استضافت دار الشعر بمراكش مؤخرا مجموعة من الشعراء: عبد الدين حمروش وحسن الوزاني وزكية المرموق، في سعي حثيث لمزيد من الإنصات إلى التجارب الشعرية المغربية على مختلف رؤاها وأنماط الكتابة وتجاربها وحساسيتها. ورافق الفنان أمين الشرادي، العازف على آلة العود، الفنانة وصال حاتم، في مصاحبة موسيقية أضفت المزيد من ألق الشعر على اللقاء، من خلال استدعاء لمقاطع غنائية “أصيلة” لازالت تسكن وجدان المتفرج والمتلقي. شكلت، كل من تجربة الشاعرين حسن الوزاني وعبد الدين حمروش، إضاءات فعلية حقيقية لعبور هذا المسار الذي شهدته التجربة الشعرية المغربية نهاية الثمانينيات، فيما تعتبر الشاعرة زكية المرموق أحد الأصوات الشعرية النسائية اليوم، والتي رفدت تجربتها من عمق أسئلة الشعر وأسئلة الكينونة. الذات المثقلة بحس الكينونة: اعتبر الشاعر عبد الحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، أن “العودة إلى “نوافذ شعرية” لا للإطلالة منها على الشعر، بل ليحلق الشاعر بجناحيه بعيدا.. نوافذ دار الشعر بمراكش إطلالات دائمة على تجارب شعرية وحساسيات وأجيال وأنماط على اختلاف رؤاها.. واليوم اختارت دار الشعر بمراكش ديوانا خاصا، ثلاث تجارب تقترب من روح الشعر وكينونة الإنسان.. وكأنه إنصات إلى الذات”. وقرأ الشاعر عبد الدين حمروش، “الشاعر الذي ظل رفيقا لجيل العبور، الجيل الذي حمل القصيدة بعيدا وحررها من براثن “الأسطرة” والتعاليم.. وفتح نافذة للوردة، منذ البداية وأعادنا لتأمل هذا الزمن الملتبس، الهارب بين أصابعنا.. الشاعر الذي كتب عن سيرة الراقد ها هنا المعتمد بن عباد..”، قرأ عبد الدين حمروش نصوصه القصيرة في إصرار على تعريف البداهة: “ما درى أن انكسار القلب تفضحه الحروف ولا درى أن اشتعاله قد تواريه السجون يد تؤم يدا، رأيت بأم عيني كيف تمسح ظلها ما قلت شيئا، غير أني كلما ألفيت أزهار الخريف يضيق بها الفراش، أسر في أذن: صباح الريح يا شباكها” أما الشاعر حسن الوزاني، صاحب “هدنة ما” و”أحلام ماكلوهان”، والذي ظل موزعا بين هموم وأسئلة القصيدة، وقضايا الكتاب والقراءة والبحث العلمي (دليل الكتاب المغاربة، الأدب المغربي الحديث: دراسة ببليومترية، قطاع الكتاب بالمغرب..)، ظل حريصا على صوته الخاص، لغة تنساب عميقا في ثنايا ووجدان القارئ بنفس حكائي متدفق. الشاعر حسن الوزاني والذي حفر للقصيدة مكانا قصيا داخله استعاد صوت الشاعر داخله، وقرأ بعضا من “أحلام ماكلوهان”، وأهدى لنساء العالم “نساء المترو”.. يقول الشاعر في أحد نصوصه: “ثم إني لم أنتبه كثيرا للحياة لم أجالس طويلا الصبي الذي كُنْتُ قرأتُ كتاب الرمل ونَسِيتُ أن أقرأ خطوط الموت على كفي زرت عدن، الأطلسَ، الصحراءَ، مغاراتِ الأرض ونسيت أن أزورَ نَفْسي” الشاعرة والمترجمة زكية المرموق، صاحبة دواوين “أخرج إلى النهار” و”أمشي على الماء وأكثر” و”في الغياب… أمشي فيك” والتي ترى في القصيدة “رسم لواقع آخر ولوحة تحتاج لإعادة تشكيل”، هذا الصوت النسائي الذي انضاف إلى هذا الحراك للقصيدة والمنجز الشعري النسائي القوي والخصب السنوات الأخيرة، اختارت من نصوصها وشذريتها القصيرة، ما يوازي هذا الصراخ، ل “أنا” مثقلة بانجراحات ترى في العالم جزءا من بقاياها، والبعض الآخر تخطه في القصيدة. “وأنت تركض كأرنب بري داخل اللوحة تذكر بأن الإطار مقصلة والألوان متاهة كفكرة لا تجيد القفز عبر سياج القصيدة” فقرة “نوافذ شعرية” لدار الشعر بمراكش، نافذة مفتوحة على الشعر والشعراء المغاربة، تحاول الإنصات لمختلف التجارب الشعرية الممثلة للقصيدة المغربية المعاصرة. وهي محطة ضمن البرنامج الشعري الفصلي الثالث لهذا الموسم، في مواصلة حثيثة لفتح المزيد من الآفاق على التجارب الشعرية وأنماط الكتابة بمختلف تجلياتها.