تعد حرية التعبير حقا عالميا، وركناً أساسياً من منظومة حقوق الإنسان وتصنف كجزء من الحقوق المدنية والسياسية، وبدون تمتع الإنسان بهذا الحق، لن يتمكن من التمتع بأي من الحقوق الأخرى، لهذا حظي هذا الحق باهتمام واسع، نصت عليه العديد من المعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذا دساتير أغلب الدول الديموقراطية ومن بينها الدستور المغربي. فحرية التعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبيرعن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أوالكتابة أوالعمل الفني بدون رقابة أوقيود حكومية، بشرط عدم تعارضها شكلا أو مضمونا مع قوانين وأعراف الدولة أوالمجموعة التي سمحت بحرية التعبير. وحسب كتاب الأسس والقواعد الدولية لمنهجية الإعلام، فبدايات هذا المفهوم تعود إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688، ونصبت الملك وليام الثالث والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش، وبعد سنة من هذا أصدرالبرلمان البريطاني قانون “حرية الكلام في البرلمان”. وبعد عقود من الصراع أصدرت الجمعية التأسيسية الوطنية في فرنسا إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن. تلتها فيما بعد عدة مواثيق دولية أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنه 1948 الذي ينص في المادة 19 منه على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.” كما نصت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1976 أيضاعلى هذا الحق؛ ” لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة، ولكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”. وفي نفس المنحى خصّص المشرع المغربي الباب الثاني من الفصول 19 إلى 40 بكاملها للحقوق والحريات. فقد أقر الدستور 2011 في الفصل 25 بشكل صريح على “أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”، وفي الفصل 28 بأن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، و للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”. ولا بد أن نشير إلى أن مدونة الصحافة والنشر التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2016، استمدت قوتها من دستور2011، وجاءت لتعيد تنظيم مهنة الصحافة بالشكل الذي يستجيب لحاجيات الصحافيين، ولا جدال في كون الهدف الأمثل لهذا القانون هو توفير أقصى الضمانات للصحفيين المهنيين، حتى ينعموا بأقوم الشروط وأفضلها، ويتمكنوا بأنجع الوسائل وأحسنها من أداء مهمتهم، ومن أبرز هذه الضمانات، إرساء دعائم الحرية وإلغاء العقوبات الحبسية، وتعويضها بالغرامات المالية، وتنص المادة الثالثة من قانون الصحافة والنشر على أن “حرية الصحافة مضمونة طبقا لأحكام الفصل 28 من الدستور ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية…”. فحرية الصحافة إذا هي الدليل لمجتمع تسوده الديموقراطية وحرية التعبير، وتكفلها الدساتير الوطنية، والمواثيق الدولية، وبالتالي فإن الوضع المقبول لحرية الصحافة هو أن تعمل في بيئة قانونية واضحة وعادلة، فإلى أي حد تتطابق النصوص المذكورة في الدستور المغربي الجديد وفي مدونة الصحافة والنشر حول حرية التعبير مع الواقع؟ الضمانات الدستورية لا تطبق على أرض الواقع قال أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لجريدة بيان اليوم، “إن حرية التعبير في المغرب قطعت أشواطا كبيرة، فقد صادق المغرب على عدة معاهدات واتفاقيات تنص على حرية التعبير، من بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذان ينصان في المادة 19 منهما على أنه لكل شخص الحق في التمتع بحرية الرأي والتعبير”. وأضاف الهايج، أنه على الرغم من كون الدستور المغربي يكفل الحق في التعبير، خصوصا في المادتين 25 و28، إلا أن تلك الضمانات الدستورية والقانونية لا تطبق على أرض الواقع، فالصحفيون ما زالوا يعانون من التضييق، ومن مجموعة من الانتهاكات، خاصة حينما يتعلق الأمر بالمتابعات القضائية، حيث يتابع الصحافي بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، وهذا يعود بالمغرب إلى الوراء فيما يتعلق بحرية التعبير. لا توجد حماية للصحافيين أكد سامي الموذني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، في تصريح لبيان اليوم، على أن تقييم حرية الصحافة بالمغرب يستدعي استحضار ثلاثة مستويات، المستوى الأول يتعلق بالقوانين التشريعية والضمانات القانونية، والمستوى الثاني مدى ملاءمة القوانين الدولية بالوطنية، أما المستوى الثالث فيتعلق بواقع الممارسة وآليات الحماية. واعتبر الموذني أن المغرب حقق مكتسبات كبيرة، وذلك من خلال إنشاء عدة قوانين تنظم العمل الصحفي، كقانون الصحافي المهني، وقانون الصحافة والنشر، بالإضافة إلى المجلس الوطني للصحافة، لكن رغم هذه القوانين إلا أنه لا توجد ضمانات للصحافي، وخير دليل على ذلك هو متابعة الصحافيين الأربعة مؤخرا بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، وهذا أمر مخالف للتشريعات الوطنية والدولية. وفيما يتعلق بمدى ملاءمة القوانين الدولية بالوطنية، يقول الموذني، “إن المغرب وقع على عدة معاهدات ومواثيق دولية، وإن هناك تفاعل كبير بين المغرب والفاعلين الدوليين، وانفتاح كبير على المقررين الخاصين، فالمغرب استقبل عددا كبيرا منهم في إطار انفتاحه على المقررات الدولية، لكنه لم يستقبل لحدود الساعة المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير، ويبقى سؤال عدم استقباله مطروحا، كما أنه كانت هناك عدة توصيات لعدم متابعة الصحافيين بالقانون الجنائي إلا أنه تم التحفظ عليها”، وأكد الموذني على أن كل هذا يدل على أن تفاعل القوانين الدولية بالوطنية لا يرقى إلى المستوى المطلوب. واسترسل رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، في الحديث عن المستوى الثالث المتعلق بواقع الممارسة وآليات الحماية، قائلا، إنه لا توجد حماية للصحافيين، واعتبرهم الحلقة الأضعف، خاصة في الصحافة المكتوبة والإلكترونية، ويضيف المتحدث نفسه أنه رغم الامتيازات التي قدمها قانون الصحافة والنشر إلا أن الصحافيين ما زالوا يعانون من مجموعة من المضايقات، لكن عموما لم يتم تسجيل أي اعتداء في الاحتجاجات والتظاهرات وهذا يدل على أن المغرب خطى خطوات كبيرة خاصة في السنوات الأخيرة. وأشار سامي الموذني في الختام إلى ضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة، والحرص على نشر المعلومة الصحيحة والمفيدة، والبعيدة عن “البوز”، ودعا إلى ضرورة الفصل بين الإشهار والصحافة لأن هناك تأثير واضح لسلطة الإشهار على هيئة التحرير، وهو ما اعتبره وضع غير سليم ويستدعي حوارا وطنيا لدراسة واقع الإعلام بالمغرب. *** عبد الله البقالي*: قانون الصحافة والنشر تعتريه مجموعة من النواقص في حوار مع بيان اليوم، أجاب عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة عن ثلة من الأسئلة المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير، التي اعتبرها حقا مقدسا نقيس به مستوى التطور السياسي والديموقراطي للبلاد، وأشار البقالي أن دستور 2011 جاء بالعديد من المكاسب فيما يتعلق بحرية الصحافة والنشر والتعبير، وأن قانون الصحافة والنشر الحالي لا يمكن مقارنته بالقوانين السابقة، لما جاء به من تعديلات جوهرية، لكن رغم هذه التعديلات إلا أنه ما زالت تعتريه مجموعة من النواقص، كما أكد رئيس النقابة الوطنية للصحافة على أن المغرب ما زال في حاجة إلى تقوية ترسانته القانونية المرتبطة بحرية الصحافة والتعبير بصفة عامة سواء تعلق الأمر بحرية الصحافة أوبحرية النشر أو الحق في الحصول على المعلومة. ماذا يعني لكم كنقيب للصحافيين المغاربة الحق في حرية التعبير؟ الحق في حرية التعبير هو من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية كلها بدون استثناء، ومن الحقوق الأساسية التي يمكن أن نقيس بها مستوى التطور السياسي والديموقراطي في أي بلد، وبالتالي فحرية التعبير هو حق مقدس، فرغم أنه منظم بقانون إلا أنه يبقى مقدسا لتكريس حقوق الإنسان في المجتمع برمته. ما هي في نظركم الآليات القانونية والمؤسساتية لضمان حق حرية التعبير؟ هناك العديد من الآليات والقوانين المتطورة، لكن هذا الأمر لا يسري على المغرب، لأن هناك قوانين عليها الكثير من الملاحظات والمؤاخذات، وعلى الإدارة المغربية أن تحترم حرية الصحافة والتعبير، من خلال توفيرها للمعلومة التي يحتاجها الصحافيون في أداء مهامهم، والانفتاح على وسائل الإعلام وتشجيعها. وأعتقد أن هناك آلية أساسية لقياس حرية التعبير وحرية الصحافة وهي الإعلام العمومي، أو الإشهار العمومي الذي يستخدم كسلاح لإعطاء امتياز لوسائل الإعلام على حساب أخرى، وهذا أسلوب اعتمدته الأنظمة الديكتاتورية في تاريخ العالم، لكنه لم ينجح بل العكس، كان من العوامل الأساسية التي دمرت حرية الصحافة والتي قضت على معالم الدولة الحديثة، لذلك يعتبر الإشهار أو الإعلام العمومي، آلية من الآليات الأساسية التي نقيس بها مدى احترام الدولة لحرية الصحافة والتعبير، وطبعا هناك آليات مؤسساتية أخرى من المفروض أن تحرص على احترام حرية الصحافة سواء تعلق الأمر بمجلس الوطني للصحافة أو بالإدارات العمومية المهتمة بحقوق الإنسان، أو بالإطارات النقابية أو التعبيرية التي يحفل بها المشهد الإعلامي بصفة عامة. وفي نظري القانون الجيد، هو الذي يكرس حرية الصحافة والتعبير، والذي يتخلص من هاجس الأمن والتضييق، وملاحقة الصحفيين، وهو، أيضا، آلية من الآليات الأساسية التي يمكن من خلالها حماية حرية الصحافة. كيف ترون واقع حرية التعبير بعد دستور 2011 وبعد إقرار قانون الصحافة والنشر؟ أولا دستور 2011 جاء بالعديد من المكاسب فيما يتعلق بحرية الصحافة والنشر والتعبير، لأول مرة يتم التنصيص الدستوري على قضايا تهم حرية الصحافة والنشر، وتهم الصحافي المغربي، ومن ذلك مثلا ما يتعلق بالتنصيص على إحداث التنظيم الذاتي للصحافيين، وما يتعلق باحترام حرية الصحافة واحترام كرامة الصحافيين، وبالتالي يمكن أن نجزم أن دستور 2011 جاء بالعديد من الإضافات النوعية المهمة جدا في مجال حرية الصحافة بالمغرب. كما أنه لا يمكن أن نقارن بين قانون الصحافة والنشر الحالي، وقوانين الصحافة والنشر السابقة، لأن هناك تعديلات أساسية وجوهرية مهمة طالت العديد من الفصول ليس أقلها أهمية تطهير قانون الصحافة والنشر من العقوبات السالبة للحرية، وإلغاء آجال الاستدعاء، وتحديد آجال التقادم، والعديد من المكاسب الأخرى التي تعتبر إضافات مهمة في مجال حرية الصحافة، لكن من المؤكد أنه ليس قانونا مثاليا، لأنه ما تزال تعتريه العديد من النواقص، إذ لا يمكن أن نقبل مثلا بنقل كثير من فصول الصحافة والنشر إلى القانون الجنائي لتجريمها، وهناك إشكالية أخرى هو أن هذا القانون رغم اتفاقنا عليه ورغم تنويهنا بالتغييرات المهمة التي جاء بها، ورغم أهميته الكبيرة، نلاحظ أنه في كثير من الأحيان يتم الاتجاه إلى إعمال قوانين أخرى كالقانون الجنائي، أو قوانين قطاعية متسترة، أو قانون الإرهاب، بدل قانون الصحافة والنشر لمتابعة الصحافيين ومخالفات النشر، وهذه إشكالية كبرى، تفرغ هذا القانون من الأهمية النسبية التي جاء بها، وهناك أيضا العديد من الملاحظات والمآخدات التي مازالت تعيب هذا القانون، لذلك نتطلع أن يقتنع جميع الأطراف بضرورة تداركها لما فيه خدمة حرية الصحافة بالمغرب. في نظركم أين يمكن أن تقف حرية التعبير، أو ما هي حدود هذه الحرية؟ حدود حرية التعبير، ينظمها ميثاق أخلاقيات المهنة، هذا الميثاق المعروف بمجموعة من الضوابط التي لا بد من احترامها، كالحياة الخاصة للأفراد، والتوظيف النمطي للمرأة في الإعلام، واستغلال القاصرين، ونشر صور الجثث، وغيرها من القضايا المعروفة في مواثيق أخلاقيات المهنة. من حسن الحظ أن المجلس الوطني للصحافة صادق على مشروع ميثاق أخلاقيات المهنة، الذي نعتبره مهم، وهو الآن موجود في الأمانة العامة للحكومة لنشره في الجريدة الرسمية، ونعتقد أن هذا الميثاق سيسهم بشكل كبير في توضيح معالم المسار الأخلاقي في أداء هذه المهمة الصعبة. كيف تتعامل النقابة الوطنية للصحافة مع قضايا انتهاكات حرية التعبير؟ أولا، نحن نتابع باستمرار وبدقة عالية مختلف الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير في بلادنا، ونتعامل معها بأساليب فعالة، فهناك قضايا التي تستدعي تنصيب محامي ومؤازرة المتابعين في المحاكم، وهذا حصل في الكثير من الحالات، وهناك أيضا توجيه مذكرات رسمية إلى الجهات الإدارية المسؤولة لتنبيهها إلى الانتهاكات التي تطال حقوق الصحافيين. نعمل، أيضا، على تنظيم وقفات احتجاجية واعتصامات وإضرابات، نخوضها تضامنا مع الصحفيين المتابعين، واستشعارا بالخطورة البالغة التي تكتسيها تلك الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير في بلادنا، كما نقوم بإصدار البلاغات والبيانات لمتابعة هذه التطورات، ونقوم أيضا بتنسيق مع الاتحادات الدولية والإقليمية للصحافيين لمؤازرتنا في مختلف هذه المعارك، كما نصدر تقريرا سنويا يتعرض لمختلف الأحداث التي ارتبطت بانتهاكات حرية الصحافة، وهذا التقرير يعتبر وثيقة رئيسية ومهمة جدا، تمثل إضافة كبيرة جدا للمشهد الإعلامي الوطني. في نظركم كيف يمكن تعزيز هذا الحق؟ لتعزيز هذا الحق لا بد من وضع ترسانة قانونية تحمي هذه الحرية وتكرسها، فالمغرب ما زال في حاجة إلى تقوية ترسانته القانونية المرتبطة بحرية الصحافة والتعبير بصفة عامة، سواء تعلق الأمر بحرية الصحافة، أو بحرية النشر، أو بالحق في الوصول إلى المعلومة. إذا نحن في حاجة إلى ترسانة قانونية قوية، وإلى ثقافة جديدة تسود الإدارة العمومية، وتجعلها مقتنعة بالانفتاح على وسائل الإعلام، لأن هذه الأخيرة هي شريكة رئيسية في مجال السعي نحو تحقيق التنمية، أيضا لا بد من حماية هذا الحق الذي يتطلب صرامة كبيرة في التصدي لمجمل الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والصحافيين، والكف عن افتعال المحاكمات المبتذلة كما حدث مع الصحافيين الأربعة الذين توبعوا على خلفية نشر أخبار صحيحة، هذا عنوان من عناوين الإهانة في حق المغرب بصفة عامة وليس في حق من حرك هذه المتابعة فقط، إذا نحن في حاجة إلى بدل جهود كبيرة لحماية حرية الصحافة والتعبير، وللدفع في اتجاه تطوير هذه الحرية وتثمين وجودها في لبلادنا. * رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية *** محمد العوني*: واقع حرية التعبير بالمغرب يعرف مجموعة من الخروقات ما التعريف الأنسب بالنسبة لكم لحرية التعبير؟ حرية التعبير هي مدخل للعديد من الحريات والحقوق، وهي مجال للتبادل الإنساني وللنقد وللبناء المشترك وللتغيير، فبدون التمتع بهذا الحق يقع انكماش في التفكير والتلكؤ في التطوير. كيف يتم رصد خروقات حرية التعبير في منظمة حاتم؟ وما هي الآليات الترافعية التي تعتمدها المنظمة للدفاع عن حق حرية التعبير؟ تعتمد منظمة الإعلام والتعبير حاتم على عدة آليات من أجل المساهمة في النهوض بحرية التعبير وحمايتها، وأهم هذه الآليات؛ الرصد للانتهاكات والخروقات التي تتعرض لها حرية التعبير؛ وذلك أساسا عبر الموقع التطبيقي الإلكتروني مرصد حريات marsadhouri HYPERLINK “http://yat.org/” \t “_blank” yat.org الذي يعتبر منصة لتتبع التجاوزات والخروقات والانتهاكات، وتلقي الشكايات في ما يخصها، بدء من تلك التي تمس حرية الإعلام وحرية التواصل الرقمي، دون إهمال باقي مجالات حرية التعبير التي تتعرض للخرق، كما يتضمن المواقع مساحة للاخبار ذات العلاقة بممارسة حريات التعبير وحقوق الإنسان عامة وكذا مستجدات الاعلام و التواصل. ويعتبر الموقع من أبرز آليات الرصد، ولم تكتف المنظمة بإيجاد هذه البنية الداخلية والمفتوحة لشكايات وتبليغات كافة المواطنات والمواطنين، بل أيضا تم تكوين العشرات من الراصدين للمساهمة في عملية الرصد، هذا إضافة إلى التتبع الذي تقوم به إدارة موقع البرنامج التطبيقي . ومن بين آليات الترافع التي تقوم بها المنظمة، والعمل على حماية الصحافيين والمدونيين بمختلف الأشكال والتنسيق مع جهات مدنية و مؤسساتية لنفس السبيل، سواء في جانب الحماية القانونية أو الصحية أو الاجتماعية…. وتعمل المنظمة أيضا على طرح قضايا مجموعة من الفئات والملفات التي لها علاقة بحرية التعبير والترافع من أجلها، مثل حرية الإبداع، والحرية الأكاديمية، وحرية التواصل الرقمي، والحق في الحصول على المعلومات وغيرها من الجوانب التي تتطرق لها المنظمة، والتي قليلا ما يتم الانتباه إليها، وهناك أيضا آليات أخرى في الترافع اعتمدتها منظمة حاتم وما زالت تعتمدها من أجل تعديل وتغيير القوانين وإيجاد الإطارات المؤسساتية الملائمة لحرية التعبير ولما يدعم هذه الحريات، ومنها أدوات المساءلة الاجتماعية … لو طلبنا منكم باختصار تقييم واقع حرية التعبير بالمغرب اليوم، ما أبرز معالم هذا التقييم؟ تقييم حرية التعبير بالمغرب يتطلب الحديث عن عدة مجالات وقضايا وملفات تهم هذا الحق، فمنظمة حاتم لم تكتف بالحديث عن” حرية ” فقط بل اختارت الحديث عن “حريات” التعبير وضمنها حرية الإعلام والتواصل الرقمي، والملاحظ أن هناك في المغرب تركيز على جزء محدود من مجالات حرية التعبير، بينما هذه الحرية تتعلق بكل مناطق البلاد وبكل الفئات، وبالعديد من أوجه التعبير، فمثلا نلاحظ مؤخرا أن هناك عدم الاهتمام بحرية الإبداع، حيث وقع تراجع في هذا المجال بسبب اعتبار المسألة من باب الترف فقط دون إدراك مدى أهميتها ومدى حاجة المواطنين إليها في شتى المجالات، ولتوفير نطاق للميزة التنافسية والكفاءة والفاعلية العالية. ونلاحظ أيضا عدم الاهتمام بحرية التنظيم حيث تشهد هذه الأخيرة اعتداءا كبيرا، خاصة بالنسبة للجمعيات في طور التأسيس أو التجديد، التي غالبا ما تتعرض للمحاصرة والمنع خارج القانون، والسيئ في الأمر أن هذا يقع في العاصمة الرباط بشكل كبير، كما أن هناك اعتداء على حريات التعبير للمواطنين في المظاهرات والاحتجاجات كالتظاهرات والتعبيرات الاجتماعية لساكنة الدواوير والمناطق القروية، التي تتعرض للمنع وللإجهاض وهي جنينية، دون أن ننسى ما تعرض له شباب عشرين فبراير من قمع وانتقام بعدما عبروا عما يريدون بكل حرية، بالإضافة إلى الانتقام الذي يعرفه متظاهرو حراك الريف بعد التظاهر لشهور طويلة. إذن واقع حرية التعبير بالمغرب يعرف مجموعة من الخروقات والاختلالات، ويقتضي أن تتكاثف جهود جميع المتنورين والمدافعين عن حقوق الإنسان والديموقراطيين بمختلف مستوياتهم، لأن حرية التعبير عتبة للسلم الاجتماعي كما أنها مدخل لبناء المشترك الإنساني وللتغيير المجتمعي والمؤسساتي والانتقال الديمقراطي. * رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم)