أحيى الجوق السمفوني الملكي مؤخرا، بفضاء مسرح دار الثقافة «الفقيه محمد المنوني» بمكناس حفلا موسيقيا أدى خلاله مقطوعات من روائع ريبيرتوار الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية. وتميز الحفل الذي يندرج ضمن الموسم الفني الجديد للجوق السمفوني والذي سينقله إلى عدد من المدن المغربية، بخلق لحظات رائعة عبر آلات عزفت على أوتارها أنامل أفراد الجوق فشنفت أسماع جمهور ذواق من مختلف الأعمار الذي حج بكثافة إلى فضاء المسرح. وانطلق الحفل في جزئه الأول بكونسيرتو للكمان للعازف الروسي يوري روفيتش رفقة أعضاء الأوركيسترا تحت قيادة المايسترو أولغ ريفيتش. ويعد الموسيقار الروسي روفيتش المزداد سنة 1991، من أمهر العازفين على الكمان في الوقت الحاضر، حيث بدأ العزف وعمره لا يتجاوز خمس سنوات، وعند بلوغه سبع سنوات، بدأ دراساته الموسيقية بالمدرسة المركزية للموسيقى بموسكو، وشارك بعد سنوات من التحصيل في قسم الكبار وحصل على العديد من الجوائز في عدد من البلدان. وتميز برنامج الحفل في جزئه الثاني بعزف الجوق السمفوني ل»السيمفونية السادسة» للموسيقار الروسي بيتر اليتش تشايكوفسكى، التي تعتبر من أهم وأروع ما ألفه هذا الموسيقار الكبير صاحب «باليه بحيرة البجع» و»باليه كسارة البندق» و»الجمال النائم» وأوبرا «يوجين أفوجين» وغيرها من العلامات الفارقة في تاريخ الموسيقى الحديث. واستمتع الجمهور كثيرا بعزف الجوق المتميز لهذه المقطوعة التي كانت آخر الأعمال التي ألفها تشايكوفسكي قبل وفاته بمرض الكوليرا أو كما يقول البعض منتحرا، والتي سماها مؤلفها «السيمفونية المؤثرة» وأهداها إلى ابن أخته فلادمير دافيدوف، واعتبرها مؤرخو الموسيقى عملا ينم عن عبقرية تشايكوفسكي. ويهدف الجوق من خلال إحيائه لهذه الحفلات التي انطلقت بمراكش ثم الدارالبيضاء والرباط في أكتوبر الماضي، إلى التنوع في الأسلوب الفني الذي ينهجه من خلال برمجته لمعزوفات موسيقية مختلفة تنهل من أجمل الإبداعات الخالدة للموسيقى الكلاسيكية. والجوق بصدد التحضير لتقديم سمفونية «المغربية» للمؤلف المغربي نبيل بنعبد الجليل، التي ولدت من رحم الموسيقى الكلاسيكية ومزجها بالموسيقى الشعبية المغربية الغنية بالإيقاعات. كما سيقدم عروضا موسيقية، ستعرف مشاركة المجموعة الصوتية المغربية احتفالا بعيد الموسيقى وتقديمها بأكثر من أسلوب.