خلال زيارته للمغرب بدعوة من حزب التقدم والاشتراكية والممتدة من 2 مارس الجاري إلى غاية أمس الاثنين، قام الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق خالد حدادة والوفد المرافق له بأنشطة مكثفة شملت لقاءات مع أحزاب سياسية ومسؤولين رسميين وأنشطة إعلامية.. وأجرى خالد حدادة محادثات مع كل من محمد نبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وفتح الله ولعلو نائب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رفقة أعضاء من المكتب السياسي ولجنة الشؤون الخارجية للحزب، كما التقى بمقر حزب الاستقلال بوفد هام عن اللجنة التنفيذية للحزب برئاسة شيبة ماء العينين ومحمد السوسي المفتش العام، وتباحث مع التهامي الخياري الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية ومحمد مجاهد الأمين العام لحزب اليسار الاشتراكي الموحد، كما التقى مساء أمس بالمقر المركزي للإتحاد المغربي للشغل بقيادة الإتحاد برئاسة الأمين العام للمركزية النقابية ميلودي مخارق. وعلى المستوى المؤسساتي، استقبل خالد حدادة من طرف محمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين، وفريق التحالف الاشتراكي بالمجلس نفسه، وإدريس السنتيسي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، كما التقى خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وبنزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وعضو المكتب السياسي للحزب نفسه.. وأجرى خالد حدادة محادثات مع أحمد حرزني الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وانتقل حدادة إلى مدينة فاس حيث تم استقباله من طرف عمدة المدينة حميد شباط والتقى بمقر الحزب بعدد من التنظيمات المحلية لحزب التقدم والاشتراكية. وتميزت هذه الأنشطة الرسمية والحزبية، بعقد ندوة صحفية بالرباط وإجراء حوارات صحفية تهم أساسا مواقف وتحاليل الحزب الشيوعي اللبناني لأهم القضايا المطروحة الآن في الساحة العربية واللبنانية.. وخلال هذه اللقاءات ، أبدى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، مواقف دقيقة وتحاليل عميقة من قضايا يمكن إجمالها في ثلاث محاور أساسية: الأحداث الحالية التي يعرفها العالم العربي، والوضع السياسي والاجتماعي اللبناني، إضافة إلى الوضع المغربي وبشكل خاص ما يتعلق بالقضية الوطنية المغربية.وقد عبر خالد حدادة في كل هذه اللقاءات عن تقييم الحزب الشيوعي اللبناني الإيجابي، عموما، للثورات والاحتجاجات التي تعرفها المنطقة العربية والتي ستليها تحولات عميقة، ستغير، مهما كان مسارها الميداني، في منظومة القيم مشبها إياها، رغم الفوارق الشاسعة، بأحداث 1968 بفرنسا، وما تلاها من تحولات كبرى في مجمل منظومة القيم بأوربا، كما اعتبر أن هذه الأحداث والتحولات تعبر عن الموت السريري للنظام العربي على مستوى الجامعة العربية وعلى مستوى كل بلد على حدة، وكذا فشل البدائل المطروحة في الساحة العربية ومنها البديل الأصولي والبديل اليساري الذي يحتاج الآن إلى إعادة البناء للحضور بقوة في قلب التحولات حتى يتمكن من التأثير في مسارها.. وفي المحور اللبناني أوضح خالد حدادة لمحاوريه المغاربة أن لبنان، وعكس ما يعتقده الكثيرون، هو البلد الأقل ديمقراطية في العالم العربي، حيث إنه يتوفر على الكثير من الحرية لكن القليل من الديمقراطية بسبب النظام الطائفي ونظام المحاصصة المعمول به، حيث يحرم المواطن اللبناني من أبسط حقوقه وهو الانتماء إلى الوطن وحمل صفة مواطن لبناني، حيث الانتماء الطائفي وضرورة مرور كل لبناني عبر الطائفة للانتماء للوطن، معتبرا أن الساحة اللبنانية من أصعب الساحات في الحراك العربي الحالي حيث لا يواجه المواطن دكتاتور واحد بل عدد كبير ممثل في عدد زعماء الطوائف، مؤكدا أن المهمة الوطنية الكبرى التي توازي مهمة المقاومة وتحرير الأرض هي إسقاط النظام الطائفي وتحرير المواطن.. ونبه إلى إمكانية استثمار هذا الوضع الطائفي في لبنان من طرف الولاياتالمتحدة للدخول من جديد للمنطقة لتعويض الخسارات التي يحتمل أن تتكبدها بسبب الثورات الجارية حاليا، لتأجيج الصراع الطائفي خاصة بين السنة والشيعة باستغلال حدث اغتيال الرئيس الحريري، وهو الصراع الذي يمكن أن يمتد إلى مجمل المنطقة لتحويل الأحداث في الإتحاد الذي ترغب فيه أمريكا. وكان لافتا الصراحة التي تحدث بها خالد حدادة بخصوص القضية الوطنية المغربية، حيث أوضح أن موقف الحزب الشيوعي اللبناني من قضية الصحراء أملته سابقا اعتبارات برغماتية تهم أساسا المصلحة الوطنية للبنان، حيث تم الوقوف بشكل أوتوماتيكي بجانب الجزائر التي كانت تدعم المقاومة اللبنانية، إضافة إلى الصورة التي كانت للمغرب في الأذهان بفعل سنوات الرصاص..الآن تغيرت المعطيات، يقول خالد حدادة، الذي قيم إيجابيا مقترح الحكم الذاتي ومشروع الجهوية الموسعة معتبرا أن المسار الحالي ينبغي أن يتجه نحو التوحيد وليس مزيد من التفتيت مذكرا بالمشروع الأمريكي لتفتيت كل الدول العربية إلى دويلات ليسهل التحكم فيها، كما عبر عن تقديره الإيجابي لفتح قنوات التواصل مع الجزائر معبرا عن دعمه لمطلب فتح الحدود بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين المغربي والجزائري.. وعبر محاورو خالد حدادة من الجانب المغربي عن تقديرهم العالي للحزب الشيوعي اللبناني ولمواقفه الوطنية الأصيلة ولما أنتجه من فكر وثقافة وفن عبر مناضليه من المثقفين، ووقف خالد حدادة عن مدى التأثير الكبير لمفكري ومثقفي وفناني الحزب الشيوعي اللبناني في الساحة الثقافية المغربية أمثال حسين مروة ومهدي عامل ومرسيل خليفة وغيرهم... وقد ختم وفد الحزب الشيوعي اللبناني أنشطته بزيارة مقر جريدتي حزب التقدم والاشتراكية البيان وبيان اليوم والاجتماع بهيئة تحريرهما. ومن المنتظر أن يصدر في أعقاب هذه الزيارة بيان مشترك بين الحزب الشيوعي اللبناني وحزب التقدم والاشتراكية يحدد المواقف المشتركة بين الحزبين وكل القضايا التي كانت مثار محادثات بينهما.