■ ما معنى أن تنزلق الحالة الوطنية الفلسطينية إلى مرحلة جديدة من التحشيد الإعلامي، وحملات الإعتقال السياسي والأمني، بين حركتي فتح وحماس، في ظل أوضاع، أجمع الطرفان، في بيانات لكل منهما، أنها شديدة الخطورة، في ظل هجمة استعمارية استيطانية على يد قوات الإحتلال وقطعان المستوطنين، وهجمة سياسية مسعورة، على يد الإدارة الأميركية، إن في عقد مؤتمر وارسو، الذي حضرته أكثر من ستين دولة، لتمرير ومباركة «صفقة ترامب» ومعادلاتها السياسية الجديدة، في منحاها العدواني للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، أو في جولة الثنائي كوشنر وغرينبلات في بعض العواصم العربية، لتحشيد التأييد السياسي والدعم المالي لمشروع تصفية المسألة الفلسطينية، وتحويلها من قضية حقوق شعب في تقرير مصيره بنفسه، وتحرير أرضه من دنس الإحتلال، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حق أبنائه اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، إلى مجرد قضية «إنسانية»، يمكن حلها ببضعة مليارات، تغرق فيها الضفة وقطاع غزة، بسلسلة مشاريع إقتصادية، مقابل التخلي عن الحقوق والقضية، وشطب المسألة الفلسطينية. (2) منذ العودة من موسكو (14/2/2019) بعد تعطيل بعض الأطراف، لأسباب متباينة، إصدار إعلان يحمل اسم العاصمة الروسية، ويفتح الباب والفرص أمام الجهود الدبلوماسية الروسية لدعم القضية والحقوق الوطنية، وسياسية التحشيد الإعلامي، تتلاحق موجة وراء موجة. الموجة الأولى من حركة فتح ضد حركة الجهاد الإسلامي، تحملها مسؤولية تعطيل إصدار الإعلان، وتعلن مقاطعتها لها، ورفضها الجلوس معها إلى طاولة واحدة، مادامت الحركة الإسلامية لا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. ما يجب قوله، في هذا الصدد، أن موقع م.ت.ف التمثيلي والسياسي غير قابل للعبث أو المس به، ليس لأنها معبد مقدس، فهذا أمر خارج الحسابات السياسية، بل لأن العبث بالكيانية الفلسطينية هو خط تدمير هذه الكيانية التي ناضل الشعب، وقدم من أجلها التضحيات الغالية، بعدما كان الرأي العام ينظر إليه على إنه مجموعة لاجئين في المخيمات، وينظر إلى باقي المناطق الفلسطينية، قبل عدوان 67، أنها إمتداد لدول عربية مجاورة. دفع الفلسطينيون غالباً، في الميدان، وفي السياسة، وقدموا الشهداء، وخاضوا المعارك، وتعرضوا لحصارات، إلى أن فازوا بالإعتراف الدولي بكيانيتهم السياسية، والإعتراف بشخصيتهم الوطنية المستقلة، وعنوانها م.ت.ف. وفي المداخلات التي شهدها حوار موسكو، أكد الجميع، دون إستثناء، على الموقع التمثيلي للمنظمة. وفي ذات السياق أيضاً أكد العديد من المداخلين على ضرورة تطوير النظام السياسي الفلسطيني، ليتسع لقوى مازالت خارج المؤسسة، أو علقت عضويتها في المؤسسة، منها حركتا حماس والجهاد، من جهة، ومنظمتا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، والصاعقة من جهة أخرى، ما يتوجب إدخال إصلاحات على النظام السياسي القائم، بهدف استيعاب واحتضان كل القوى في مؤسساته. والمقصود بذلك بطبيعة الحال، م.ت.ف، بحيث يدخل إلى صفوفها القوى التي مازالت خارجها أو عند أبوابها، تنتظر اللحظة السياسية المناسبة للدخول. بقاء هذه الفصائل خارج المنظمة لا يمس موقعها التمثيلي، فهي تحتل هذا الموقع، ليس من خلال الفصائل التي تنتمي إلى عضويتها فحسب، بل أيضاً من خلال كونها المؤسسة الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني بقواه، وتياراته، واتحاداته، ومؤسساته الإجتماعية والتربوية وسواها. لكن دخول هذه الفصائل، سيؤدي بالطبع إلى تعزيز موقعها السياسي، وثمة فرق بين التمثيلي وبين السياسي، وسيعزز موقعها في المعادلات السياسية، العربية والإقليمية، فضلاً عن كونه سيرسم مشهداً فلسطينياً مختلفاً عن المشهد الفلسطيني الحالي، وسيضع آليات وضوابط وقوانين جديدة لإدارة الخلافات السياسية، بحيث تبقي المؤسسة، في لجنتها التنفيذية، وباقي مؤسساتها، وإتحاداتها، هي ميدان الصراع والخلاف، وميدان التوافق السياسي. لذلك نعتقد أن موقف حركة الجهاد، في موسكو، حين طالبت بالربط بين تأكيد موقع المنظمة، وبين ضرورة إصلاح أوضاعها، كانت وجهة نظر سياسية، قد نختلف معها، وقد لا نختلف، لكننا نعتقد أن تحويل هذه المسألة إلى قضية كبرى تصل إلى حد الإعلان عن القطيعة، فهذا أمر لا يخدم لا م.ت.ف [المؤسسة الأم] ولا يخدم فتح [الحركة التي تمسك بالعديد، بل بكل مفاتيح المؤسسة الأم]، ولا يخدم جهود الحوار الواجب أن تتابعه الفصائل الفلسطينية، وصولاً إلى ما تم الاتفاق عليه في موسكو، أي إنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الداخلية، عبر الإنتخابات الشاملة وفق نظام التمثيل النسبي الكامل. (3) الموجة الثانية كانت في الدعوة إلى العمل على «تقويض حركة حماس وحسم الموقف معها». وهو تصريح، يبدو في ظاهره إعلان حرب، ستؤدي إلى إشعال النيران في الضفة والقطاع وفي أنحاء مختلفة من مناطق الشتات. علماً أن هذه الدعوة، إذا ما وضعت في سياقها العمل، وإحتمالية تنفيذها، لا تعدو كونها توتيراً إعلامياً لا أكثر. فمطلقو هذه الدعوة يعرفون جيداً أن الحالة الجماهيرية، ترفض مثل هذه الدعوات، وأن المصلحة الوطنية تتناقض مع هذه الدعوات، وأنها تحمل رسالة إلى الإخوة في القاهرة، وكأنها تطلب إليهم وضع وساطتهم على الرف، في وقت أحوج ما تكون فيه الحالة الفلسطينية إلى هذه الوساطة وضرورة تزخيمها. فضلاً عن ذلك إن أصحاب الدعوة لا يملكون القدرة العملية، على الإطلاق، لتنفيذ هذا التهديد، أو هذه الدعوة. فحركة حماس، أياً كانت الخلافات معها، هي جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي الفلسطيني، وعضو في الإطار القيادي الموحد(مثلها مثل حركة الجهاد) وهي مدعوة لدخول م.ت.ف، وهي الطرف الممسك بالسلطة [سلطة الأمر الواقع] في قطاع غزة، وتملك قوة عسكرية من الخطأ التقليل منها، فضلاً عن أنها تعبر عن رأي من قطاعات الشعب الفلسطيني وذات تحالفات عربية وإقليمية. وإذا كان كل هذا قد غاب عن أصحاب الدعوة، فمعنى ذلك أن الأمور ليست على ما يرام، وأن صياغة الموقف والقرار، تحتاج إلى إعادة نظر. فضلاً عن أن هذا، يتناقض بشكل كامل مع المداخلات التي شهدتها قاعة الحوار في موسكو، إن في فندق «بريزيدانت»، أو في استوديوهات «روسيا اليوم»، والتي أكدت على ضرورة إنهاء الإنقسام «المدمر»، والذي «يلحق الخسائر والكوارث بشعبنا» وضرورة إستعادة الوحدة الداخلية، في إطار م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد. الجانب الإيجابي أن هذه الدعوة أطلقت مرة واحدة، ثم وضعت جانباً، وهذا أفضل ما يمكن فعله. التراجع عن الخطأ فضيلة. (4) الموجة الثالثة هي تصريح بتهم حماس أنها متواطئة مع إسرائيل والولاياتالمتحدة لتمرير «صفقة ترامب». ويفسر هذا التصريح نفسه بالقول إن سياسات حماس، تقود عملياً، إلى الفصل النهائي للقطاع عن الضفة، في إطار تأهيل القطاع ليكون هو «الدولة الفلسطينية»، وأن يقام في الضفة حكم إداري ذاتي. وهذا هو التواطؤ مع إدارة ترامب وحكومة نتنياهو. المداخلات في حوار موسكو، لم تتطرق على الإطلاق إلى هذا الأمر. كان الطرفان، فتح وحماس، يجلسان إلى طاولة واحدة، يفصل بينهما مدير الجلسة والحوار، البروفسور فيتالي نعومكين. وكانت التعليقات الفكاهية تصدر عن الطرفين. وفي مداخلاتهما، كل من جانبه، أدان صفقة ترامب، ومؤتمر وارسو، والتطبيع مع الإحتلال، ورفض الإنقسام ودعا إلى الوحدة الداخلية، وإلى إستنهاض المقاومة الشعبية، والتمسك بحق العودة، والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، والتمسك بوكالة الغوث.. إلى آخر ما بات يعرف بالثوابت الوطنية التي تحددها الأهداف المنصوص عليها في وثائق الإجماع الوطني. ثم في قاعات الإستراحة، كان الحوار يتواصل بين الطرفين، ويسود المرح والتعليقات الضاحكة، بل إنفجر الطرفان في ضحك عميق رصدته إحدى العدسات، ما أثار إهتمام الرأي العام، وأثار تعليقات كثيرة في وسائل التواصل الإجماع. إذا كانت حماس، منخرطة فعلاً، ومتواطئة فعلاً، في لعبة «صفقة القرن»، «صفقة ترامب»، كان يجب ألا تكون إلى طاولة الحوار، لأن معايير ومقاييس الخلاف السياسي اختلفت. كما كان يجب ألا يدور هذا الحوار الثنائي، وهذه اللقاءات الضاحكة. كما كان يفترض ألا نتوجه إلى القاهرة لنستأنف جهودها لإنهاء الإنقسام. إلا إذا كانت الإتهامات، جزءاً من الألاعيب الإعلامية التي دخلت في المنطقة المحظورة. لسببين: أولهما أن الإتهام وجه إلى طرف شريك في الإطار الوطني الفلسطيني، وله مكانته، ومسؤول عن إدارة منطقة فيها ما لا يقل عن مليوني فلسطيني. وعلى قاعدة هذا الإتهام تقام آليات وسياسات مدمرة. أما الثاني فهو إبعاد النظر عن الخطر الحقيقي لصفقة العصر. الصفقة لا تتم في قطاع غزة، بل يجري تطبيقها في الضفة والقدس. والتصدي الميداني لخطوات الصفقة وتطبيقاتها، يتم في القدس وفي الضفة، ليس من خلال بيانات إدانة [وهي مطلوبة] بل وكذلك من خلال إجراءات ميدانية، رسمها المجلسان المركزي والوطني، في قراراتهما بشأن العلاقة مع الإحتلال، ومع الولاياتالمتحدة، ومع العملية السياسية. وبالتالي من يود أن يقف في وجه صفقة ترامب، عليه أن يبادر إلى تنفيذ هذه القرارات. لا أن يعوم الأمر، وإن يرجم الآخرين بإتهامات جزافاً، ليس من شأنها سوى التعتيم على سياسة تعطيل قرارات المجلسين المركزي والوطني وإن تشعل نار الحرب في البيت الفلسطيني. لذلك من المصلحة الوطنية أن تتوقف هذه التصريحات، وأن تزاح جانباً، وأن تطوى صفحتها، وأن يبقى الخلاف في إطاره الصحيح، هو إنقسام في الصراع على السلطة، بين فتح وحماس، وعلى الجانبين أن يغلبا المصلحة الوطنية على المصالح السلطوية، وأن يستمعا إلى الرأي العام الذي قالها أكثر من مرة «كفى». (5) من أكثر الحملات خطورة تلك التي تنظمها حماس، أو بعض أطرافها، في التشكيك بشرعية الرئيس محمود عباس، أمام المحافل الدولية. المرة الأولى (منذ أيام قليلة) حين توجه إلى نيويورك ليتولى رئاسة مجموعة ال 77+الصين. وهو منصب سياسي مهم على الصعيد الدولي لصالح الإعتراف بدولة فلسطين، دولة تحت الإحتلال، وبالإعتراف بالرئيس عباس رئيساً لشعب تحت الإحتلال. عندها قام أحمد بحر، أحد قادة حماس، ونائب رئيس المجلس التشريعي المنحل، بتوجيه رسائل إلى أعضاء المجموعة كافة، في الأممالمتحدة، «ينزع فيها الأهلية والشرعية» عن الرئيس عباس. في تلك الواقعة، كان بحر ينتحل لنفسه صفة زالت عنه بعد قرار حل المجلس التشريعي. وهذا عبث بالنظام السياسي، ليس مقبولاً من أي طرف كان، مهما كانت الذرائع والأسباب والحجج. وفي تلك الواقعة، جرى تقديم المشهد السياسي الفلسطيني إلى الرأي العام الدولي بحالته الهزيلة والمثيرة للشفقة، والمثيرة (في الوقت نفسه) للسخرية والتشفي. دون أن يطرح السؤال التالي: من المستفيد من هذا العبث. لا مجموعة ال77، ولا رسائل بحر، هي التي تمنح الرئيس عباس شرعيته، وتعترف له بأهليته، كما أن هذه الرسائل لن تنزع عنه هاتين الصفتين، سوى أنهما تشوشان على النظام السياسي الفلسطيني، وعلى موقع الدولة الفلسطينية في الحسابات الدولية. فضلاً عن هذا أنه لا يعود ولن يعود على حماس بأية فائدة ترجى، سوى أن يثير امتعاض القوى الفلسطينية والأطراف العربية. فالمعارضة السياسية، للسلطة ولرئيسها، لا تعني نزع الشرعية عنه والتشكيك بهذه الشرعية، وإلا كيف تفسر لنا حماس جلسات حوارها مع فتح، وتوقيعها معها تفاهمات وإتفاقات، وكيف تفسر لنا دعوتها الرئيس عباس، على سبيل المثال، أن يحضر إلى غزة، ويدير الشأن الفلسطيني من هناك، إن كانت حماس لا تعترف به رئيساً للسلطة. وكيف تفسر لنا حماس أنها شريك في «حكومة التوافق الوطني» التي وقع الرئيس عباس مراسيم تشكيلها. وكيف تفسر لنا تمسكها بهذه الحكومة إذا لم يكن هذا التمسك فيه إعتراف واضح بشرعية الحكومة وشرعية رئيس السلطة الذي وقع مراسيم هذه الحكومة. المرة الثانية: (وأيضاً منذ أيام قليلة) حين توجه الرئيس عباس إلى شرم الشيخ ليمثل دولة فلسطين في مؤتمر الشراكة العربية الأوروبية. حيث سيرت في شوارع غزة مسيرات تحمل شعارات «إرحل» في رسالة متعمدة إلى المؤتمرين في شرم الشيخ، لإلقاء ظلال الشك على موقع الرئيس عباس في حسابات الشارع ، تمّ الرد عليها في رام الله والخليل، بشعارات مضادة « بايعناك – اخترناك». الحالة الأولى شديدة الضرر بالحالة الوطنية الفلسطينية، فالرئيس عباس في شرم الشيخ لم يكن بمثل فتح بل دولة فلسطين وشعبها، بغض النظر عن الموقف من سياسته وتكتيكاته. وبالتالي هي خطيئة أن توجه رسائل إلى العالم وكأن النظام السياسي الفلسطيني في حالة إنشقاق وإنقسام. هناك إنقسام بين فتح وحماس، لكن م.ت.ف، ليست منشقة على نفسها. والحالة الثانية ارتكب فيها أخطاء فنظامنا السياسي الفلسطيني لا «يبايع»، «فالمبايعة» تكون للخلفاء في التاريخ الإسلامي، ولبعض الملوك. والتفويض أيضاً تعبير خاطئ. عباس رئيس للسلطة ولمنظمة التحرير، يمارس صلاحياته محكوماً بالنظام والقوانين والدستور، وبالتالي نشر ثقافة المبايعة لا تنتمي لا لحركة التحرر وتاريخها، ولا للأنظمة الديمقراطية البرلمانية والرئاسية. فضلاً عن هذا كله، إن مثل هذه السلوكيات، من شأنها أن تمد الإنقسام إلى الشارع وأن تزج بالشارع في المعارك الجانبية، على حساب انخراطه في المعارك الوطنية ضد الإحتلال وضد الإستيطان. الزج بالشارع في معارك الإنقسام تدمير للحركة الشعبية، يجب الحذر الشديد من اللجؤ إليه كسلاح في تصفية الحسابات السلطوية. (6) أخيراً وليس آخراً. ما هكذا تكون المعارضة السياسية. وما هكذا تدار الخلافات بين أطراف الحالة الوطنية. المعارضة السياسية هي صراع على البرنامج، وهنا يلعب الشارع دوره. أما الصراع على السلطة فشكل أخر الصراع، يجب أن تضع الحالة الوطنية حداً له. وحتى لا نقوم بدور الواعظ، والناصح، وناشر الحكمة، ندعو الجميع إلى العودة لمطالعة مداخلة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في لقائه مع الوفود الفلسطينية في موسكو. نقترح على الجميع إن يعيدوا قراءة مداخلة لافروف كلمة كلمة وجملة جملة، وبالتأن والعمق المطلوبين. ما قاله لافروف شديد الخطورة، ليس في شرحه لمخاطر السياسة الأمريكية وأهدافها فحسب، بل في حديثه أيضاً عن مخاطر الإنقسام وأثره على مستقبل القضية الوطنية الفلسطينية. قال بوضوح إنه لا يستطيع أي صديق أن يدافع عن القضية الوطنية الفلسطينية في المحافل الدولية مادام الإنقسام قائماً. لذلك «اذهبوا واتفقوا». هذه هي نصيحة لافروف. وحتى نضع النقاط على الحروف، نقول إن المشكلة لدى فتح وحماس وليست لدى باقي الفصائل. والحل لديهما هما، وليس لدي أي طرف آخر. وكم كانت مداخلة وفد الجبهة الديمقراطية إلى حوار موسكو صائبة، حين توجهت، ليس إلى الوفود، بل إلى فتح وحماس، تحديداً، لتقول لهما، بالصراحة المطلوبة، أنتما المشكلة، وأنتما الحل. ودعتهما إلى عدم الإنغماس بخطوات من شأنها أن تزيد الأمور توتيراً، بل ودعت كلاً منهما إلى التراجع عن خطوات اتخذاها، أسهمت في التوتير وتعقيد المشكلة. بيد الطرفين قرار التمهيد لاستئناف الحوار، وبيد الطرفين قرار تعقيد الأمور وزيادة الأزمة تفاقماً. لذلك لم يعد مقبولاً بعد الآن أن يقال للفصائل ماذا فعلتم في موسكو؟ أو أن يقال للفصائل ماذا فعلتم لتضعوا حداً للإنقسام بين فتح وحماس. الفصائل تملك النصيحة. تملك الأفكار، تلك أدوات الضغط السياسي والجماهيري. هذا كل ما عندها. لذلك علينا أن نتوجه إلى كل من فتح وحماس (نسألهما معاً) لماذا لم تستجيبا حتى الآن لنداء الفصائل، ونداء القاهرة، ونداء مكة، ونداء موسكو، ونداء الشارع الفلسطيني لإنهاء الإنقسام. ومتى سيكون لهذه النداءات أثرها الإيجابي في سياسة كل منكما، فتتغلب المصالح الوطنية العليا، على المصالح السلطوية والفئوية والحزبية الضيقة.■ معتصم حمادة