارسات الدول في مجال الصناعة وغيرها. وبالعاصمة الرباط، حمل عشرات الشباب من منظمات مختلفة شعارات تطالب بالتدخل العاجل لحماية البيئة وحماية حق الأجيال المقبلة في الحياة، محذرين من الآثار الوخيمة للتغير المناخي على كوكب الأرض والحياة فيه مستقبلا. ومن ضمن الفعاليات المشاركة، منظمة العفو الدولية، المعروفة اختصارا ب “أمنيستي” والتي كانت قد استجابت للإضراب العالمي من أجل المناخ بين 20 و27 شتنبر الجاري، والذي دعت له الحركة التلاميذية “تظاهرات يوم الجمعة ممن أجل المستقبل” بقيادة الطفلة السويدية “غريتا تونبرغ”. وحمل مناضلو أمنيستي ومناضلاتها من الشباب أجراسا، خلال المسيرة التي انطلقت وسط العاصمة الرباط وجابت شارع محمد الخامس، قبل أن تقف أمام البرلمان، حيث دق المحتجون الأجراس، في إشارة منهم إلى “ناقوس الخطر” والتحذير من الآثار المدمرة للاحتباس الحراري والتغير المناخي على كوكب الأرض. في هذا السياق، قال محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة أمنيستي فرع المغرب إن الاحتجاجات التي تنظمها أمنيستي بأزيد من مدينة مغربية، تأتي في إطار المسيرات العالمية التي دعت لها الحركة التلاميذية. وأضاف السكتاوي في تصريح ل “بيان اليوم” أن المسيرة التي تشارك فيها أمنيستي تتزامن مع مسيرات في أزيد من 117 دولة في العالم، و10 آلاف نشاط مماثل يجري في جميع بقاع الأرض. وأوضح المدير العام لمنظمة العفو الدولية أن الحركة من أجل المناخ حركة تلاميذية قادتها الفتاة غريتا ثانبرغ” التي طالبت الأحزاب السياسية والفاعلين في بلدها بأن يعطوا الأولوية للاهتمام بالبيئة، مشيرا إلى أن حركتها “حرّكت” ضمير العالم، حيث كانت أمنيستي قد احتفت بها قبل شهر ومنحتها جائزة “الضمير” وهي أرفع جائزة تمنحها منظمة العفو الدولية والتي سبق وأن منحتها ل “نيلسون منديلا”. من جهة أخرى، وفي رسالة وجهها للحكومة المغربية، قال محمد السكتاوي إن الحكومة المغربية ملزمة بتنزيل التزاماتها من أجل المناخ. وأضاف السكتاوي أن مسألة المناخ تكتسي أهمية قصوى، خصوصا وأن المغرب احتضن مؤتمرا حول البيئة، متابعا "لا يمكن أن نحتضن مؤتمرا بهذا الحجم وبهذه القوة دون أن نترجم ما التزمنا به على الأرض". وساءل السكتاوي الحكومة المغربية حول برامجها فيما يتعلق بالعمل البيداغوجي لتوعية الشباب وفيما يتعلق بمساهمتها في تخفيض مستوى الحرارة كما اتفق العالم على ذلك إلى درجة ونصف، بالإضافة إلى مساءلته الحكومة حول ترافعها تجاه الدول الأخرى، من حيث الضغط في المحافل الدولية. ودعا المدير العام لمنظمة أمنيستي – المغرب إلى وضع المسألة البيئية في أقصى درجات الأولوية، حيث قال "إذا كنا نحب أبناءنا وأحفادنا فيجب أن نبدأ الآن بوضع مسألة البيئة وسلامتها في أقصى درجات الأولوية". وختم السكتاوي، بالإشارة إلى تصريح الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، الذي قال فيه "نحن نخطو الآن لنقول لكل العالم إن مستقبل البشرية في المحك"، مبرزا أن ما يحدث هو “إعدام جماعي للبشرية”. وعلى مستوى مدينة الدار البيضاء، شارك أزيد من ألف شاب وشابة، يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، في مسيرة “من أجل المناخ” تنديدا بتباطؤ الحكومات في التصدي لظاهرة تغير المناخ، والمطالبة بالتحرك السريع والعاجل للتعامل مع الأزمات والكوارث البيئية التي تهدد كوكب الأرض برمته. وتندرج هذه المسيرة، التي بادرت إليها جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب بشراكة مع منظمة السلام الأخضر “غرين بيس” والائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، في إطار أسبوع التعبئة العالمية من أجل المناخ، الذي نظم ما بين 20 و27 شتنبر الجاري، لتعبئة المجتمع المحلي والدولي من أجل الضغط على المجتمع الدولي للانتقال إلى نموذج مستدام ومزدهر يحافظ على البيئة. وأوضح رئيس الجمعية عبد الرحيم قصيري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الشباب المغربي المتراوحة أعمارهم ما بين 15 سنة و35 سنة انخرط اليوم، من خلال هذه المسيرة، في دينامية الشباب العالمي الذي نظم التظاهرات لنفس الغاية. وأشار إلى أن هذا الشباب يعبر، من خلال هذه المسيرة، التي جابت شارع لاكورنيش، إلى ضرورة وفاء كافة بلدان العالم بالتزامات (كوب 22) بمراكش واتفاق باريس (الذي سيدخل حيز التنفيذ في يناير المقبل)، بعد تراجع عدد من البلدان الكبرى عن التزاماتها في هذا الجانب. من جانبه، قال عضو المكتب التنفيذي الجهوي لجهة الدار البيضاء للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، جماع المهدي، في تصريح مماثل، إن هذه المسيرة التي يشكل الشباب المغربي العمود الفقري فيها، تأتي متزامنة مع مسيرات مماثلة على مستوى الوطني والدولي. وأضاف أن هؤلاء الشباب من خلال هذه المسيرة يدعون كافة المعنيين إلى تحمل مسؤوليتهم والوفاء بالتزاماتهم البيئية، لأن الضحية الأولى في هذه التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، هم فئة الأطفال والشباب. ومن جهة أخرى، أشار يوسف بلاج العضو بمنظمة غرين بيس العالمية (السلام الأخضر) أن هذه التظاهرة تهم الجميع لأنه خلال السنوات الأخيرة لوحظ بروز العديد من المشاكل البيئية من فيضانات وارتفاع درجة حرارة الأرض، مؤكدا على ضرورة تحرك الشباب لحث المسؤولين على الالتزام بالمقررات التي خرجت بها مؤتمرات المناخ. من جهة أخرى، خرج مئات من شباب مدينة فاس ونواحيها، في اليوم ذاته، في مسيرة تناصر قضايا المناخ والبيئة وذلك بمبادرة من جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض. وتندرج المسيرة المنظمة بشراكة مع (غرين بيس) وجمعيات أخرى في إطار الإضراب العالمي من أجل المناخ. وجاب أزيد من 1500 شاب، من حوالي أربعين ناديا وجمعية، الشوارع الرئيسية لمدينة فاس، وضمنها شارعي الجيش الملكي والحسن الثاني وحديقة أمريكا اللاتينية. وخلال هذه التظاهرة، رفع الناشطون شعارات ولافتات تدعو إلى الحفاظ على البيئة والوحدة من أجل مناخ سليم والانكباب على مشكلة ارتفاع حرارة الأرض وغيرها. وصرح الفاعل الجمعوي عمر الويدادي، لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه الحركة ذات البعد الدولي، التي تندرج في إطار دينامية المجتمع المدني العالمي، تروم تجسيد التزام المغرب في ما يخص المواضيع البيئية بشكل عام، والمناخية بشكل خاص. وأكد الناشط أن تعبئة المجتمع المدني لا رجعة فيها داعيا الى وضع حد لتدمير الكوكب وإنتاج طاقات متجددة. وفي تصريح مماثل، أبرزت حكيمة باباش، رئيسة المركز الوطني كرامة وحقوق، أن المبادرة المنبثقة من المجتمع المدني سطرت أهدافا نبيلة، في مقدمتها حماية البيئة، داعية الدول المصنعة إلى تطبيق مبادئ اتفاق باريس. وجاء في بلاغ وزعه المنظمون “إننا نتوجه إلى ضميركم ونناشد تعبئتكم” مضيفا أن “أهدافنا تتمثل في التحسيس بالمخاطر التي تحدق بالوجود الإنساني والمنظومة البيئية، من حرائق وفيضانات وتصحر وفترات متلاحقة من الجفاف”. وأكد البلاغ أن الأهداف تشمل تقليص مخاطر وأسباب الكوارث الطبيعية، البيئية والبشرية، عبر مكافحة التلوث بالغازات الدفيئة، وتلويث المياه بالنفايات الصلبة والمنزلية والصناعية وتقليص استنزاف التربة بالاستخدام اللاعقلاني للأسمدة ومكافحة التمدن على حساب الغابات والمناطق الزراعية. وأجمعت العديد من المداخلات بالمناسبة أن ارتفاع وثيرة مظاهر التغيرات المناخية في العالم من فيضانات وحرائق وارتفاع درجة الحرارة، لم يواكبها احترام الدول الصناعية للالتزامات الموقعة في إطار اتفاق باريس، بل على عكس ذلك، حاولت عدد منها الانسحاب من هذا الاتفاق، وهو ما دفع بقوى المجتمع المدني ومعه الشباب تعبئة الرأي العام الدولي من خلال تنظيم تظاهرات مختلفة الأشكال. ومنذ 20 شتنبر الجاري وإلى غاية 27 منه شهدت العديد من كبيرات المدن و العواصم العالمية إضرابات عامة ومسيرات حاشدة في عواصم مختلفة حول العالم قادها الشباب، ضمن مبادرة أسبوع المناخ الدولي التي دعت إليها منظمات بيئية عديدة احتجاجا على تباطؤ الحكومات في التصدي لظاهرة تغير المناخ، وذلك تزامنا مع قمة الأممالمتحدة لمناقشة هذه الظاهرة في نيويورك. محمد توفيق أمزيان – بيان اليوم