ديمقراطية الاقتراع تحمل نبيل بنعبد الله إلى الأمانة العامة وسعيد السعدي يعلن تشبثه بوحدة الحزب المؤتمرون صفقوا طويلا لدى إعلان أعضاء مجلس الرئاسة المحدث بتعديل القانون الأساسي انتخب المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية صباح يوم أمس الاثنين محمد نبيل بنعبد الله، أمينا عاما جديدا للحزب خلفا لاسماعيل العلوي. بعد فوزه بأغلبية أصوات أعضاء اللجنة المركزية التي صادق عليها المؤتمر ليلة الأحد الاثنين. والتزم الأمين العام المنتخب ببذل كل جهوده من أجل خدمة توجهات الحزب من أجل تعزيز المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي الذي يؤمن به، والحفاظ على وحدته وتعزيز مساهمته في الحقل السياسي المغربي، والسعي إلى ترجمة "جيل جديد من الإصلاحات" شعار المؤتمر على أرض الواقع. وحصل محمد نبيل بنعبد الله على 332 صوتا من مجموع الأصوات الصحيحة المعبرة عنها من طرف أعضاء اللجنة المركزية الجديدة التي صادق عليها المؤتمر، تمثل أكثر من 58% من الأصوات، فيما حصل منافسه محمد سعيد السعدي على 234 صوتا، تمثل نسبة حوالي 41.2% من الأصوات، بينما لم يحصل المرشح الثالث لمنصب الأمانة العامة للحزب، عبد الحفيظ ولعلو سوى على صوتين اثنين. وفور انتخابه أعلن محمد نبيل بنعبد الله التزامه بالسير على خطى سلفه اسماعيل العلوي، وانخراطه التام في تكريس وحدة الحزب وتعزيز مساهمته الفاعلة في الحياة السياسية، ودعا مناضلات ومناضلي الحزب إلى العمل على بلورة شعار المؤتمر على أرض الواقع، من خلال تقوية الآلة الحزبية على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي، وكذا على مستوى الهياكل القطاعية الموازية. وتعهد بالسعي إلى أن تحتل اللجنة المركزية المكانة التي يقرها القانون الأساسي باعتبارها هيئة تداولية تسطر مواقف الحزب وطنيا. وفي كلمة مؤثرة بعد التحاقه بمنصة الرئاسة، قال سعيد السعدي، إننا عشنا على مدى ثلاثة أيام محطة مهمة في مجال التمرس على الممارسة الديمقراطية الداخلية، وكسبنا الرهان"، مشددا على وفائه وثباته على وحدة الحزب إلى آخر رمق. بينما حال التأثر بعبد الحفيظ ولعلو دون إلقاء أي كلمة. وخلال اليوم الأخير من المؤتمر، سادت أجواء الترقب والانتظار بين المؤتمرين، الذين ظلوا مرابطين بمركب الأمير مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، يتلهفون لسماع الأخبار المتسربة من القاعة التي احتضنت آخر أطوار عمل لجنة الانتداب والترشيحات والفرز التي تأخر الإعلان عن نتائجها لساعات طويلة مرت على الجميع كأنها الدهر. وبين الفينة والأخرى يتناهى إلى مسامع المناضلين أنباء عن توقف أشغال اللجنة نتيجة اختلافات بين أعضائها حول لائحة أعضاء اللجنة المركزية، وكانت تلك الأخبار مصدر إزعاج للبعض ممن لم يألفوا ذلك، ودليل خلافات عادية داخل اللجنة بالنسبة إلى المتمرسين منهم. ومع توالي الدقائق والساعات كانت فرص انتهاء أشغال المؤتمر قبل حلول ظلام يوم الأحد تتضاءل شيئا فشيئا، بعد أن بدأ الإعياء والكلل يأخذ من المؤتمرات والمؤتمرين مأخذه، والإجهاد يزحف على أعضاء اللجنة الذين لم يذوقوا طعم النوم ليومين متتاليين. ورغم ذلك أصر المؤتمرات والمؤتمرون على مواجهة لحظات الانتظار القاتل، بالترويح عن أنفسهم بشتى الأشكال حتى خيل للكثير منهم أن ظهور المرشحين سيضع حدا لانتظارهم، إلا أن لا شيء من ذلك تحقق. وبدأ الظلام يرخي سدوله على المركب دون أن تلوح في الأفق أية بوادر النهاية، وتناثر الرفاق جماعات وفرادى في الساحات وحول الأروقة وفضاءات المؤتمر وعينهم على قاعة اجتماع اللجنة لعل الخارج منها يحمل لهم خبر الخلاص. ولم يخرجهم من يأسهم بالخلاص سوى موعد طعام العشاء الذي هبوا إليه للاستراحة من ثقل الانتظار. وعندما كانت عقارب الساعة تقترب من الحادية عشر ليلا، تسابق المؤتمرون إلى قاعة الجلسات العامة، للاستماع إلى خلاصات اللجنة، وأيديهم على قلوبهم. و تتبع المؤتمرون بانتباه شديد كلمة للأمين العام السابق، إسماعيل العلوي، لتحية المؤتمر على الانضباط والسهر على إنجاح المؤتمر، وكان ذلك الإصغاء العميق اعترافا بدور الرجل في قيادة الحزب على مدى 13 سنة، قبل أن ينهي كلمته ويبادر كريم تاج إلى تلاوة البيان الختامي للمؤتمر. وكانت إحدى اللحظات الحاسمة في المؤتمر، والتي صفق المؤتمرون لها طويلا، لحظة إعلان أعضاء مجلس الرئاسة، وهو الجهاز الجديد المحدث بتعديل القانون الأساسي. ووصف عبد الواحد سهيل، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، هذا القرار ب "التقليد الجديد والثوري داخل الحزب"، والذي يروم أولا،الاعتراف بالجميل والخدمات الجليلة والتضحية التي أسداها أعضاء مجلس الرئاسة للحزب، وتشبثه بهم كقادة وموجهين له. وثانيا، إعطاءهم الوضع الاعتباري الذي يستحقونه. وأضاف سهيل في كلمة مؤثرة تجاوبت معها جموع المؤتمرات والمؤتمرين بكثير من التأثر والتأمل، أن تعيينهم في مجلس الرئاسة، الذي يضم أعضاء مارسوا مهامهم الحزبية سواء داخل الديوان السياسي أو خارجه، يضعهم في موقع يجعلهم ضمير الحزب الحي المؤتمن على سيره والالتزام بمبادئه وقيمه. وتضم لائحة أعضاء الرئاسة 10 شخصيات هي، كما تلاها الناطق الرسمي باسم المؤتمر، عبد المجيد الدويب، وعمر الفاسي الفهري، والطيب الشكيلي، والمحجوب الكواري، وعبد العزيز بنزاكور، وامحمد كرين، ورحال الزكراوي، ومحمد بن بلا، ومحمد مشارك، وإسماعيل العلوي. وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل عندما دعا رئيس المؤتمر، أحمد سالم لطافي، رئيس لجنة الانتداب والترشيحات والفرز، سعيد الفكاك، إلى المنصة لتقديم تقرير اللجنة، حينها كان الأخير لايزال منهمكا في إعداد اللائحة التي صادق عليها أعضاء اللجنة بالأغلبية المطلقة، بموافقة 40 عضوا ومعارضة 10 أعضاء وامتناع 9 آخرين عن التصويت. وزاد ذلك من رتابة الجلسة التي لم يكسرها إلا القراءات الشعرية الجميلة لكل من إدريس الملياني وإدريس الكرش ومليكة واليالي. وجاءت ساعة الحقيقة حيث استمع المؤتمرون والمؤتمرات إلى تقرير اللجنة والمنهجية التي اعتمدتها في تحديد أعضاء اللجنة المركزية من بين 920 ترشيحا توصلت بها، والتي تستند إلى تنقية اللجنة السابقة، ثم البت في اقتراحات الفروع الإقليمية والقطاعات السوسيو- مهنية ثم المنظمات الموازية، ثم تحديد شروط التمثيلية في اللجنة المركزية. وأبرز الفكاك أن نقاشات حادة طبعت أشغال اللجنة التي توصلت إلى حل توافقي تفاديا لما أسماه "وقوع كل ما من شانه تعكير صفو المؤتمر". هذا الاحتراز والحرص على إنجاح المؤتمر الذي طبع أشغال لجنة الفرز سرعان ما تفجر خلال الجلسة العامة ما قبل الأخيرة. وبمجرد الانتهاء من إعلان أسماء أعضاء اللجنة المركزية الجديدة، ومصادقة المؤتمر بالأغلبية الساحقة عليها، ارتفعت أصوات قليلة داخل القاعة تطالب بإعلان عدد أعضاء اللجنة، قبل أن تتطور الأمور إلى احتجاجات متواترة من أقلية دافعت عن توجه يرى أن عدد أعضاء اللجنة المركزية مرتفع جدا وغير معقول. ورغم دعوات ومناشدة الأمين العام السابق بالتزام الهدوء لمناقشة الأمر، إلا أن الغاضبين استمروا في التعبير عن رفضهم. وكادت الرئاسة أن تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، عندما طرح رئيس المؤتمر ثلاثة خيارات أمام المؤتمرين إما بالإبقاء على نفس عدد اللجنة المركزية التي صادق عليها المؤتمر، وإما تقليص عددها، أو الرفع منه، ولولا حنكة وتجربة سالم لطافي، عندما قرر رفع الجلسة لمدة نصف ساعة لفسح المجال أمام الرئاسة للتداول في الأمر، لاستمر النقاش إلى ما لا نهاية. وعادت اللجنة بقرار حاسم قبيل الساعة الثالثة صباحا من يوم الاثنين، لتؤكد أن المؤتمر صادق بالإجماع على لائحة اللجنة المركزية، ومن شاء أن يطعن في قرارها يمكنه إحالة طعنه على مجلس الرئاسة في أول مهمة قد يباشرها. وخفت حدة التوتر الاحتجاج وساد نوع من الهدوء في القاعة ليعلن الرئيس فتح باب الترشيح لمنصب الأمانة العامة. وكان أول المرشحين محمد سعيد السعدي، ثم تلاه محمد نبيل بنعبد الله، فعبد الحفيظ ولعلو، فانتقلت اللجنة المركزية إلى الاقتراع السري لانتخاب أمين عام الحزب. وهي العملية التي دامت من الساعة الرابعة فجرا إلى الساعة الثامنة صباحا تحمل خلالها مناضلو ومناضلات الحزب مشقة السهر وطول الانتظار. ورغم العياء الظاهر والرتابة المملة، إلا أن اليأس لم يتسرب إلى أي واحد منهم. وقبيل الإعلان عن النتائج النهائية، ساد تخوف من الاضطرار إلى خوض دور ثان من الانتخابات، مما قد يطيل محنة انتظار الأعضاء، أو قد يطيل من عمر المؤتمر الذي يفترض أن ينهي أشغاله مساء الأحد. وحوالي الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم الاثنين كانت اللجنة تقدم نتائج عملية فرز الأصوات. ومنح أعضاء اللجنة المركزية ثقتهم لمحمد نبيل بنعبد الله أمينا عاما للحزب، بعد أن حاز أغلبية أصواتهم. وبلغ عدد الأصوات المعبر عنها 578 صوتا من أصل 684 هم أعضاء اللجنة المركزية الجديدة، وبلغ عدد الأصوات الصحيحة 568 صوتا، بعد تسجيل 10 أصوات ملغاة.