انتهى ديربي الاغتراب الذي احتضنه هذه السنة الملعب الكبير بمدينة مراكش بفوز صغير لفائدة فريق الوداد البيضاوي بهدف لصفر وقعه البديل إسماعيل الحداد في الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني، مع تضييع عبد الرحيم شاكر لضربة جزاء في نفس الشوط لصالح الرجاء البيضاوي. انتصار الوداد سمح له بالاستمرار في مقدمة ترتيب البطولة الاحترافية، كما مكنه من الحفاظ على نسقه الإيجابي منذ عدة شهور، إلا أن هزم الرجاء لم يكن بطريقة سهلة رغم الغيابات الكثيرة و المؤثرة، وكان بالإمكان تفاديها بفضل القوة التي أبانت عنها التشكيلة التي تعتمد عليها المدرب الإسباني خوان كارلوس غاريدو. وأجمعت كل التعاليق على المستوى التقني الجيد الذي عرفته النسخة ال125 من الديربي، والذي كثيرا ما صدمنا بضعف مستواه ومبالغة المدربين في الاحتراس والحيطة والحذر وعدم الانفتاح على اللعب الهجومي والفرجوي. وفي الوقت الذي عرف الديربي حضور المستوى التقني الجيد غاب -للأسف- الجمهور، وغابت معه الفرجة على مستوى المدرجات، كواحدة من الإشراقات الجميلة التي ميزت الديربي طيلة السنوات الأخيرة، وأهلته ليكون من بين العشرة الأوائل على الصعيد الدولي. بالفعل أثرت مقاطعة الفصائل المساندة لقطبي الدارالبيضاء لمباراة الديربي، على عملية بيع التذاكر، إذ عرفت إقبالا متوسطا، حيث أن أغلب الجماهير التي حضرت الموعد جاءت من مناطق من خارج المدينة الحمراء، ومعظمهم من الطلبة الجامعيين. صحيح أن حصول اتفاق بين الفصائل بالرغم من اختلاف الفرق التي تساندها، كان ولا زال وسيظل مطلبا ملحا، إلا أن وجه الغرابة هو أن الاتفاق الأول من نوعه جاء من أجل مقاطعة الديربي، وليس من أجل نقطة أخرى تذهب في اتجاه تخليق الحياة الرياضية ومحاربة المظاهر المسيئة للشأن الرياضي من قبيل الممارسات التي تثير النعرات والصراعات الهامشية وتخدش الحياء العام وغيرها من المظاهر الشاذة التي تبرز بين الفينة والأخرى بملاعبنا الوطنية. وأصدرت المجموعات الرجاوية والودادية لأول مرة بلاغا مشتركا توضح من خلالها مجموعة من النقاط، أبرزها “ترحيل الديربي”، وكذا الاستراتيجية التي ينهجها المسؤولون عن الشأن الكروي في المغرب. وجاء في بلاغ المقاطعة أنه “بعد نقاش عميق ومستفيض بين مجموعات الكورفا سود والكورفا نورد حول مستجدات الساحة الكروية والعشوائية في تدبير الشأن الرياضي والتسييري بحيث أصبح الارتجال و التخبط سمتان في اتخاذ القرارات، وكذا تبعات المباراة قررت المجموعات المقاطعة الديربي”. انتقد البلاغ ما أسماء بأسلوب الترحال، وفي كل مرة مدينة جديدة كأنه عرض سيرك أو مهرجان موسيقي، وكذلك تفادي الفخاخ المنصوبة خصوصا لحساسية الطريق، والتي من المتوقع أن تكون مشتركة، كما أشار إلى أن المجموعات “تعمل على ميثاق شرف فيما بينها يضم مجموعة من الضوابط هدفها الحد من المشاكل والصراعات وسيتم الإعلان عنه في الأيام القليلة القادمة”. ننتظر المواقف التي ستصدر عن الفصيلين المذكورين، وإلى أي حد ستكون الخطوات المقبلة هادفة لخدمة كرة القدم الوطنية، بعيدا عن الحسابات الضيقة، خطوات مطلوبة توازي قيمة الناديين الكبيرين من جهة وقيمة قاعدتهما العريضة ..