انعقدت، أول أمس الثلاثاء بالرباط، الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي المغربي البريطاني. وأبرزت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، في الكلمة الافتتاحية، أن عقد هذه الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي تأكيد للإرادة المشتركة بين البلدين في تعزيز العلاقات التاريخية القائمة بينهما، ومواصلة الزخم الذي شهدته هذه العلاقات في السنوات الأخيرة في إطار الطموح المشترك في إرساء شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد. وشددت بوستة على أن المغرب يعتبر بريطانيا شريكا استراتيجيا حقيقيا، ويقدر الدور الذي يمكن أن تضطلع به المملكة المتحدة في مختلف المحافل المشتركة، مذكرة بالزيارة التي قام بها الأمير هاري وزوجته إلى المملكة والاستقبال الذي خصهما به جلالة الملك محمد السادس كتجسيد لجودة العلاقات بين البلدين. وسجلت التطور الملموس الذي شهده الحوار السياسي بين البلدين خلال هذه السنة، من خلال تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين من البلدين، مبرزة أن هذا التقارب يجسده موقف بريطانيا “البناء” في مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، بدعم حل سياسي لقضية الصحراء وتشجيع المقترحات الجادة وذات المصداقية الرامية إلى إيجاد حلول شاملة ومستدامة. وأشارت بوستة إلى أن المملكة المغربية، على غرار المملكة المتحدة، منخرطة في مسعى تعزيز شركائها الدوليين، وأن المملكتين يحدوهما طموح مشترك في الانفتاح على جميع شركائهما الدوليين. وسجلت، في هذا الصدد، ارتياح المملكة للاهتمام الذي تبديه المملكة المتحدة تجاه القارة الإفريقية التي تشكل إحدى الأولويات الرئيسية لسياسة المغرب. من جهته، أبرز كاتب الدولة البريطاني المكلف بالتنمية الدولية والتنمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أندرو موريسون، التقدم الملموس الذي أحرز منذ عقد الدورة الأولى من الحوار الاستراتيجي، معربا عن تطلع بلاده إلى تعميق التعاون أكثر في مختلف المجالات. وسجل موريسون أن الحوار الاستراتيجي بين البلدين خلق دينامية وزخما ملحوظين في علاقاتهما الثنائية، جسده تبادل الزيارات بين المسؤولين رفيعي المستوى منذ عقد الدورة الأولى السنة الماضية. كما أعرب المسؤول البريطاني عن ارتياحه لتزايد أعداد السياح البريطانيين في المغرب، مع توقع حلول أكثر من 700 ألف منهم بالمملكة هذه السنة. وتميزت الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي المغربي البريطاني بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين تروم تعزيز التعاون التقني في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. رغبة مشتركة تأتي جولات الحوار الاستراتيجي المغربي البريطاني، في إطار الرغبة المشتركة في توفير إطار ملائم يتيح تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وفي هذا الصدد، أكد كاتب الدولة البريطاني المكلف بالتنمية الدولية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أندرو موريسون، خلال ندوة صحفية مشتركة مع كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، بمناسبة انعقاد الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي المغربي – البريطاني، على التقدم المحرز منذ انعقاد الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي بلندن، بتاريخ 5 يوليوز 2018. وأعرب موريسون عن ارتياحه للنتائج التي تحققت، مؤكدا على أهمية هذا اللقاء الذي يبرز “عمق وحجم” علاقات الصداقة التي تربط بين المملكة المتحدة والمغرب. وعبر كاتب الدولة البريطاني عن إرادة بلاده في مواصلة العمل مع شركائها الدوليين، وأمله في مزيد من التعزيز للعلاقات مع المغرب، لاسيما في المجال الاقتصادي. كما أكد على ضرورة دعم العلاقات الثنائية في مختلف مجالات الاهتمام المشترك، ولاسيما الأمن والتعليم والثقافة، وتعزيز القدرات في هذه المجالات. من جانبها، نوهت بوستة بالتبادل المثمر والمناقشات المعمقة، بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة التي تمخض عنها تحديد العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، والتي تكتسي أولوية بالنسبة لكلا الطرفين. وأكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن “الدورة شكلت مناسبة للإشادة بالعلاقات المتميزة والصداقة التاريخية التي تربط المملكة المغربية بالمملكة المتحدة، اعتبارا لما يجمع البلدين من قيم ومصالح مشتركة، مبنية على مبدأي الاحترام و الثقة المتبادلين”، مضيفة أنها مكنت من إجراء تقييم لواقع العلاقات الثنائية بين البلدين وأولويات التعاون التي تم تحديدها عقب الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي. وأشارت إلى أن الجانبين تطرقا إلى أربعة مجالات أساسية، و التي تشمل كلا من المجال السياسي والأمني والاقتصادي، إضافة إلى مجالي الثقافة والتعليم. وأبرزت بوستة إبداء الطرفين لرغبة أكيدة في تعزيز الحوار الاستراتيجي ومواصلة الجهود للرقي به إلى مستوى شراكة استثنائية تجمع البلدين، مضيفة أنه تم الاتفاق على دراسة سبل تعزيز المشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين وعلى مستوى المنتديات الدولية. كما جددت تأكيد الجانبين على دعم السلام والاستقرار، لاسيما في إفريقيا، وعزمهما المشترك على مكافحة الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره. وأشارت كاتبة الدولة إلى تطرق الجانبين خلال هذه الدورة، إلى القضايا المتعلقة بالنزاعات والأمن في القارة الإفريقية، لاسيما فيما يتعلق بانعدام الأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، مضيفة أنه تم التشديد على أهمية تعزيز المشاورات بشأن القضايا الراهنة، مسجلة ارتياح الطرفين للتطور الإيجابي الذي عرفه التعاون بين المؤسسات الأمنية المغربية والبريطانية، والذي ترجم إلى عدد هام من الزيارات المتبادلة بين خبراء البلدين، مؤكدة رغبتهما في تعميق التعاون في المجال الأمني، خاصة فيما يتعلق بتكوين المؤطرين ومحاربة الإرهاب. وعلى المستوى الاقتصادي، أكدت بوستة ارتياح الطرفين للنتائج الواعدة التي تمخضت عنها اللقاءات الإقتصادية، والتي فتحت المجال لآفاق جديدة للاستثمارات البريطانية في المغرب، مع التشجيع على بلورة رؤية للاستثمار المشترك بإفريقيا وضرورة إعطاء دفعة قوية في المجالات الإستراتيجية، لاسيما في مجال التدبير المالي والسياحة والطاقة. وفيما يتعلق بمجال التعليم والثقافة والشباب، أكدت كاتبة الدولة أن الدورة “سلطت الضوء على الدينامية الإيجابية التي تطبع شراكة المغرب والمملكة المتحدة في هذا الصدد، والتي تعرف نموا مضطردا”، ورحبت في هذا السياق بتوقيع مذكرة تفاهم حول إنشاء لجنة مغربية – بريطانية مشتركة خاصة بالتعليم العالي. وفيما يتعلق بقضية الصحراء، أعربت بوستة عن شكر المغرب للمملكة المتحدة على موقفها الداعم للمجهودات الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب للتوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء، وكذا عزمه على المساهمة بشكل فعال في التوصل إلى حل سياسي تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة”.