أسير فلسطيني محكوم ب 3 مؤبدات يعقد قران ابنته في السجن على شاب أسير برفقة والده المحكوم بالسجن المؤبد ل 29 مرة فيما يعاني أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي من شتي أنواع التعذيب والاضطهاد والحرمان من أبسط حقوق الإنسان، يحاول بعض الأسرى انتزاع فسحة من الأمل والفرحة ليعيشوها رغما عن قسوة السجن والسجان. وفي هذا الإطار عقد أحد الأسرى الفلسطينيين قبل أيام قران ابنته على أحد الشبان الأسرى الذين يعيشون معه في سجن ريمون بصحراء النقب جنوبفلسطين التاريخية. وجاء عقد القران في سجن ريمون وسط إصرار الأسرى على حقهم بالعيش ولو للحظات حالة من الفرح والسرور وفق ما قاله مركز «أحرار» الذي رصد ما جرى داخل ذلك المعتقل. وقال مركز»أحرار» لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان: كانت أجواء جميلة تبسمت فيها الشفاه التي أراد السجان أن يحرمها الفرحة، ووزعت الحلوى على الجميع للتعبير عن البهجة، واشتد التصفيق الذي أغاظ السجان، لقد أعلنت خطوبة الأسير عبد الرحمن فتحي الخصيب من قرية قفين شمالي طولكرم المحكوم بالسجن تسع سنوات، على الآنسة مرام النتشة كريمة الأسير نعيم النتشة «أبو همام» من مدينة الخليل الذي يقضي حكما بالسجن لثلاثة مؤبدات. وقال والد العروس: «زوجتك ابنتي على مهر معجله كتاب الله – الذي يحفظه عبد الرحمن عن ظهر قلب- ومؤجله 3000 دينار..» فرد عليه عبد الرحمن: «وأنا قبلت»...... ومن ثم بدأت الهتافات وهلت الأفراح ودخلت مراسم السعادة لتضيء ظلمة السجن وتبدلت الأحزان بفرح شارك فيه الجميع. وأضاف مركز أحرار: تلك هي مراسم إعلان خطوبة الأسير الخصيب على كريمة زميله في الأسر الأسير النتشة، وهما داخل السجن، فكانت مختلفة تماماً عن تلك المراسم العادية، فهنا امتزجت الفرحة مع مرارة السجن وقسوة الحكم المفروض على والد العروس. وتابع مركز أحرار رصده للحادثة قائلا: لقد كانت لهذه المراسم رسالة للسجان مفادها أنهم يصرون على الحياة والابتهاج رغم مرارة السجن وظلمته، ليقوم بعدها والد العريس الأسير فتحي الخصيب «أبو مصعب» وهو أيضا محكوم بالسجن المؤبد ل29 مرة، بتوزيع ما توفّر من الحلويات وبعض العصائر على زملائه الأسرى. وأوضح مركز أحرار بأنه تمكن من الحديث مع والد العروس لينقل تفاصيل تلك الخطوبة الغريبة من نوعها، حيث أوضح والد العروس أنه التقى بالخصيب الابن قبل نحو سنتين في أحد السجون الإسرائيلية فأعجب بشخصيته وبأخلاقه الحميدة، قائلاً: «احترت في الهدية الثمينة التي يمكن أن أهديها لعبد الرحمن، فأهديته أغلى شيء في حياتي وهي ابنتي مرام..إنه يستحق أن أهديه هدية كهذه». وتابع مركز أحرار قائلا: غير أن الأمور لم تسر بهذه السلاسة، فرأي العروس هو الأساس وإتمام الفرحة مرهونة بموافقتها، لينتظر العريس عامين حتى جاء الوقت الذي زارت مرام والدها في ذات السجن الذي يوجد به عبد الرحمن، وهناك التقيا من خلف زجاج سميك، لكنه لم يكن حائلاً دون أن يزرع الله الحب في قلبيهما، ويقررا الاستمرار في إجراءات الخطوبة، لقد كان السجن سببا لنسج الحب بينهما. وأشار مركز أحرار إلى حالة سابقة وقال: ربما هي المراسم التي تحدث في السجن لأول مرة؛ ولكن الفكرة كانت قد راودت والد العريس قبل ذلك، فهو صاحب تجربة سابقة حين عرض إحدى بناته على أسير كان معتقلا معه، وقدر الله أن يفرج عن الأسير وأن يتم الزواج وهما الآن ينتظران ابنهم خلال الأشهر القليلة القادمة. وحسب مركز أحرار، عبر والد عبد الرحمن عن شعوره قائلا: «فرحتي عارمة أن تمكنت من حضور عقد قران ابني عبد الرحمن، فقد تزوج أبنائي الثلاثة وأنا داخل السجن، ولم أحضر حفل زواج أي منهم، وأحمد الله الذي مكنني من مشاركة ابني الرابع فرحته بالخطوبة». ويتابع موجها حديثه لرفيق دربه ونسيبه الجديد أبو همام: «هديتك هي أثمن شيء يمكن أن يقدمه إنسان لآخر، وهي من أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم، ونعاهدك أن نحافظ عليها كما نحافظ على بناتنا». أما العريس الذي من المقرر أن يطلق سراحه بعد نحو عشرة أشهر، فالخجل بدا جلياً عليه وهو يتحدث عما حدث معه قائلا: «لم أكن أتصور يوما ما أن أخطب وأنا داخل السجن، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن (عمي) بي، وأن يعينني الله على حفظ الأمانة التي حملني إياها». بدورها عبرت العروس عن فرحتها لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان بأن تم عقد قرانها، مؤكدة أن الفرحة الكبرى تكون بخروج والدها وخطيبها ووالده وجميع الأسرى من السجون، تقول: «لم يسبق لي أن رأيت خطيبي قبل تلك الزيارة، وكم يسعدني أن ارتبط برجل مثل عبد الرحمن، ضحى بحياته من أجل الوطن، لا شكّ أنه سيكون أقدر على حمل أمانة الزوجية». من جهته قال فؤاد الخفش مدير المركز الحقوقي أحرار إن هذه المناسبة تدل على عظمة الإنسان الفلسطيني الذي لن يتمكن السجان من هزيمته ولن ينجح في سرقة الفرحة منه. وأشار الخفش إلى أنه رغم الأحكام العالية التي يواجهها والدي العروسين إلا أنهما استطاعا انتزاع الفرحة والبسمة والزغرودة من براثن السجن.