مع تجدد ذكرى عيد الأضحى كل سنة تتكرر مشاهد موازية تعري عن واقع مزري يعرفه قطاع النقل بالمغرب، وبشكل متكرر يعبر الكثيرون عن سخطهم إزاء وضعية المحطات وإشكالية التنقل بين مدنهم التي يقيمون أو يعملون بها وبين مدنهم الأصلية ومسقط رأسهم الذي يقضون فيه العيد إلى جانب أسرهم وعائلاتهم. ورغم تعدد وسائل النقل إلى أن “الفوضى” تتكرر بشكل دائم ولا يستطيع الكثيرون تأمين النقل بالطريقة التي تريحهم، ولا يستطيعون الوصول إلى وجهتهم دون مشاكل في الأداء والتأخر وغيرها. “بيان اليوم” عاينت عن كثب وضعية الكثير من المسافرين، واطلعت على مجموعة من الإشكالات التي تعترضهم، بالإضافة إلى الحلول والبدائل التي يلجؤون إليها: حافلات مهترئة وأسعار مضاعفة ومن ضمن مشاهد العيد في قطاع النقل، ظهور حافلات لسد الخصاص الكائن في مجموعة من المحطات الطرقية، أغلبها مهترئة ولا تتوفر على ظروف النقل المريحة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار ومضاعفة التذاكر بشكل عشوائي. “بيان اليوم” وفي حديثها لكثير من المسافرين، الذين يتوجهون من الرباط إلى مدن مختلفة، أكدوا أن مناسبة عيد الأضحى دائما ما تعرف عشوائية في التدبير من قبل المسؤولين الذين لا يستطيعون وضع خطة محكمة وتدابير وقائية لتوفير النقل من جهة وضمانه لجميع الوجهات وبأسعار مناسبة، ومن جهة أخرى بشروط السلامة والراحة الضروريين للمواطنين، خصوصا المتوجهين إلى المناطق البعيدة. ومن ضمن المشاكل التي يطرحها المواطنون في هذه المناسبة، بروز النقل السري “الخطافة” الذين يغامرون بأرواح الناس، وذلك بعد تكديس الركاب في سيارة أو حافلة معينة، والسياقة بشكل متهور وسريع تفاديا لمراقبة السلطات. هذا الواقع، يعلق عليه أحد المسافرين قائلا “هناك تخوف من الخطافة، لكن ليس هناك بديل في بعض الأحيان، وظروف التنقل إلى المدن والقرى وغياب وسائل النقل الكافية تفرض على الكثير القبول بهذا الحل”. من جهة أخرى، يرى الكثيرون أن محطات الحافلات تعرف إقبالا كبيرا، لكن هذا الإقبال وفق تعبيرهم، توازيه فوضى تتمثل أساسا في أسعار التذاكر وفوضى دخول وخروج الحافلات، فضلا عن انتشار “السماسرة” والوسطاء غير القانونين وانتعاش السوق السوداء. تفاقم المشاكل واستمرارها بشكل دائم يدفع المسافرين إلى البحث عن بدائل أخرى، عبر كراء سيارات وتقاسم تكاليف الكراء والتنقل، فيما يلجأ آخرون ممن يملكون سياراتهم الخاصة إلى نقل أصدقائهم وأقاربهم، أو عبر تقاسم أعباء الطريق مع مسافرين آخرين. كوفواتيرج.. الحل البديل وكبديل جديد، ساهمت في بروزه وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى “تقاسم الركوب” أو “مشاركة السيارات” أو كما يسمى Covoiturage، حلا أمام غياب وسائل نقل تغطي الخصاص الحاصل والطلب المتزايد للمسافرين. هذا البديل، عرف في السنوات الماضية انتعاشا كبيرا بفضل انتظام كثير من المواطنات والمواطنين في مجموعات افتراضية، يضعون الوجهات التي يرغبون في الوصول إليها أو الوجهات التي يقصدونها بسياراتهم، لتتم عملية التفاعل من قبل الراغبين في الذهاب أو من قبل أصحاب السيارات، ليتم التنسيق بينهم ومشاركة الطريق مقابل مشاركة أتعاب السيارة من وقود بنزين وتعريفة الطريق السيار، فيما تكون في بعض الحالات مجانية ، وفق كل عرض يقترحه فرد من أفراد المجموعة، التي تعددت وأصبحت تضم الآلاف من المغاربة. وتقدم عشرات المجموعات على موقع “فيسبوك” خدمات “تقاسم الرّكوب” (Covoiturage)، إذ توفر بعض هذه المجموعات عروض “تقاسم الرّكوب” تشمل جميع مناطق المغرب، بهدف تسهيل التنقل يوميا، بين المدن والقرى، وحتى وسط بعض المدن كالدارالبيضاء، الرباط، سلا وغيرها. وتعرف “كوفواتيراج” انتعاشا أكبر خلال العطل، وبالأخص عطلة عيد الأضحى التي يقصد فيها العشرات مدنهم وقراهم الأصلية لتقاسم فرحة العيد إلى جانب أسرهم وعائلاتهم، ويكتفي أعضاء المجموعات بالتدوين على حائط المجموعة يعرضون فيه مشاركة سياراتهم على الأشخاص المتجهين إلى قرية أو مدينة معينة في وقت معين من اليوم أو يبحثون عمن يرغب في المشاركة لتتم العملية. وإذا كان هناك من يشيد بهذه الخطوة، فإن هناك من يعرب عن تخوفه منها، حيث يعتبرها الأقل أمنا بالنظر لكون صاحب العرض أو صاحب السيارة لا يؤدي الضرائب، ولا يعرفه الركاب مما قد يؤدي إلى مشاكل أخرى. ورغم ذلك، يبقى حل Covoiturage الأكثر طلبا من قبل المسافرين، خصوصا من فئة الشباب، حيث يعلل البعض ذلك بكونه الأكثر نجاعة، والأقل ثمنا، إذ أنه، ووفق تعبير بعض المسافرين، “يسهل عملية التنقل بثمن أقل”، كما أنه “آمن بالنظر لأن صاحب السيارة لا يرتبط بعامل الربح وإنما بعامل التعاون”. وزارة النقل.. إجراءات استثنائية ولتجاوز عشوائية التنقل خلال فترات العطل والعيد، كان محمد نجيب بوليف، كاتب الدولة المكلف بالنقل، قد كشف قبل أيام عن اتخاذ وزارة النقل لمجموعة من الإجراءات الاستثنائية لتسهيل عملية تنقل المسافرين أثناء عيد الأضحى. وأوضح بوليف في تصريح للصحافة أن من بين الإجراءات تنظيم حملة تحسيسية وتواصلية مرتبطة أساسا بملف السلامة الطرقية، والتي تم من خلالها تعبئة 36 مدينة بمحطاتها، على أساس الالتزام مع المهنيين والمسافرين بالسلامة الطرقية. فيما حدد بوليف الإجراء الثاني في الرخص الاستثنائية التي قال إن الوزارة ستقوم بمنحها من أجل تخفيف الضغط على وسائل النقل، مشيرا إلى أن الوزارة فتحت طلبات العروض بشأن الرخص الاستثنائية لتفادي الضغط على النقل، ولكي يكون العرض في مستوى الطلب. ودعا بوليف المراقبين إلى تكثيف عملهم الرئيسي، كما حث الدرك الملكي على أن يكونوا طرفا ديناميكيا وأكثر نجاعة في فترة الأعياد.