برنامج حكومي جديد يمنح فرصة ثانية للتمدرس للأطفال العاملين في الصناعة التقليدية من المنتظر أن يستفيد الأطفال المشتغلون بقطاع الصناعة التقليدية قريبا من فرصة ثانية للتمدرس تخول لهم إمكانية الالتحاق مجددا بمقاعد التعليم النظامي ومواصلة مشوارهم الدراسي مثل باقي أقرانهم. هذا الهدف يندرج ضمن طموحات برنامج جديد للتربية غير النظامية، تم الأسبوع الماضي بالرباط توقيع اتفاقية بخصوصه بين كل من كتابة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية وجامعة غرف الصناعة التقليدية، وهو البرنامج الذي يصب بدوره في سياق مبادرات محاربة تشغيل الأطفال وتوفير فرص بديلة لتربيتهم وتكوينهم. كما أنه يستهدف كذلك شريحة أخرى من الأطفال في سن التمدرس(من 6 إلى 15 سنة)، الذين انقطعوا عن الدراسة لأسباب أخرى ويستفيدون حاليا من برامج التربية غير النظامية، لكنهم يظلون بحاجة أيضا إلى تكوين حرفي في أحد المجالات الإنتاجية وخاصة مجال الصناعة التقليدية. وتشكل الاتفاقية المذكورة بداية الطريق لهذا البرنامج الطموح الذي سيعتمد على إشراك عدد من القطاعات الحكومية وغير الحكومية، لكنها بداية لا تنطلق من فراغ بحيث تتأسس على تجربة نموذجية احتضنتها منذ بضع سنوات جهة مراكش، وسيتم تعميمها في المرحلة المقبلة لتشمل مدنا أخرى كمكناس وطنجة وأسفي وسلا. وتتلخص فكرة البرنامج في منح الأطفال المشتغلين في قطاع الصناعة التقليدية إمكانية الاستفادة من حصص دراسية وخدمات صحية وبرامج ترفيهية، خلال التحاقهم بمراكز التكوين والتربية غير النظامية التي من المقرر أن يتم إحداثها على مستوى المناطق التي يشتغلون بها، والتي ستكون تابعة لجمعيات المجتمع المدني التي سيتم إشراكها في البرنامج من خلال اتفاقيات أخرى، علما أن هناك اتفاقية تخدم نفس الهدف سبق أن وقعها المرصد الوطني لحقوق الطفل مع جامعة غرف الصناعة التقليدية في سنة 2001 تقضي بمنح المشغلين لثمان (8) ساعات في الأسبوع للأطفال المشتغلين عندهم من أجل تمكين هؤلاء من الاستفادة من البرامج الحكومية الهادفة إلى إعمال حقوقهم في التربية والتكوين والصحة والترفيه. وبالنسبة إلى الأطفال غير المشتغلين الذي انقطعوا عن الدراسة لأسباب مختلفة وتم إدماجهم لاحقا في برامج التربية غير النظامية التي تشرف عليها وزارة التربية الوطنية، فإن البرنامج يهدف إلى تمكينهم من الاستفادة بدورهم من تكوين مهني بالتدرج بعد استكمالهم لبرامج التربية غير النظامية، بهدف إدماج لاحق في سوق الشغل بكيفية عادية. وفي الوقت الذي تلتزم فيه الأطراف الموقعة على الاتفاقية (القطاعات الحكومية المعنية وأرباب الشغل ممثلين في جامعة الغرف) فإن البرنامج يعتمد أيضا على تحسيس ليس فقط المشغلين، بل أيضا الأسر، بأهمية مكافحة الهدر المدرسي والاستغلال الاقتصادي للأطفال، وإعادة إدماج الأطفال المنقطعين عن الدراسة في المنظومة التربوية للتكوين المهني. ويهدف البرنامج في مرحلة أولى إلى تمكين 2050 من الأطفال المشتغلين بقطاع الصناعة التقليدية من الاستفادة من دروس للتربية والتعليم، إضافة إلى 320 طفلا من المسجلين في برامج التربية غير النظامية الأخرى من تكوين مهني بالتدرج. وتتعهد كتابة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، بموجب هذه الاتفاقية، بالعمل على تطوير مناهج تربوية لفائدة الأطفال المشتغلين بمختلف حرف الصناعة التقليدية، وتنظيم دورات تدريبية لفائدة منشطي التربية غير النظامية حول المناهج التربوية للأطفال المشتغلين بالصناعة التقليدية، إضافة إلى تزويد المتدخلين بالدعائم الإعلامية. أما كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية فستعمل من جهتها، بموجب الاتفاقية، على تحسيس وتعبئة الصناع التقليديين على إشاعة ثقافة حقوق الطفل وخاصة في ما يتعلق بالحق في التربية والتكوين، وكذا إدراج مراكز وأقسام التربية غير النظامية ضمن الحملات الإعلامية والتحسيسية المنظمة سنويا بالتكوين المهني والتكوين بالتدرج. لكن المتتبعين يؤكدون على ضرورة أن تعمل جميع القطاعات المعنية بظاهرتي الهدر المدرسي وتشغيل الأطفال، على تفعيل مختلف البرامج والمقاربات الحكومية التي تم وضعها من أجل محاربة هاتين الظاهرتين في جوانبهما الثقافية والسوسيو-اقتصادية، وكذا دعم آليات هذا التفعيل على المستويين المادي والبشري، وذلك في إطار تسريع وتيرة المخطط الوطني لحماية الطفولة الذي اتخذ له شعار «مغرب جدير بأطفاله».