تعليق العمل بأحكام الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى المغرب يعبر عن ارتياحه للنوايا والالتزامات الواضحة التي عبرت عنها المؤسسة العسكرية تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى الحكم في مصر منذ سقوط نظام حسني مبارك، بفترة انتقالية «لمدة ستة أشهر» قد تطول أو تقصر قليلا، وقرر حل مجلسي الشعب والشورى وإجراء تعديلات دستورية وتشريعية تسبق إجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة. وفي بيانه «رقم 5» الذي أذاعه التلفزيون المصري، أمس الأحد، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه قرر تعطيل الدستور. وهو إجراء لا بد منه من أجل أن يتمكن من إجراء تعديلات دستورية وتشريعية، وحل مجلسي الشعب والشورى. وتعد هذه الإجراءات استجابة للمطالب الرئيسية التي رفعها المتظاهرون منذ بدء انتفاضتهم ضد نظام مبارك في 25 يناير الماضي. وأوضح البيان أن «رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتولى تمثيل مصر أمام كافة الجهات في الداخل والخارج»، وهو ما يعني أن وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي سيصبح الرجل الأول في البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية، مع تأجيل تحديد مصير عمر سليمان الذي عينه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك نائبا له، إلى وقت لاحق. وأكد البيان أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر «حل مجلسي الشعب والشورى» و»تشكيل لجنة لتعديل بعض المواد بالدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب». كما أعلن أنه سيتولى «إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية». وتأتي الإجراءات التي أقدم عليها الجيش تلبية لنداء العديد من الأحزاب والفعاليات داخل المشهد السياسي المصري، التي سارعت، عقب الإعلان الرسمي عن تنحي حسني مبارك، إلى التعبير عن اقتراحات أجمعت على ملحاحية حل مجلسي الشعب والشورى «فورا»، وإقرار التعديلات الدستورية، ووقف العمل بقانون الطوارئ، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل مجلس رئاسي يتولى اختصاصات رئيس الجمهورية مؤقتا. بهذا الخصوص، حصرت الجمعية الوطنية للتغيير في مصر، التي يقودها محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، تشكيلة هذا المجلس الرئاسي في ثلاث شخصيات من بينها عسكري، واعتبرت الجمعية أن مرحلة انتقالية قوامها مجموعة من الإجراءات الاستعجالية تضمن الانتقال السلمي للسلطة، هي الكفيلة وحدها بتعبيد الطريق نحو النظام الديمقراطي المنشود». وتواصلت أمس ردود فعل عربية ودولية حول قرار الرئيس المصري محمد حسني مبارك التنحي عن منصب الرئاسة، معبرة عن تقديرها واحترامها لإرادة الشعب المصري وخياراته، داعية إلى ضمان إطار سلمي وديمقراطي لانتقال السلطة في البلاد، معربة عن الأمل في أن تتم عملية الانتقال السياسي في جو من الهدوء. التطلع نفسه عبر عنه المغرب، في بلاغ رسمي، دعا، أول أمس السبت، مصر إلى مواصلة الاضطلاع بدورها الكامل والأساسي على الساحة الإقليمية والدولية، خصوصا في الدفاع عن قضايا العالم العربي والأمة الإسلامية. كما عبر المغرب، في هذا البلاغ الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، عن ارتياحه للنوايا والالتزامات الواضحة التي عبرت عنها المؤسسة العسكرية بمصر لضمان انتقال سلمي نحو سلطة مدنية منتخبة بشكل ديمقراطي. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية قد أكد الالتزام بكافة الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية التي أبرمتها مصر، موضحا، في بيان بثه التلفزيون المصري, أن الحكومة الحالية، التي يرأسها أحمد شفيق، ستواصل تسيير الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة، وتحقيق انتقال سلمي للسلطة في ظل نظام ديمقراطي حر. ودعا البلاغ وزارة الداخلية ورجال الشرطة إلى تولي مهامهم تحت شعار «الشرطة في خدمة الشعب»، مذكرا بالتزامه بكل البيانات السابقة التي صدرت عنه، ومنها البيان الذي أكد فيه أن القوات المسلحة التي تتولى تسيير شؤون البلاد، «لن تكون بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب». ولتحقيق مطالب الانتفاضة الشعبية، وصياغة مستقبل جديد للبلاد قائم على مبادئ الدولة المدنية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والانتقال من مرحلة «التغيير» إلى مرحلة «التعمير» وبناء الاقتصاد الوطني، تمسكت مجموعة من المحتجين المصريين أمس الأحد بالبقاء في ميدان التحرير دون عرقلة حركة المرور للضغط من أجل التغيير، في تعبير على أن الثورة مستمرة ولم تلب مطالبها بعد، والمتمثلة أساسا في الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ 1981، وحل البرلمان والمجالس المحلية وتشكيل حكومة وحدة وطنية. واصطف إلى جانب المحتجين، أمس الأحد، بميدان التحرير، المئات من ضباط وأفراد الشرطة المصرية للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية وزيادة مرتباتهم وحوافزهم الإضافية. كما طالب المتظاهرون بتحديد ساعات العمل بحيث لا تزيد على ثماني ساعات، وتحسين الرعاية الصحية المقدمة لهم ولأسرهم. وعبر المتظاهرون عن تضامنهم مع مطالب الانتفاضة الشعبية، مؤكدين أن مرتباتهم لا توازي المخاطر التي يتعرضون لها خلال أدائهم لمهام عملهم، وعدد الساعات التي يقضونها في السهر على أمن الوطن والمواطن. في ظل غليان الشارع المصري المتفاعل مع بيانات الجيش، أعلن رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق أن الرئيس السابق حسني مبارك «موجود حتى الآن في شرم الشيخ»، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط. وقال شفيق خلال مؤتمر صحافي بعد ظهر أمس الأحد، إن مبارك، الذي تنحى عن الرئاسة الجمعة تحت ضغط التظاهرات وسلم السلطة للجيش، «موجود حتى الآن في شرم الشيخ»، نافيا بذلك ما تردد عن سفر الرئيس خارج البلاد.