شددت ندوة موضوعاتية نظمت مؤخرا بالدارالبيضاء، على أن الرقي بالجهة يتطلب معالجة مشكل الارتقاء الاجتماعي وانتظارية أصحاب القرار . وحسب توصيات الندوة الجهوية الموضوعاتية حول الفوارق المجالية وتحدي التضامن بين الجهات، المنظمة بشراكة بين مجلس المستشارين وجهة الدارالبيضاءسطات، وبدعم من مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وكونراد ايدناور، فقد تم التأكيد على ضرورة العمل على الأبعاد التي تتحكم في مستوى الفوارق من خلال معالجة اختلال الارتقاء الاجتماعي والشعور بضعف مبدأ الاستحقاق، والحد من تردد وانتظارية أصحاب القرار السياسي، وضمان نجاعة وتجانس السياسات العمومية . وأبرزت هذه التوصيات، الواردة في التقرير التركيبي الخاص بالندوة، أهمية الحد من الفوارق المجالية عبر تحسين الحكامة والديمقراطية المحليتين، وتعزيز التضامن المجالي، وذلك عبر إعداد برامج التنمية الجهوية بناء على دراسات معمقة تتجاوز التقديرات الميزانياتية والمونوغرافيات الجهوية الوصفية، وملاءمة السياسات القطاعية مع خصوصيات كل جهة، وإعادة التفكير في التنمية الحضرية، وإعادة تحديد الدور المحرك الذي ينبغي أن تقوم به الحواضر في إطار جهوي، وتعزيز ريادة الأعمال والمقاولات وتشجيعها، من أجل جذب واستقطاب مستثمرين مستقرين بما يضمن خلق فرص الشغل و الثروات . ومن هذه التوصيات أيضا تطوير الأنظمة المعلوماتية الإحصائية على المستوى الجهوي عبر إحداث جهاز للمعلومات وتنزيله ترابيا عبر اعتماد النهج التصاعدي كقاعدة لجمع المعطيات وإحداث آليات للرصد والتتبع وتنزيلها ترابيا عبر مراصد جهوية، وتقوية المرصد الوطني للديناميات المجالية، والعمل على إعداد خارطة طريق لإنشاء المراصد الجهوية، وذلك من أجل إعداد المؤشرات المجالية . وجرى التأكيد على ضرورة تعزيز التماسك المجالي للتدخلات العمومية على مستوى التراب الوطني، وضمان تناسق بين اختيارات التهيئة والتأطير لوثائق التخطيط الاستراتيجي المجالي، وتعزيز صلاحيات الجهات في اتخاذ القرار، من خلال وضع التحفيزات وآليات المواكبة الضرورية لتمكين الجهات والجماعات من ضمان الإعمال الفعلي لمبادئ التعاون بين الجماعات والتعاون بين الجهات والتعاقد . وخلصت الندوة أيضا إلى أهمية النهوض بحكامة مسؤولة مرتكزة على المقاربة الجهوية، وذلك عبر إعطاء الأولوية لوضع سياسة عمومية موجهة لتنمية المناطق الجبلية، وفقا لمقاربة تشاركية . وبناء عليه فقد تمت الدعوة إلى اعتماد مقاربة مختلفة للحد من الفوارق المجالية من خلال جعل الإنسان في صلب كل الاستراتيجيات . وتتكون هذه المقاربة المقترحة من ثلاث مراحل متعاقبة، أولاها للتأهيل تهدف إلى رفع مستوى مؤشرات التنمية البشرية للجهات التي تسجل تأخرا مقارنة مع المعدل الوطني . أما المرحلة الثانية فتتعلق بملاءمة هذه المؤشرات مع المؤشرات المعترف بها على الصعيد الدولي، سيما أهداف التنمية المستدامة، في حين تهم المرحلة الثالثة جعل الجهات أقطاب ا حقيقية للتنمية والتنافسية . وتمت الاشارة كذلك إلى أن الفوارق تظل قائمة حتى في أكبر الجهات مثل جهة الدارالبيضاءسطات ، التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، فرغم توفرها على إمكانيات اقتصادية هائلة فإنها تشكو من فوارق كبرى، من قبيل الخصاص في الطرق القروية والولوج إلى الماء الشروب والكهرباء، مما يفيد أن عجلة التنمية تسير بسرعات مختلفة حتى داخل نفس الجهة. وتندرج هذه الندوة في إطار سلسلة اللقاءات التي ينظمها مجلس المستشارين في سياق احتضانه للحوار العمومي المجتمعي التعددي بخصوص القضايا ذات الصلة بإعمال الدستور وضمان التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ومساهمة منه في تعميق النقاش الدائر على المستوى الوطني حول ورش الجهوية المتقدمة وسبل تنمية الجهات، والحد من الاختلالات الاقتصادية والتباينات الاجتماعية والمجالية.