في تقريرها السنوي، قدمت منظمة العفو الدولية صورة قاتمة عن أوضاع حقوق الإنسان بالشرق الأوسط والمنطقة المغاربية. ووقفت المنظمة، في تقريرها لسنة 2018 المعنون ب “استعراض حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2018″، والذي قدمته في ندوة أمس الثلاثاء بالرباط، على مجموعة من الحالات التي تم فيها انتهاك حقوق الإنسان بشكل صارخ، حيث كشفت عن الكيفية التي استمرت بها السلطات في شتى بلدان المنطقة في شن حملات القمع، التي قالت إنها استهدفت المعارضين والمحتجين والمجتمع المدني، والمعارضين السياسيين، وذلك “بدعم غير معلن من حلفاء أقوياء، من ضمنهم أمريكا وفرنسا وغيرها من البلدان الكبرى”، وفق المنظمة. وسجلت أمنيستي في تقريرها “الأسود” خلال 2018، وقوع آلاف المعارضين والمنتقدين سلمياً ضحايا للانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها الحكومات بالشرق الأوساط وبلدان شمال إفريقيا وذلك، “على نطاق صادم ووسط أجواء من الصمت المطبق للمجتمع الدولي”. وأظهر تقرير منظمة العفو الدولية أن حملة قمع المعارضة والمجتمع المدني ازدادت حدة بشكل كبير في كل من مصر وإيران والسعودية خلال 2018، إذ تمثل هذه الدول الثلاثة، حسب المنظمة، نموذجاً لقصور الرد الدولي على الانتهاكات المتفشية التي ترتكبها الحكومات. وبالنسبة لأمنيستي فإن حادثة مقتل جمال خاشقجي في أكتوبر2018، أشعلت شرارة غضب عالمي غير مسبوق، مما جعل المنتظم الدولي يطالب السلطات السعودية بإجراء تحقيق في الحادثة، كما حفَّز دولاً مثل الدانمارك وفنلندا على اتخاذ إجراءات نادرة بتعليق عمليات تزويد السعودية بالأسلحة، مشيرة إلى أن الدول الرئيسية الحليفة للسعودية والوازنة على مستوى القرار الدولي لتمتعها بحق الفيتو، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لم تتخذ الإجراءات ذاتها، مبرزة أن هذا التأثير والدعم الخفي لهذه الدول، أدى إلى “تقاعس المجتمع الدولي ككل عن تلبية مطالب منظمات حقوق الإنسان بقيام الأممالمتحدة بإجراء تحقيق مستقل قادر على تحقيق العدالة”. وشكلت الانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين نقطة مهمة في تقرير “العفو الدولية” التي أدانت الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني، حيث قتل ما يزيد عن 180 فلسطيني خلال العام الماضي في مسيرات العودة بغزة، من ضمنهم ما يزيد عن 40 طفلا. ودقت أمنيستي ناقوس الخطر فيما يتعلق بأوضاع الشرق الأوسط خصوصا انتهاكات الاحتلال بفلسطين، وكذا حرب اليمن التي شردت الملايين وتسببت في مقتل واعتقال الآلاف. من جهة أخرى، وفيما يخص الوضع الداخلي بالمغرب، سجلت منظمة العفو الدولية مجموعة من التجاوزات على مستوى حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي. وفي هذا السياق، قال محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية – المغرب إن تراجع أوضاع حقوق الإنسان يتعمق بالشرق الأوسط وبلدان شمال إفريقيا، مضيفا في هذا المستوى أن المغرب قدم مثالا صارخا لتراجع حقوق الإنسان ومصادرة الحريات، من خلال إصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة على العشرات من المواطنين بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية كما حصل في حراك الريف وغيره. وإلى جانب ذلك، سجل السكتاوي لجوء السلطات إلى “إسكات الإعلام المستقل وتكميم أفواه الصحافيين والمدونين والمواطنين الصحفيين لمواقفهم المعارضة”، مقدما، في هذا السياق، حالة الصحفي توفيق بوعشرين مؤسس جريدة “أخبار اليوم” بعد إدانته ب 12 عاما سجنا، والتي قال إنها تمثل “العنوان البشع لهذه السياسة التي تعادي الأصوات المعارضة الحرة”. من جانبه، قدم صلاح العبدلاوي مدير منظمة العفو الدولية بالمغرب، مجموعة من الأرقام التي أوضح أنها تمثل حالات التجاوزات التي تمت على مستوى حقوق الإنسان بالمغرب، والتي تتمثل في اعتقال 54 من المشاركين في حراك الريف ومتابعتهم في مدينة الدارالبيضاء بعيدا عن مدينتهم الأصلية، والنطق في حقهم بأحكام “قاسية” وصلت إلى حدود 20 سنة في حق أربعة سجناء. كما سجل العبدلاوي التضييق على الصحافيين والمدونين ومتابعتهم بالمغرب، من خلال اعتقال وحبس الصحافي توفيق بوعشرين وحميد المهداوي والمدون على موقع “فيسبوك” المرتضى إعمراشا ومجموعة من الإعلاميين الشباب بمدينة الحسيمة الذين تم اعتقالهم بسبب تغطيتهم لحراك الريف، فضلا عن استمرار متابعة آخرين. في هذا السياق، دعت أمنيستي الحكومة المغربية إلى رفع “القيود الشديدة” التي فرضتها على الحق في حرية التعبير وحرية التجمع والاحتجاجات السلمية، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف والصحافيين والمدونين الشباب. وبشأن الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط، وعلى الخصوص حرب اليمن وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بفلسطين، دعت أمنيستي الدول الكبرى النافذة في العالم إلى التعليق الفوري لعمليات بيع أو نقل الأسلحة إلى المنطقة وخاصة لجميع أطراف النزاع في اليمن من ناحية، وإلى الاحتلال الإسرائيلي من ناحية أخرى، وذلك “إلى أن يزول كل خطر حقيقي من احتمال استخدام مثل تلك المعدات في ارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني”. كما ناشدت أمنيستي جميع الدول من أجل تقديم دعم أكبر للآليات الدولية الهادفة إلى ضمان تحقيق العدالة للضحايا، مثل تحقيقات الأممالمتحدة في عمليات القتل في غزة، وفي الانتهاكات في اليمن وسوريا، إلى جانب المحكمة الجنائية الدولية.