ثمة أيام ذات الأهمية البالغة في مصير الشعب الأذربيجاني قد وضع أساسٌ لبدايات مهمة محددة حياته المستقبلية في تلك الأوقات وان أعادت أذربيجان استقلالها السياسي في أكتوبر عام 1991فان السنوات الأولى للاستقلال شهدت انعدام السلطة السياسية الموحدة وضعف مؤسسات الدولة والجيش والهيئات الأمنية للدولة و زاد العدوان التوسعي لأرمينيا حدة التوتر في الجمهورية. وكان حيدر علييف يعلم جيدا بأن التصدي لعدوان أرمينيا المسلح على أراضي البلد غير ممكن دون إنشاء جيش قوي نظامي منضبط. فلذلك، شرع على الفور بعد عودته إلى السلطة في إعارة اهتمام خاص لهذه القضية. وكان الرئيس حيدر علييف يقول حول ذلك في كلمة ألقاها في حفل تنصيبه في 10 أكتوبر 1993م: “جمهورية أذربيجان ينبغي لها أن تملك جيشا قادرا على الدفاع الذاتي بصفة دولة مستقلة. ومما يؤسف له أن الفترة الماضية على إعادة استقلال البلد لم تشهد إلا قليلا من الأعمال المنفذة في هذا المجال. وعند اقتضاء الحال وفي حال لم تنجم عن خطواتنا الرامية إلى حل القضية سلميا أية نتيجة فمن واجبنا الرئيسي إنشاء جيش مقتدر على الدفاع عن الجمهورية وضمان سلامة أراضي أذربيجان”. في ظل تلك الظروف أرسل الوطنيون من أبناء الشعب في ألأوقات العصيبة بدعوة إلى ابنه العظيم حيدر علييف ليحضر إلى باكو من ناختشيفان، وقبل حيدر علييف الدعوات المتكررة من أبناء الشعب ومن مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية ووصل إلى العاصمة باكو في 9 يونيو 1993حيث استطاع في وقت قياسي الوصول إلي حلول لمشاكل الوطن الملتهبة، وأن يبعد البلاد عن شبح الحرب الأهلية، ولذلك لم تكن هناك صعوبة في إجماع القوى الوطنية ومن خلفهم شعب أذربيجان من انتخابه في 15 يونيو عام 1993 رئيسا للمجلس السوفييتي الأعلى لجمهورية أذربيجان، بعدما ظهرت حكمته الرشيدة ومهارته السياسية وقدرته علي قيادة البلاد لتحقيق أهداف الأمة ، ومنذ ذلك التاريخ عُرف يوم 15 يونيو في تاريخ أذربيجان بيوم النجاة الوطني ، وأصبح عيداً وطنياً تتذكره الأجيال. كما أن الأعمال المنفذة والخدمات الفريدة التي حققها حيدر علييف لأذربيجان خلال1969- 1982- فترة توليه السلطة للمرة الأولى لم تنسَ من قبل الشعب. وفي الوقت نفسه، تقديم حيدر علييف خالص مواساته وتعازيه إلى الشعب الأذربيجاني وإعلانه عن وقوفه إلى جانب أذربيجان صباح مأساة 20 يناير 1990م في مؤتمر صحفي عقده بمندوبية أذربيجان في موسكو قد زاد من الثقة التي كانت تكن للزعيم الداهي. إن ما اتخذه الزعيم الوطني الذي كان يجد معنى حياته في الخدمات لشعبه ودولته من الأعمال والخدمات المتميزة خلال توليه زمام الحكم في الجمهورية الشابة المستقلة قد حولت خلال فترة قصيرة من الزمن أذربيجان إلى بلد صاحب النفوذ الكبير والرأي على الصعيد الدولي. وكان البلد لم تمض مدة طويلة على إعادة استقلاله آنذاك بجانب وقوع البلد في حالة الحرب مع أرمينيا. وكانت هذه العوامل المسببة بمخاطر تضطر الدول والكبرى والشركات العملاقة إلى التحلي بالحذر والحيطة عند القيام باستثمارات في أذربيجان. غير أن نفوذ الزعيم الوطني الشخصي على الصعيد الدولي قد قضى على ترددات المترددين: وتم توقيع اتفاقيات نفطية في 20 سبتمبر عام 1994م أتت نقطة انعراج في التاريخ الحذيث لاذربيجان. وهذه الاتفاقيات التي أطلقت عليها فيما بعد اسم “معاهدة القرن” كوّنت أرضية معتبرة وموثوقة لتطور البلد المستقبلي وامنه مع تعزيز موقف البلد على خارطة العالم. وبدأ أذربيجان يعرف على الصعيد العالمي كبلد النفط تحت قيادة الرئيس إلهام علييف الذي يواصل بإبداع إستراتيجية التنمية المحددة من قبل الزعيم الوطني المرحوم حيدر علييف، وبفضل برنامج الإصلاحات المتعددة، تخطت أذربيجان بشكل سريع مرحلة التنمية التي اجتازتها العديد من البلدان المتقدمة على مدى عقود لتصبح أول بلد اختتم المرحلة الانتقالية على صعيد ما بعد السوفييت. وقد أشاد البنك العالمي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بالإصلاحات الجارية في أذربيجان. وارتبط تاريخ أذربيجان في العقود الثلاثة الأخيرة بشخصية حيدر علييف، و باسمه ارتبطت نهضة الشعب في مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ولا شك في أن الزعيم الوطني حيدر علييف من الشخصيات العالمية النوادر ومنقطعي النظير ليس لأذربيجان فقط ولكن للعالم قاطبة أيضا. وذكراه العزيزة تعيش في قلوب كل أذربيجاني وأبناء جلدتنا وسوف تحيى. بقلم: أوكتاي قربانوف سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة المغربية