يراقب القادة الإسرائيليون بقلق الأحداث في مصر, فيما حذر محللون من أن هيمنة الإسلاميين على القيادة الجديدة في مصر ستهدد السلام القائم منذ 30 عاما بين إسرائيل ومصر. وفيما تستمر الموجة غير المسبوقة من الاحتجاجات في أنحاء مصر, يراقب المسؤولون الإسرائيليون التطورات بقلق بالغ ويدرسون تأثيراتها المحتملة على الدولة العبرية وسط مخاوف من سيطرة الإسلاميين على مصر. وقال بنجامين ميلر الخبير في الصراعات والأمن في الشرق الأوسط في جامعة حيفا «في هذا الوضع الفوضوي فان التفوق يكون لجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين لأنها الأكثر تنظيما والأكثر عزما وتصميما». وأضاف أنه رغم أن نشطاء الإخوان المسلمين لم يبرزوا حتى الآن في التظاهرات, إلا أن الجماعة تتفوق على غيرها ببنيتها التحتية السياسية المنتشرة والراسخة. وتشعر إسرائيل, التي تواجه جماعات إسلامية عدائية في لبنان وقطاع غزة, بالقلق البالغ من احتمال تسلم الإسلاميين زمام السلطة في مصر التي تشترك معها في أطول حدود. وكتب أيلي شاكيد السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة, في صحيفة يديعوت احرنوت يقول إنه إذا جرت انتخابات حرة, فان النتيجة ستكون معروفة وحتمية. وقال «الافتراض الآن هو أن نظام مبارك يعيش في الوقت الضائع, وسيتم تشكيل حكومة انتقالية .. إلى حين إجراء انتخابات عامة جديدة». وأضاف «أن النتيجة المرجحة ستكون فوز الإخوان المسلمين بالأغلبية, حيث سيشكلون القوة المهيمنة في الحكومة المقبلة». وتابع «ولذلك فبعد وقت قصير سيدفع السلام بين إسرائيل ومصر الثمن». ومصر هي أول دولة عربية أبرمت في العام 1979, معاهدة سلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كافة الأراضي المصرية التي احتلتها في يونيو 1967. ورغم ان هذا السلام اعتبر «باردا» على الدوام لأنه اقتصر على العلاقات الدبلوماسية بدون أن ينعكس تقاربا بين الشعبين, فقد صمد أمام حربين في لبنان (1982 و 2006) وانتفاضتين للفلسطينيين (1987 و 2000) وجمود عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي عام 1994 أصبح الأردن ثاني وآخر بلد عربي يبرم سلاما مع إسرائيل. ورأى ميلر انه «إذا فازت جماعة الإخوان المسلمين وأصبحت الجماعة هي المهيمنة, فمن المؤكد أن العلاقات المصرية الإسرائيلية ستتدهور». وأضاف «ولا يعني ذلك أن حربا ستندلع على الفور أو في المستقبل القريب - فحتى الإخوان المسلمون لهم مصلحة ما في تجنب الحرب». وتابع «ولكن كل هذا التحالف من مصر والسعودية والأردن وإسرائيل الموالي للغرب والمعادي لإيران سيتقوض». غير أن يورام ميتال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون جنوب إسرائيل صرح لفرانس برس أن فوز الإخوان المسلمين يجب ألا يعتبر نتيجة مسلم بها. فهو يرى أنهم رغم سيطرتهم على المعارضة في ظل نظام مبارك, فان وجود نظام سياسي مفتوح يمكن أن يخلق نوعا مختلفا من السياسة. وقال «ما أراه هو انه خلال فترة قصيرة للغاية, سيصبح لدينا واقع سياسي مختلف». وأضاف «وفي اطار هذا الواقع, فإن قطاعات أخرى, من بينها الأغلبية الصامتة من الشعب المصري, ستلعب دورا مهما». والمح ميتال إلى إمكانية حصول تحالف مستقبلي بين الإخوان المسلمين وقطب المعارضة محمد البرادعي, المدير السابق للوكالة الدولية الحائز على جائزة نوبل للسلام. وقال «في هذه المرحلة, فانه الشخصية الأبرز بين المعارضة», مشيرا إلى أن البرادعي حصل على اهتمام كبير في الاعلام الدولي والعربي. وأوضح «من المثير للاهتمام جدا ان البرادعي بدأ حوارا بناء جدا مع قيادة الإخوان المسلمين في مصر قبل ستة أشهر, وفي الايام الأخيرة نسقوا معا عددا من خطواتهم». وأضاف «كما أنني لا استثني احتمال انه اذا جرت انتخابات (رئاسية) في مصر, فإن الإخوان المسلمين لن يرشحوا شخصا من بينهم, ولكنهم سيدعمون شخصا مثل البرادعي».