قال وزير الصحة أنس الدكالي إن إصلاح الإشكالات العديدة التي يعاني منها قطاع الصحة يحتاج إلى وقت كاف وشروط ملائمة من خلال تظافر جهود جميع الفاعلين من قطاعات حكومية متدخلة ومهنيين وشركاء، ومساهمتهم الفعالة من أجل إنجاح الاستراتيجية الوطنية الجديدة في قطاع الصحة. وكل ذلك، يقول الوزير، سعيا نحو تحقيق هدف أكبر هو “الاستجابة لمتطلبات وحاجيات المواطنين، وأن نكون عند حسن تطلعات جلالة الملك الذي أكد في خطابه الأخير، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، على ضرورة التعبئة الشاملة، والعمل الجماعي، وقيام كل واحد بدوره كاملا، في ظل احترام القناعات والاختلافات”. وأضاف الدكالي، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال مؤتمر الجمعية المغربية للعلوم الطبية، مساء يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، أن الوزارة مستعدة دوما للعمل المشترك وللحوار مع المهنيين بمختلف فئاتهم وهيئاتهم التمثيلية. وإذ عبر عن تفهمه لمطالب الأطباء المشروعة، فإنه لم يخف، في نفس الوقت، استغرابه من لجوء بعض الفئات إلى الإضراب والحركات الاحتجاجية في ظل تواصل الحوار مع الوزارة التي تظل منفتحة، يقول الدكالي، على جميع الاقتراحات في اتجاه العمل على استفادة المواطنين من خدمات علاجية متكاملة وذات جودة، وكذا العمل على مواجهة بعض جوانب سوء الحكامة والتدبير التي عانى منها القطاع طويلا. وفي هذا الإطار، أكد الوزير على أهمية الموضوع الذي تم اختياره كمحور لأشغال المؤتمر الوطني 35 للجمعية المغربية للعلوم الطبية، وهو التكوين المستمر، والذي يعد، حسب الوزير، حجر الزاوية في أي خطة لإصلاح قطاع الصحة. فمهما استثمرنا من أموال وإمكانيات في البنيات التحتية والتجهيزات، يقول الدكالي، لن يكون ذلك مجديا في ظل الخصاص المهول الذي يعرفه القطاع على مستوى الموارد البشرية، سواء بالنسبة للمهن الطبية أو شبه الطبية، وهو ما يتطلب بذل مجهود كبير من أجل إصلاح قطاع التكوين والتكوين المستمر في المهن الصحية، وتوفير الآليات القانونية والمالية والمؤسساتية لبلوغ الغايات المرجوة على هذا المستوى. من جهته، أكد البروفيسور سعيد المتوكل الرئيس السابق للجمعية ورئيس المؤتمر، انفتاح الأطباء بدورهم على الحوار وعلى العمل الجاد والمسؤول من أجل إنجاح مختلف الأوراش التي تطلقها الوزارة في سياق مشروع إصلاح القطاع. وذكر في هذا الإطار بانخراط الأطباء في تعزيز جهود تفعيل نظام المساعدة الطبية “راميد” من أجل تغطية صحية شاملة للمواطنين. وجدد المتوكل كذلك التأكيد على ضرورة مواصلة الحوار حول مطالب المهنيين، وعلى رأسها، إعادة النظر في النظام الضريبي وتوفير التغطية الصحية للأطباء المستقلين، وتعديل قانون الانتخابات المهنية، وتحسين شروط العمل والتكوين والتكوين المستمر. فيما عبر البروفيسور الحسين الماعوني، رئيس هيئة الأطباء، في كلمة بالمناسبة، عن تفاؤله بإمكانية تحقيق تواصل وتنسيق أفضل بين هيئات المهنيين والوزارة، منوها بالدينامية الجديدة التي عرفتها العلاقة بين الطرفين على عهد الوزير الدكالي، مع ما يبديه هذا الأخير من إرادة صادقة في حل الملفات التي تشكل انشغالا مشتركا للمسؤولين والمهنيين على السواء. وتميز حفل الافتتاح بإلقاء البروفيسور جمال توفيق، مدير الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، لعرض مطول حول موضوع المؤتمر، المتمثل في “التكوين والتكوين المستمر والبحث العلمي في المجال الطبي”. واستعرض بالمناسبة مختلف محطات الإصلاح التي عرفها هذا القطاع منذ سنوات الثمانينات إلى اليوم، حيث يستمر العمل من أجل تطوير تكوين الأطباء باتجاه مواكبة المعايير البيداغوجية والمهنية المتجددة والمتطلبات الواقعية المستجدة في قطاع العلاج والاستشفاء. وشكل حفل الافتتاح أيضا مناسبة للاحتفاء بعدد من الأطر الطبية والعلمية في المجال الصحي، حيث سلمت لهم، بحضور وزير الصحة، دروع تكريمية. يذكر أن أشغال المؤتمر الوطني للجمعية المغربية للعلوم الطبية، التي امتدت ليومين، عرفت مشاركة العديد من الأساتذة والخبراء والباحثين والطلبة، ناقشوا ضمن الندوات والموائد المستديرة التي تضمنها برنامج المؤتمر عدة محاور تتعلق بتطوير البحث والتكوين في التخصصات الطبية المختلفة، ومن بينها أمراض الجهاز التنفسي، الالتهابات الفيروسية، سرطان الثدي وغيرها. كما أعلن خلال المؤتمر عن تشكيلة المكتب الجديد للجمعية التي أصبح يترأسها البروفيسور مولاي سعيد عفيف، ونائباه البروفيسور محمد أبو معروف، والدكتورة نادية أولشكر. فيما يشغل الدكتور عبد النبي فوزي مهمة الكاتب العام للجمعية، والدكتور محمد بنونة أمين مال الجمعية.