من داخل مجلس النواب.. الجهر بالتضارب الخطير للمصالح لدى رئيس حكومة المملكة المغربية    المنتخب المغربي ينهي سنة 2024 في المركز14 عالميا    جدل الكرة الذهبية الإفريقية.. حكيمي: لقد أوهموني أنني الفائز!    الإفراج عن أربعة فرنسيين في بوركينا فاسو بفضل وساطة الملك محمد السادس    غدا ‬تنطلق ‬أشغال ‬المناظرة ‬الوطنية ‬الثانية ‬للجهوية ‬المتقدمة    الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية        المغرب – ألمانيا: التوقيع بالرباط على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو لتمويل برنامج دعم السياسات المناخية    الفرقاء الليبيون يتوصلون إلى اتفاق جديد في بوزنيقة    ماكرون يشكر جلالة الملك على دوره في الإفراج عن 4 فرنسيين محتجزين في بوركينا فاسو    ‮«‬خطوة ‬حقوقية ‬جريئة‮..»‬‬ في ‬مسار ‬تعزيز ‬حقوق ‬الإنسان ‬بالمملكة    في ‬سياق ‬الدينامية ‬الكبيرة ‬التي ‬تعرفها ‬العلاقات ‬الاستراتيجية المغربية الإسبانية    بعد تراجع تحصيل تلامذتنا في العلوم.. هل تحدث الصدمة التربوية؟    السجن 20 عامًا لفرنسي عرّض زوجته للاغتصاب المتكرر مع 49 رجلًا    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    بووانو: شركة "أخنوش" الفائزة بصفقة مشروع تحلية مياه البحر بالبيضاء غير مستوفية لشروط دفتر التحملات    الصين: الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    إيلون ماسك يعلنها رسمياً.."ستارلينك" قريباً في المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    عملية جديدة لهدم منطقة عشوائية للسكن وإعادة إيواء الأسر بالبرنوصي    الجديدة.. المصالح الدركية تحبط عمليات لتنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    التجمع العالمي الأمازيغي يضرب في نتائج الإحصاء المرتبطة باللغات المستعملة    موتسيبي يقوم بزيارة الدول المستضيفة ل "الشان"    نسج الزرابي فن صامد في المغرب رغم ضعف مداخيل الصانعات    تركيا تدعو المجتمع الدولي لإزالة "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب    من هو نَسيم كليبات الذي تم تَسليمه للسُلطات الإسرائيلية؟    "هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جريمة ضد الإنسانية بحرمان الفلسطينيين من الماء في غزة    بوساطة ملكية حكيمة.. إنجاز دبلوماسي جديد يتمثل في تأمين الإفراج عن أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو    المغرب وألمانيا يوقعان شراكة للتزويد بالماء الشروب المتكيف مع المناخ    كيوسك الخميس | خبراء الداخلية يعملون على تقسيم إداري جديد    أعضاء المجلس الإداري لأكاديمية سوس ماسة يُصادقون بالإجماع على برنامج العمل وميزانية سنة 2025    مديرية الأمن تطلق البوابة الرقمية E-POLICE وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    رامي إمام يطمئن الجمهور عن صحة عادل إمام ويكشف شرطًا لعودة الزعيم إلى الشاشة    الوداد بدون جمهور يتحدى الجيش الملكي في القنيطرة    كأس الرابطة الانجليزية: ليفربول يواصل الدفاع عن لقبه ويتأهل لنصف النهاية    بطولة فرنسا: ديمبيليه يقود باريس سان جرمان للفوز على موناكو والابتعاد في الصدارة    أكاديمية المملكة تشجع "محبة السينما" باستضافة الناقد إدريس شويكة    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة    فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور        شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    كلمة .. شعبنا آيل للانقراض    لماذا أرفض الرأسمالية ؟    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار    وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اجتماع «الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا» بالقاهرة
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 01 - 2012

- فتح ملف المصالحة وإعادة بناء مؤسسات المنظمة على مصراعيه
- خارطة سياسية جديدة بدخول حماس والجهاد المنظمة وتفعيل «القيادة العامة» والصاعقة عضويتهما
- ماذا كسب محمود عباس من هذه الخطوة، وماذا كسبت حماس، وماذا كسب التيار الديمقراطي؟
- ما هو السر وراء الأجواء التصالحية بين الرئيس عباس وخالد مشعل؟
- هل تشهد الحالة الفلسطينية خلطاً للأوراق وللتحالفات السياسية؟
..وأخيراً وبعد طول انتظار، انعقدت الهيئة الوطنية العليا، التي سبق للمؤتمر الوطني الفلسطيني، أن شكلها في القاهرة، في مارس 2005، لتتولى إصلاح أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها. وكان وزير الأمن المصري السابق، عمر سليمان، قد أشار في كلمة الختام، في ذلك المؤتمر، أن الهيئة سوف تجتمع خلال شهر من تاريخه. أي في الحد الأقصى نهاية أبريل 2005.
عندما اتخذ قرار تشكيل هذه الهيئة لم يكن هناك انقسام في الحالة الفلسطينية. كانت السلطة الفلسطينية وكذلك اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، برئاسة محمود عباس، الذي خلف الرئيس الراحل ياسر عرفات في انتخابات جرت مطلع العام المذكور. وكان على جدول أعمال الحالة الفلسطينية إعادة بناء المؤسسات كافة، التابع منها للسلطة، أو لمنظمة التحرير الفلسطينية. إذ، كان قد انقضى على انتخاب المجلس التشريعي حوالي 9 سنوات (انتخب مطلع العام 1996)، والمجلس الوطني في حال شلل، وكذلك المجلس المركزي، أما اللجنة التنفيذية فقد كانت تعيش حالة غير مستقرة، وتفتقر إلى آلية عمل، تنظم حياتها، وتقدمها إلى الشعب الفلسطيني باعتبارها قيادته الوطنية العليا.
الانتخابات التشريعية التي كان يفترض أن تنعقد في يوليوز من ذاك العام، تأجلت بقرار من الرئيس عباس، إلى مطلع العام 2006، لأن فتح لم تكن مهيأة داخليا لخوض هذه الانتخابات. ورغم النداءات، فإن الرئيس عباس لم يدع الهيئة الوطنية العليا للاجتماع لتباشر مهماتها. ولعله كان ينتظر أكثر من استحقاق، ليرى، على ضوئه، تطور الحالة الفلسطينية.
- الاستحقاق الأول: انسحاب شارون من قطاع غزة نهاية العام 2005.
- الاستحقاق الثاني: الانتخابات التشريعية (انتخاب مجلس تشريعي جديد، هو الثاني في عمر السلطة الفلسطينية) مطلع العام 2006، أي بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
- قراءة المشروع الإسرائيلي »الانكفاء من جانب واحد« في الضفة الفلسطينية، كما طرحه شارون، بذريعة أنه يفتقر إلى «شريك فلسطيني لعملية السلام»، وأن الرئيس عباس «لا يملك الإرادة السياسية« للدخول في تسوية تتطلب من الطرفين «قرارات مؤلمة». كان شارون يريد فرض الحل الذي يريده، من خلال إجراءات منفردة، دون التفاوض مع الجانب الفلسطيني، وبحيث تكون إجراءاته هذه لاحقاً، هي أساس العملية التفاوضية، انطلاقاً من كونها باتت «أمرا واقعا لا مجال لتغييره».
لم يكن هناك ما يبرر تأخير انعقاد الهيئة المعنية بإصلاح م.ت.ف. سوى أن الرئيس عباس كان يريد كما يبدو، أن يقرأ موازين القوى، وأن يقرأ تطورات الأوضاع، أولاً على الصعيد الفلسطيني، وثانياً، في العلاقة مع إسرائيل. لأن إعادة بناء أوضاع م.ت.ف. ومؤسساتها، ستكون خطوة إستراتيجية، ذات تداعيات بعيدة المدى.
وقعت انتخابات 2006 وفازت حماس بالأغلبية البرلمانية. وتشكلت حكومتها الأولى في ظل حصار دولي، على أساسه ازداد تردد عباس في دعوة الإطار الوطني الأعلى الذي تشكل في القاهرة. خاصة وأن هناك من همس في أذنه محذراً من أن دخول حماس إلى م.ت.ف. سيعرض المنظمة إلى حصار مثل الحصار المفروض على حكومة هنية الأولى. وتداعت الأوضاع الفلسطينية، في ظل انسداد في العلاقات الداخلية، في ظل التجاذب الثنائي بين فتح وحماس، انتهت إلى وثيقة الوفاق الوطني (2006)، ثم إلى حوار ثنائي، إلى الطاولة، وفي الشارع بواسطة كل أنواع الأسلحة، ولد على يديه اتفاق مكة، الذي لم يعمر طويلاً، بل شكل مجرد هدنة مؤقتة حسمت حماس خلالها الأمر، عسكرياً، في 2007/6/14، في خطوة تفردت خلالها بالسلطة، وصفت آنذاك بأنها انقلاب عسكري على الشرعية الفلسطينية.
وفي ظل أوضاع إقليمية وعربية رجراجة، استمر الانقسام، رغم الدعوات لإنهائه، وكانت جولات الحوار، خلال العام 2009، و2010، و2011، إلى أن انتهى الوضع إلى المصادقة على الورقة المصرية التي ولدت في العام 2009، والتي على أساسها التقت مفاصل العمل الوطني في 2011/5/4، ثم على التوالي في 2011/12/20، و2011/12/22 لتحويلها إلى إجراءات عملية.
انعقد الاجتماع في قصر الأندلس، وهو مقر إقامة الرئيس عباس في القاهرة. حضره الأعضاء في الهيئة وهم إلى جانب الرئيس عباس، أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس المجلس الوطني، والأمناء العامون للفصائل الموقعة على وثيقة 2011/5/4، وشخصيات مستقلة. وقد خلص الاجتماع إلى نتائج عملية تمثلت بالتالي:
- تكليف رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون بوضع آلية عمل الهيئة. واعتبر الزعنون بذلك أمين سر الهيئة، إلى جانب رئيسها محمود عباس.
- تكليف لجنة للبحث في عضوية باقي الفصائل الفلسطينية التي مازالت عضويتها معلقة على خلفيات انقسامية، وهي جبهة النضال برئاسة خالد عبد المجيد (في ازدواجية مع جبهة النضال برئاسة أحمد مجدلاني، العضو في اللجنة التنفيذية)، جبهة التحرير الفلسطينية، وفتح الانتفاضة. وتتشكل اللجنة من الزعنون، وتيسير خالد، وصالح رأفت، ومحمد نصر وعزام الأحمد. وكلفت اللجنة كذلك بدراسة توسيع الهيئة لتضم شخصيات مستقلة أخرى إضافة إلى الشخصيات التي حضرت الاجتماع.
- دعوة الهيئة العليا لاجتماع ثان في فبراير من العام القادم لتواصل أعمالها.
ماذا دار في الاجتماع؟
مصدر فلسطيني مطلع قال إن اللجنة إلى جانب ما اتخذته من قرارات تهدف إلى مأسستها، تناولت في مداخلات عدد من أعضائها التطورات السياسية على المستويات كافة، وضرورة استعادة الوحدة الداخلية، لمواجهة الاستحقاقات القادمة على الحالة الفلسطينية. فإلى جانب الرئيس عباس، الذي افتتح الاجتماع، تحدث نايف حواتمه، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فأكد على ضرورة التمسك بالأهداف الوطنية الفلسطينية، في المرحلة الحالية: الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بحدود حزيران 67 وعاصمتها القدس، حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. رهن استئناف المفاوضات بوقف شامل للاستيطان وباعتماد الشرعية الدولية مرجعية للمفاوضات. اعتماد خيارات العملية السياسية بكل عناوينها، بما في ذلك العصيان المدني والمقاومة الشعبية وصولا إلى الانتفاضة الشاملة. تحرير السلطة من التزامات اتفاق أوسلو، وبروتوكول باريس الاقتصادي. إعادة بناء المؤسسات كافة بالانتخابات الديمقراطية وفق نظام التمثيل النسبي الكامل. استيعاب دروس الثورات العربية واستلهام ما حققته في بلادها من تحولات ديمقراطية، بما يوفر الأساس التاريخي لولادة الربيع الفلسطيني.
بدوره أشاد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بخطوة انعقاد «الهيئة»، ورأى في هذا الاجتماع «خطوة استقلالية»، وأثنى عليها بحرارة، باعتبارها فتحت الأبواب ليدخل الجميع تحت سقف البيت الفلسطيني الجامع، ممثلاً في م.ت.ف. وكما أكد المصدر، فقد أشاد مشعل «بالدور الذي لعبه الرئيس عباس» لإنجاح هذا الاجتماع ودعوة «الهيئة» للانعقاد، كما أشاد «بسياسة عباس في مواجهة الضغوط الأميركية» للعودة إلى المفاوضات بشروط واشنطن تل أبيب. وأكد على التمسك بمتطلبات العملية التفاوضية كما رسمها عباس في أكثر من خطاب له.
ولعل واحدة من القضايا التي أثيرت في الاجتماع هي «ضرورة أن يضم هذا الإطار جميع مكونات الحالة الفلسطينية» في إشارة إلى الفصائل التي لم تشارك في الحوار الوطني، ومازالت مستبعدة «لازدواجية شرعيتها» مع فصائل داخل م.ت.ف. أو أنها في حالة ملتبسة كما هو وضع جبهة التحرير الفلسطينية. وقد أحيل هذا الأمر إلى اللجنة التي تشكلت برئاسة الزعنون.
ماذا يحمل هذا الاجتماع في طياته؟
يقول المراقبون إن هذا الاجتماع أسفر عن أكثر من نتيجة.
- فهو فتح ملف م.ت.ف. وضرورة المباشرة بإصلاح أوضاع مؤسساتها، بعدما أنجزت جولة الحوار، منذ يومين (2011/12/20) ما هو مطلوب للبدء بإعادة الوحدة الداخلية إلى مؤسسات السلطة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة جديدة تحضر للانتخابات ولإعمار قطاع غزة، ولغير ذلك من الاستحقاقات الواجب التصدي لها في سياق استعادة الوحدة.
- في السياق نفسه، أنتج الاجتماع هيئة وطنية عليا، تكون هي المعنية بإصلاح أوضاع م.ت.ف. وعندما طلب إلى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون وضع نظام عمل لهذه الهيئة، كان واضحاً في أذهان الكثيرين ضرورة رسم الحدود الواضحة بين اللجنة التنفيذية للمنظمة، وبين هذه الهيئة، وبحيث تمارس كل هيئة واجباتها ضمن صلاحياتها المحددة لها.
- وبذلك يكون الاجتماع قد فتح الباب لدخول حركتي حماس والجهاد إلى منظمة التحرير الفلسطينية، من موقعهما في الهيئة العليا، كما يكون قد فتح الباب لتفعيل دور كل من الجبهة الشعبية القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة، في المنظمة بعد طول انقطاع.
- كما يكون قد ألقى ظلالاً من الشك حول مصير «تحالف القوى الفلسطينية» بعد أن عاد أربعة من أبرز أطرافه، إلى كنف منظمة التحرير الفلسطينية.
- وأخيراً، وليس آخراً، يكون الاجتماع قد كرس، مرة أخرى شرعية الرئيس محمود عباس، في مواقعه المختلفة والتي لم تعد تقبل الطعن من أي طرف فلسطيني بعد الآن.
- أي أن النتائج تكون قد توزعت على أكثر من طرف من المفيد قراءة وضع كل منها علة حدة.
الرئيس عباس
يفترض القول إن الرئيس عباس خرج من الاجتماع باعتباره واحداً من الرابحين. فقد جدد شرعيته كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وجدد بذلك شرعية المنظمة ولجنتها التنفيذية بعدما كانت عرضة للتشكيك على لسان العديد من الناطقين باسم حماس أو غيرها من أطراف «التحالف الوطني».إذ، كثيرا ما وصف عباس بأنه «الرئيس المنتهية صلاحيته»، أو أنه «لا يستحق أن يكون رئيساً للشعب الفلسطيني». كما وصفت اللجنة التنفيذية بأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني لأنها غير منتخبة ديمقراطياً، وفي السياق يتم الطعن بشرعية المجلس الوطني الذي أعاد انتخاب اللجنة التنفيذية في صيف العام 2008 في دورة خاصة انعقدت لهذه الغاية في رام الله. إن مثل هذا التطور من شانه أن يقوي عباس، فلم يعد بإمكان أي من المبعوثين الأميركيين أو المفاوضين الإسرائيليين أن يتهمه أنه لا يمثل كل الفلسطينيين، وأن شخصاً من هؤلاء مازال متمرداً عليه، وأن لا ضمانة في أن ما سيتم الاتفاق عليه في المفاوضات سينفذ فلسطينيا. على سبيل المثال فقد اشترط رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود اولمرت، ومعه وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أن يبقى أي اتفاق يتم التوصل إليه «معلقا» إلى أن يتم فرض سيطرة عباس على «غزة» وفي هذا الاشتراط موقف معلن بتشكيك إسرائيل في صلاحيات عباس وتمثيله للحالة الفلسطينية بكاملها.
حركة حماس
بكل تأكيد خرجت حركة حماس من الاجتماع بربح وفير. فهي، منذ فترة غير قصيرة، وخاصة مع انطلاق الحراك العربي، تدعو إلى عقد اجتماع هذه الهيئة، وقد يكون المعنى الظاهر للدعوة هو المباشرة بإصلاح م.ت.ف. ومؤسساتها، غير أن الباطن لمثل هذه الدعوة يتمثل في حاجة حركة حماس إلى الغطاء الذي يوفر لها حرية التموضع الجغرافي والسياسي في ظل التطورات المتسارعة إقليمياً وعربياً.
فلقد جربت حركة حماس خيارات كثيرة، لم تنجح كلها في توفير الغطاء الذي يمكن أن يشكله «السقف الفلسطيني». ذهبت إلى العمليات التفجيرية في مناطق 48، وتحدثت طويلا عما يسمى ب «منسوب الدم» بيننا وبين العدو، وكذلك عن «توازن الرعب»، لتجد نفسها في نهاية المطاف مدعوة لأن تكون جزءاً من الحالة الفلسطينية، ممثلة بالمؤسسة الرسمية، إن في السلطة أو في م.ت.ف. لذلك دخلت الانتخابات التشريعية عام 2006. واعتقدت حماس أن استفرادها بالحكومة الفلسطينية قد يشكل لها غطاء لكنها جوبهت بالحصار الدولي. واعتقدت أن الاستفراد بالحكومة في القطاع قد يقدمها إلى «أصحاب المعادلة» في الشرق الأوسط باعتبارها طرفاً فاعلاً. وراهنت في هذا السياق على الحوارات غير الرسمية التي كان يجريها معها مبعوثون أوروبيون وأميركيون، كان هدفهم هو «تأهيل» حماس، ليس إلا، لتنسجم مع البنية العامة للتسوية السياسية الدائرة تحت سقف اللجنة الرباعية. غير أن هذا الرهان، هو الآخر وصل إلى الطريق المسدود، لأن المطلوب من حماس، كان آنذاك، أكبر من أن تستطيع الحركة أن تقدمه لمحاوريها، كذلك اعتقدت حماس أن تحالفاتها الدولية والعربية، وبعض التحالفات الفلسطينية من شأنها أن تصنع منها قطباً سياسياً، يوازي في دوره وفعله وتأثيره، دور م.ت.ف، وفعلها وتأثيرها. صحيح أن بعض المؤتمرات الصحفية لحماس وحلفائها، أحدثت صدى، لكن الصدى سرعان ما تلاشى، باعتباره مجرد حالة صوتية ليس إلا لا تعكس واقعاً بحجم الصدى نفسه. من هنا اهتدت حماس، بالتجربة، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة (2008 2009) أن م.ت.ف. وحدها هي التي تشكل الغطاء السياسي لأي من الأطراف الفلسطينية. وأن معارضة سياسة التسليم لقيود أوسلو وقيود بروتوكولات باريس الاقتصادية، والسير على هدي خطة الطريق، يمكن أن تدار، على مستوى الهيئات كما على مستوى الشارع وحركته الشعبية، من داخل المؤسسة أي من داخل المنظمة وليس فقط من خارجها. زاد من قناعة حماس بهذا الأمر، التطورات الإقليمية والعربية، وحاجتها، في ضوء ذلك إلى إعادة التموضع جغرافياً، وسياسياً بما يخدم مصالحها المستجدة. ولم تجد حماس، في ظل حاجتها إلى إعادة التموضع سقفاً عربياً بإمكانه أن «يشرع» لها هذه الحاجة وأن يغطيها سياسياً، إلا م.ت.ف باعتبارها الإطار الوطني الجامع لمجمل مكونات الحالة الفلسطينية، أياً تكن أوضاع المنظمة، وأياً تكن حاجتها الحقيقية إلى الإصلاح وإعادة البناء. فالمنظمة بهيئاتها ومؤسساتها بإمكانها أن تفتح لحماس، كعضو فيها، أبواب العواصم العربية والغربية. من هنا لاحظ المراقبون «اللغة التصالحية» التي تحدث بها مشعل في الاجتماع كما لاحظوا إشادته بسياسة الرئيس عباس ومواقفه في الأمم المتحدة وفي رهن المفاوضات بوقف الاستيطان. كما لاحظوا قبلاً أنه سبق هذا الاجتماع لقاء ثنائي جمع عباس ومشعل، قال المراقبون إنه شكل تمهيداً للاجتماع الموسع الذي انعقد صباح 2011/12/22.
القوى الديمقراطية
إذا ما نظرنا إلى الدور النضالي الذي قامت به القوى الديمقراطية (ولنأخذ الجبهة الديمقراطية نموذجاً) لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، والبدء بإصلاح أوضاع المؤسسة، لأدركنا مدى المكسب الذي حققته هذه القوى. فبعد أيام على الانقسام، بادرت الجبهة الديمقراطية لإطلاق مشروع لاستعادة الوحدة، على أسس ديمقراطية، مؤكدة على ضرورة تكريس مبدأ الشراكة الوطنية، وإغلاق الطريق أمام نظام المحاصصة الذي أدى إلى ما أدى إليه في فتح الباب واسعاً أمام كل أشكال الانقسامات. كما ناضلت الجبهة لصالح نظام التمثيل النسبي في الانتخابات كافة. وإذا كانت سياسة المحاصصة هي التي حالت (حتى الآن) دون اعتماد التمثيل النسبي في الانتخابات «التشريعية»، فإن الضغط الذي مارسته الجبهة الديمقراطية، خاصة عبر الحركة الشعبية هو الذي فتح الباب لاعتماد التمثيل النسبي الكامل في الانتخابات المحلية، والنقابية، وفي انتخابات المجلس الوطني. ولقد جاءت مداخلة الرفيق نايف حواتمة الأمين العام للجبهة في اجتماع الهيئة الوطنية العليا لتعكس رؤية الجبهة على الصعيدين السياسي والتنظيمي كما جاءت مداخلة الرفيق تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة، وعضو اللجنة التنفيذية، وعضو الهيئة الوطنية العليا، لتضع بعض النقاط على الحروف ولتجيب على أسئلة كان الرئيس عباس قد طرحها، وحتى لا تبقى هذه الأسئلة تائهة، وحتى لا يبقى الاتجاه السياسي للحالة الفلسطينية تائهاً هو الآخر.
وماذا بعد؟
مما لاشك فيه أن ما تحقق يعتبر خطوة كبيرة ومهمة إلى الأمام. وضعت حجر الأساس لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية. فتحت الباب أمام مشاريع الإصلاح الديمقراطي. وسعت إطار م.ت.ف. من خلال دخول حماس والجهاد، وعودة الصاعقة والقيادة العامة لتفعيل دورهما في المنظمة. رسمت خارطة سياسية فلسطينية جديدة، ربما تكون أيضا قد خلطت الأوراق، وفتحت الباب لتحالفات جديدة، لكن غير نهائية. أثارت اهتمام الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسرائيلي، والدولي. استثارت ردود فعل إسرائيلية غاضبة. وضعت اللجنة الرباعية، هذه المرة، أمام استحقاق فلسطيني جديد.
وهذه كلها عناوين لتداعيات الحدث الفلسطيني الذي مازال يحتاج إلى رعاية وعناية، ودفع إلى الأمام لوضع مجمل التوجهات موضع التنفيذ. وهكذا تقف الإدارة الفلسطينية أمام الامتحان الحقيقي.
حواتمه: لبرنامج سياسي أساسه وثيقتا 2005 و2006 وبرنامج صمود المجتمع في وجه الاحتلال
- استحقاق 2012/1/26 وهمي لا نتوقع منه شيئاً
- إعادة بناء مؤسساتنا الوطنية على أساس التمثيل النسبي الكامل
تقدم نايف حواتمه الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمداخلة مختصرة أبرز فيها أهم النقاط التي رأى فيها محاور عمل «الهيئة».
رحب بالاجتماع «الذي تأخر سنوات» وأكد على ضرورة الاستمرار في المصالحة وشدد على ضرورة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني «على أسس ديمقراطية سواء في السلطة أو في م.ت.ف. ومنظمات المجتمع المدني على أساس نظام التمثيل النسبي الشامل في الانتخابات».
استذكر حواتمه الحاجة إلى «برنامج سياسي موحد نبني على أساسه الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي» بالاستناد إلى ما تم التوافق عليه في مارس 2005، وفي وثيقة الوفاق الوطني (2006)، وبالاستناد كذلك «إلى ما نتفق عليه في التعامل مع المستجدات والتطورات السياسية». وشدد الرفيق حواتمه على «مواصلة العمل بما تم الاتفاق عليه كموقف إجماع وطني بالنسبة لمتطلبات استئناف أية مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي».
وفي مداخلته، أعاد حواتمه التأكيد على «مواصلة التحرك مع المجتمع الدولي وفي الأمم المتحدة» ورأى أن إبقاء الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن «وديعة» أمر غير كاف بل «يجب العمل في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن طلب العضوية وفي وكالات وأجهزة الأمم المتحدة كذلك».
ودعا إلى «إنهاء التجربة المرة مع اللجنة الرباعية حين نستصدر من الجمعية العامة قراراً بالاعتراف بعضوية دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران (يونيو) 67 وعاصمتها القدس».
وفي إشارة إلى ما يسمى استحقاق 2011/11/26، قال الرفيق حواتمه «نحن لا نتوقع شيئا بعد 2012/1/26، وأضاف «هذا استحقاق وهمي، نحن حددناه، وليست له أي صفة إلزام لا عند الرباعية ولا عند المجتمع الدولي» وعليه دعا إلى «العمل فوراً على تجهيز أوضاعنا وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل«، عبر تبني »سياسة تعزز الصمود ببرنامج سياسي واضح»، كما دعا إلى «برنامج صمود على الأرض» ينطلق من «سياسة اجتماعية اقتصادية مختلفة وجديدة« كما أكد على «فك الالتزامات مع اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي».
عباس: «أنا أيضا مع التمثيل النسبي يا أبو النوف»
تعليقاً على ما جاء في مداخلة الرفيق حواتمه بضرورة اعتماد التمثيل النسبي الكامل، في الانتخابات الفلسطينية العامة (المجلس الوطني، التشريعي، المحليات، النقابات والاتحادات) توجه الرئيس محمود عباس في جانب من مداخلته أمام الهيئة نحو الرفيق حواتمه وخاطبه قائلا: «وأنا أيضا مع التمثيل النسبي الكامل يا أبو النوف».
يذكر أن الرئيس عباس، وعلى ضوء نتائج انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، حّمل المسؤولية إلى عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح الذين رفضوا مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وتمسكوا بالنظام المختلط، حفاظاً منهم على مصالحهم الفردية في دوائرهم الانتخابية، ولعل نتائج «التشريعي» (2006)، والجولة الأولى من الانتخابات المحلية، حيث منيت فتح بهزيمة أمام حماس، هو ما دفع الرئيس عباس يومها إلى اعتمادا «النسبي الكامل» في باقي جولات الانتخابات المحلية.
يذكر أن ورقة 5/4 تنص على انتخاب المجلس التشريعي بالنظام المختلط (75% نسبي و25% دوائر) بينما تنص على انتخاب باقي الهيئات بما فيها المجلس الوطني بالتمثيل النسبي الكامل، ما يضع المؤسسة الفلسطينية وفي سابقة خطيرة أمام نظامين للانتخابات.
وقد ذكر بعض المراقبين أن الاتجاه العام الآن، لدى عموم الحالة الفلسطينية، إلا باستثناءات قليلة لدى بعض «مراكز القوى»، وعلى ضوء تجارب الانتخابات في تونس والمغرب ومصر، هو في الدعوة إلى تعديل ورقة 5/4، باعتماد التمثيل النسبي الكامل، في انتخابات «التشريعي»، كما في باقي المؤسسات.
فهد سليمان: ندعو لاستكمال هذه الخطوة بمأسستها واعتمادها برنامجاً سياسياً يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني
أدلى فهد سليمان عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وعضو وفدها إلى الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة بتصريح صحفي (12/22) وصف فيه اجتماع الهيئة القيادية العليا لمنظمة التحرير في القاهرة بأنه »خطوة سياسية وطنية مهمة أدت إلى توسيع الإطار القيادي الفلسطيني، من خلال انضمام حركتي حماس والجهاد، وإعادة تفعيل عضوية الجبهة الشعبية - القيادة العامة ومنظمة الصاعقة. وبحيث بات التمثيل الفلسطيني شاملاً لعموم مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية».
ودعا فهد سليمان إلى استكمال هذه الخطوة من خلال اعتماد برنامج سياسي يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني التي اعتمدتها فصائل العمل الوطني وفعاليات المجتمع الفلسطيني في غزة في 2006/6/27، بعد حوار وطني جاد وفعال وشامل.
ودعا إلى اعتماد هذا البرنامج خط عمل للحالة الفلسطينية في صيغتها القيادية الجديدة، لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة. كذلك أكد على ضرورة مأسسة النجاح الذي تحقق اليوم من خلال اعتماده ناظم لعمل الهيئة القيادية الفلسطينية بما يسمح لها الاضطلاع بدور أفضل كقيادة لعموم أبناء الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية.
وقال فهد سليمان إن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إذ ترحب بالخطوة الجديدة، وتنوه مجدداً بأهميتها، فإنها تعتبر في الوقت نفسه أن المهام الكبيرة المنوطة بها، والملقاة على عاتقها تتطلب، من جهة تكريس جماعية القيادة والشراكة الوطنية في صوغ القرار الوطني الفلسطيني، بما يسمح بمعالجة والتصدي للاستحقاقات الوطنية المقبلة على الحالة الفلسطينية، والمتمثلة باعتماد قانون جديد للانتخابات بنظام التمثيل النسبي الكامل، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، تضطلع بمهام التحضير للانتخابات الشاملة، الرئاسية والتشريعية والمحلية، في الموعد الذي تحدد أي في ماي القادم، والعمل على توحيد الأجهزة جغرافياً، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتفعيل لجنة الانتخابات المركزية لتضطلع بمهماتها على أفضل وجه، وكذلك تفعيل لجنة المصالحة المجتمعية، ولجنة الحريات العامة والحقوق الديمقراطية لما سيخلفه هذا من أجواء إيجابية تساعد على التقدم إلى الأمام في برنامج المصالحة والإصلاح.
وأكد سليمان على ضرورة بلورة خط عمل وطني من خلال مواصلة تدويل القضية الفلسطينية عبر طرح عضويتها على الجمعية العامة للأمم المتحدة وانضمامها إلى المنظمات الدولية على غرار انضمامها إلى منظمة اليونيسكو، وتجاهل التهديدات والإنذارات الأميركية والإسرائيلية.
وشدد فهد سليمان على ضرورة التحضير لمواجهة الاستحقاقات الوطنية الكبرى بما في ذلك التحضير لمواجهة الاحتلال والاستيطان و»الجدار» بعصيان مدني وطني يجمع بين المقاومة الشعبية والانفكاك عن إملاءات أوسلو والتحرر منها.
رداً على سؤال الرئيس عباس «ما العمل؟»
تيسير خالد: خطوات مدروسة نحو إعلان العصيان الوطني وفك الارتباط مع الإحتلال
في إطار الحوار السياسي الذي شهدته الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا، ورداً على سؤال «ما العمل؟» الذي طرحه أكثر من مرة الرئيس محمود عباس تحدث تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية فدعا إلى خطوات تراكمية تقود إلى التحرر من قيود أوسلو وبروتوكولات باريس الاقتصادي. وقال الرفيق تيسير خالد: «ماذا بعد 2012/1/26، أي بعد اجتماع اللجنة الرباعية؟» ولاحظ أن «آفاق التسوية السياسية باتت مسدودة» وأن «الإدارة الأميركية مازالت تعمل على تعطيل الإرادة الدولية وتشل دور اللجنة الرباعية، وتغلق الطريق أمام القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة». فضلاً عن كونها «منشغلة الآن بالانتخابات الرئاسية»، ولاحظ أن الحكومة الإسرائيلية تواصل بدورها «سياستها التي تجمع بين خطة المصالح الإستراتيجية التي قدمها إلى حكومة نتنياهو عام 1996 كل من إسحق مردخاي وآريئيل شارون، وبين ما ترتب على بناء الجدار من أنظمة تحكم في مسار النشاطات والمخططات الاستيطانية».
ورأى خالد أن الوقت يداهم الجميع وأن التوقف عن الحركة يلحق بنا أفدح الأضرار وعليه فإننا بحاجة إلى إعادة بناء العلاقة مع الجانب الإسرائيلي عبر الخفض التدريجي للعلاقات وصولاً إلى فك ارتباط وعصيان وطني، وفي الوقت نفسه مواصلة جهود استعادة الوحدة ووحدة النظام السياسي ومواصلة التحرك في الأمم المتحدة وفق ما جاء في مداخلة الرفيق الأمين العام.
ما مصير الفصائل المنقسمة على نفسها وما مصير «التحالف»؟
أثير في الاجتماع قضية الفصائل غير الممثلة في هيئات الحوار، أو في الهيئة الوطنية العليا. وبشكل خاص جبهة النضال بقيادة خالد عبد المجيد، وجبهة التحرير الفلسطينية بقيادة علي إسحق، وفتح الانتفاضة، وهي فصائل تتنازع الشرعية مع أجنحة أخرى، أو مع حركة فتح كما هو حال فتح الانتفاضة. وكان الأمر قد أثاره في وقت سابق رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مع هذه الأطراف، واقترح عليها أن تغير أسماءها، منعاً للازدواجية ومنعا للنزاع على الشرعية بحيث تصبح أبواب هيئات منظمة التحرير مفتوحة أمامها.
جبهة النضال
وكما نقل المراقبون، يومها، فإن خالد عبد المجيد أبدى استعداده، لتغيير الاسم بحيث يصبح «جبهة الكفاح الشعبي الفلسطيني» منعا للازدواجية مع النضال الشعبي التي يترأسها أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة، وكما قال المراقبون فإن هذا الاقتراح من عبد المجيد كان مقبولاً، لكن بعض العراقيل عطلت التنفيذ. ويرى مراقبون أن تشكيل الهيئة العليا، وتكليف لجنة قيادية لبحث هذا الأمر، يمكن أن يشكل فرصة لتسوية الخلاف الناشب بين عبد المجيد والمجدلاني، لصالح دخول عبد المجيد الهيئة الوطنية دون اعتراض من مجدلاني.
جبهة التحرير الفلسطينية
لكن، كما يبدو، فإن قضية جبهة التحرير الفلسطينية أكثر تعقيداً. المفارقة في الأمر أن جناح الجبهة الممثل في اللجنة التنفيذية بشخص الرفيق علي إسحق، أمينها العام، غير ممثل في لجنة الحوار، وفي التوقيع على وثيقة 2011/5/4، بل تتمثل الجبهة بجناحها الآخر بقيادة واصل أبو يوسف.
وقد جرت محاولات عدة لإصلاح ذات البين بين الطرفين والاتفاق على أسس توحدهما في ظل قيادة واحدة، عبر آلية ديمقراطية غير أن هذه المحاولات لم تصل إلى خواتيمها السعيدة حتى الآن. ولا يدري المراقبون فيما إذا كانت فرصة تشكيل الهيئة الوطنية العليا حاليا، واللجنة المكلفة بدراسة هذه الأمور ومعالجتها، قد تنجح حيث فشلت الفرص الأخرى. ويقول المراقبون إن الكرة في ملعب الجناحين فإما أن يتفقا على آلية توحيدية تحت قيادة واحدة تنهي الانقسام، أو يتم البحث في حل آخر، ديمقراطي، أيضاً، بحيث يتم تغيير أسم أحد الطرفين بكل ما يستتبعه ذلك من تسويات بينهما.
فتح الانتفاضة
وإذا كانت معضلة جبهة التحرير الفلسطينية تبدو أكثر تعقيدا من قضية جبهة النضال فإن المراقبين يرون في قضية فتح الانتفاضة عقدة شديدة التعقيد، خاصة وأن قيادة هذه الأخيرة رفضت التخلي عن اسمها لصالح اسم بديل وأصرت على الاحتفاظ به، باعتبارها كما أوضحت تمثل «الشرعية الفتحاوية». وهو ما أغلق الطريق على الحوار، ولا يعتقد المراقبون أن ثمة فرصة قريبة لمعالجة هذه القضية والوصول بها إلى الحلول الحميدة.
تحالف القوى الفلسطينية
في كل الأحوال، تطرح هذه القضايا مجتمعة مسألة أخرى ذات صلة هي مصير «تحالف القوى الفلسطينية» الذي يقدم نفسه بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوضعها الراهن، ولا يعترف بشرعيتها، إذ يتساءل المراقبون عن مصير هذا «التحالف» ومستقبله بعد ما دخلت حركتا حماس والجهاد في منظمة التحرير من بوابة «الهيئة الوطنية العليا»، وبعدما فعَّلت كل من الجبهة الشعبية القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة عضويتمها في المنظمة. وتمثل هذه المنظمات الأربع الثقل الرئيسي ل «التحالف»، إذ بدونها يفقد هذا «التحالف» قوته الأساسية ولا يبقى في صفوفه سوى منظمات تتنازع الشرعية مع شقيقات لها في م.ت.ف.
في السياق نفسه يتساءل المراقبون فيما إذا كان أطراف «التحالف» سيحافظون على هذه الصيغة إلى جانب عضوية الأطراف الأربعة المذكورة أعلاه في منظمة التحرير الفلسطينية، وفيما إذا كان هذا الأمر قد بحث في اللقاء الثنائي بين الرئيس عباس ومشعل، وفيما إذا توصل الطرفان إلى اتفاق بشأنه.
الهيئة الوطنية العليا.. المؤقتة
منعاً لأي التباس، ولحصول تضارب بين صلاحيات الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا، وبين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، طلب المجتمعون إلى رئيس المجلس الوطني وضع نظام عمل لهذه الهيئة، وفي الوقت نفسه أكد مراقب عربي ل «الحرية»، واكب الاجتماعات الفلسطينية في القاهرة، أن «الهيئة» تشكلت لإنجاز مهام محددة، قد تستغرق عمليات تنفيذها عاماً من الزمن، وأهمها الإشراف على انتخاب مجلس وطني جديد، على أسس ديمقراطية، وربما كذلك الاتفاق على إستراتيجية سياسية فلسطينية جديدة. لذلك يتوجب التأكيد أنه، في الوقت الذي انتخبت فيه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في المجلس الوطني في صيف العام 2008 لمدة تشريعية، عملاً بأحكام النظام الداخلي للمجلس، فإن الهيئة الوطنية الفلسطينية العليا، تعتبر «هيئة مؤقتة»، تنتهي مع انتهاء أعمالها، حيث تحتل الهيئات المنتخبة ديمقراطيا موقعها في صلب المؤسسة الفلسطينية.
من هي الشخصيات المستقلة التي حضرت الاجتماع؟
جرى التوافق على تسمية ثلاث شخصيات «مستقلة» حضرت الاجتماع، وهم رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري (الضفة الفلسطينية)، ياسر الوادية (غزة) والدكتور مصطفى البرغوثي. وكما أوضح مصدر فإن البرغوثي احتج على تسميته «مستقلاً» باعتباره أمنياً عاماً لحركة «المبادرة الوطنية»، وهي ممثلة في المجلس التشريعي. إلا أن بعض التدخلات، كما يبدو، نجحت في تنحية اعتراض البرغوثي جانباً، وإقناعه بقبول العضوية كمستقل. أما اللجنة المشكلة لاستكمال عضوية المستقلين، فقد أوضح المصدر أنها ستسمي شخصيات مستقلة من خارج الضفة والقطاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.