في ميدان التحرير بوسط القاهرة, معقل حركة الاحتجاج غير المسبوقة في مصر, جاء العديد من الأقباط للتظاهر جنبا إلى جنب مع مواطنيهم المسلمين والمطالبة معم برحيل الرئيس حسني مبارك. الشاب القبطي نادر (23 عاما) حمل لافتة تقول بالانكليزية «دماء الكثير من الأقباط سالت في عهد مبارك. ارحل عن مصر». ويقول نادر لمراسل فرانس برس «اضطهاد الأقباط زاد كثيرا خلال السنوات الأخيرة في مصر» مشيرا إلى الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت المسيحيين والتي كان آخرها ذلك الذي استهدف كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنة موقعا 23 قتيلا. وأضاف الشاب «الشيء الوحيد الذي فعله مبارك هو محاولة إخفاء ما يحدث. هذا ليس الحل». وتشير التقديرات إلى أن المسيحيين يشكلون ما بين 6 إلى 10% من عدد سكان الذي يزيد عن الثمانين مليونا. وكان رأس الكنيسة القبطية البابا شنودة الثالث, بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية, دعا مساء الجمعة الماضي المتظاهرين إلى تذكر «التنازلات» التي قدمتها الحكومة بعد أيام من حركة الاحتجاج العارمة المطالبة بإسقاط النظام. ويقول إيهاب (41 عاما) «طلب منا عدم المشاركة في التظاهرات» المطالبة برحيل مبارك التي بدأت في 25 يناير الماضي وأسفرت حتى الآن عن سقوط 300 قتيل على الأقل وآلاف الجرحى وفقا لتقديرات الأممالمتحدة. وأضاف إيهاب «مع ذلك حضرنا إلى الميدان لأننا نريد أن نثبت أننا هنا» وهو يجول بلافتة تقول بالانكليزية «المسيح سيمنحنا حياة أفضل. ارحل يا مبارك حتى نحصل على هذه الحياة». ويشكل نادر وإيهاب جزءا من مجموعة غير متجانسة من المتظاهرين تضم نشطاء علمانيين وإسلاميين. ويؤكد إيهاب انه لا يخشى سيطرة الإسلاميين على السلطة إذا ما رحل مبارك. وقال «إن حكومة إخوان مسلمين ستكون كارثة. لكن توجد في مصر خيارات أخرى غير مبارك والإخوان». ورفع متظاهر آخر لافتة موجهة لجمال نجل الرئيس مبارك الذي اعتبر لفترة طويلة خليفة والده «يا جمال قول لابوك الأقباط بيكرهوك» ليظهر بذلك أن الأقباط ليسوا جميعا مع الرئيس مبارك كما يقال عنهم كثيرا. ومؤخرا أكد رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس صاحب مجموعة تيليكوم للاتصالات أن الإصلاحات التي وعد بها الرئيس استجابة لحركة الاحتجاج «خير لمصر, فالجميع يريد الديموقراطية» مضيفا «لا شيء أفضل للمستثمرين من الديموقراطية. فكل المشاكل التي واجهتها كرجل أعمال كانت مع حكومات غير ديمقراطية». ويعتبر ساويرس, الذي تقدر ثروته بنحو 5,2 مليار دولار من أقوى رجال الأعمال في مصر. وفي ميدان التحرير حرص العديد من المتظاهرين المسلمين على إبداء دعمهم للأقباط مثل أحمد الشيمي (47 سنة) الذي رفع لافتة تقول «مسلمون + مسيحيون = مصر» عليها شعار الهلال وفي وسطه الصليب رمز وحدة المسلمين والمسيحيين. وأوضح «لا نريد تمييزا» بين الطائفتين. وأكد أن الرئيس مبارك «يريد أن يسوق للولايات المتحدة وأوروبا فكرة أن لدينا مشكلة هنا مع المسيحيين وانه الشخص المناسب لمنعها. لكن ذلك ليس حقيقيا». وقد أبدت دول غربية عدة قلقها حيال وضع الأقباط في مصر بعد الاعتداءات الأخيرة التي تعرضوا لها.