مضت أزيد من سنة على آخر اجتماع للمجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، في وقت بدأت تلوح في الأفق بوادر إعادة هيكلة المؤسسة، بعد طول انتظار تفعيل التوجيهات الملكية في خطاب الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء. وأفادت مصادر عن قرب إعلان التشكيلة الجديدة للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، بتزامن مع الزيارة المرتقبة لجلالة الملك إلى المنطقة في غضون الأيام المقبلة. فمع حلول مارس من هذه السنة، يكون المجلس قد أشرف على نهاية ولايته، المحددة طبقا للظهير المحدث له، وكل المؤشرات باتت تشير إلى احتمال تجديد تركيبته منذ تنصيبه بمدينة العيون، خلال الزيارة الملكية الأخيرة للمنطقة. أول هذه المؤشرات إعلان جلالة الملك، في خطاب المسيرة الخضراء في نونبر من السنة الماضية، في إطار إضفاء روح متجددة لرفع التحديات الآنية والمستقبلية للقضية الوطنية، عن "إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، من خلال إعادة النظر في تركيبته، وتقوية تمثيليته، بانفتاحه على نخب جديدة، ذات كفاءة وغيرة وطنية، وتأهيل وملاءمة هياكله، وطرق تسييره مع التحديات الجديدة، والرفع من نجاعته، في التعبئة للدفاع عن مغربية الصحراء وتنميتها". وثاني هذه المؤشرات أنه منذ أبريل 2009 لم يعقد المجلس أي دورة لاجتماعه، وفق القانون المنظم له. مما يعتبره مراقبون إيذانا بانتهاء فترة ولايته الحالية في أفق تجديدها. أما المؤشر الثالث فيتعلق بالانتقادات الموجهة لرئيس المجلس من طرف فعاليات وأطر صحراوية، وبعضهم أعضاء بالمجلس، حول طرق تسييره وتدبيره. كل هذه المؤشرات "إن لم تكن سببا وجيها لتفعيل مضامين الخطاب الملكي لعيد المسيرة، يقول مصدر من داخل المجلس، فهي على الأقل مبرر قوي لإعطائه دفعة جديدة للقيام بما هو منوط به في ظل تصاعد الاستفزازات من خصوم وحدتنا الترابية". ويضيف ذات المصدر أن جمود المجلس، الذي كان مفروضا أن يعقد دورته العادية شهر أبريل الماضي، يوضح بجلاء أن قرار الدعوة إلى هذا الاجتماع خرج من يد الرئيس، الذي أبانت فترة رئاسته عن الكثير من الاختلالات في التعاطي مع ملف القضية الوطنية. ومع ذلك سجل نفس المصدر أن الاجتماعات التي عقدها المجلس الملكي الاستشاري، وانفتاحه على العديد من الفعاليات من الأقاليم الجنوبية، من خلال عقد إحدى الدورات بمدينة السمارة، كلها نقط حسنة تحسب له. ويترقب سكان الأقاليم الجنوبية باهتمام بالغ ما ستحمله زيارة عاهل البلاد إلى المنطقة، والقرارات التي سيعلن عنها. بنفس درجة الترقب ينتظر الإعلان عن أعضاء المجلس الجديد، الذي سيعرف التحاق أطر ونخب جديدة برهنت عن كفاءتها في مجال الدفاع عن القضية الوطنية، وخصوصا الشباب. وكان جلالة الملك أعلن في خطابه التاريخي بمدينة العيون في 26 مارس 2006 عن إحداث المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، في صيغته الجديدة، وعين كلا من خليهن ولد الرشيد وماء العينين ولد خليهم ماء العينين، على التوالي رئيسا وأمينا للمجلس. وأكد جلالة الملك في خطابه بالمناسبة على أن المجلس، في هيئته الجديدة، يعد لبنة أساسية في ترسيخ ثقافة التشاور، وفسح المجال أمام المواطنين للمساهمة، باقتراحاتهم العملية في كل القضايا المتصلة بالوحدة الترابية، وبالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأقاليم الجنوبية"، من خلال إضفاء الدينامية اللازمة والاختصاصات المخولة، ليساهم إلى جانب السلطات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، في الدفاع عن مغربية الصحراء، والتعبير عن التطلعات المشروعة لمواطني تلك الربوع من المملكة. وطبقا للظهير بمثابة القانون المحدث له، أنيطت بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، كهيئة استشارية إلى جانب الملك، مهمة إبداء الرأي في قضايا ذات طابع عام أو خاص تتعلق بالدفاع عن الوحدة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة، والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المندمجة للأقاليم الجنوبية. ويتولى المجلس أيضا رفع اقتراحات إلى جلالة الملك بخصوص المبادرات والمشاريع والتدابير المتعلقة بعودة واندماج جميع المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية، وأيضا الاقتراحات المتعلقة بالتدابير الكفيلة بصيانة وإنعاش الإرث الثقافي والفني واللغوي (الحساني) للأقاليم الجنوبية، وكل التدابير الكفيلة بضمان مستقبل واعد للشباب، وفسح المجال أمامهم للتعبير عن طموحاتهم وقدراتهم، والتدابير التي من شأنها تعزيز المبادئ والقواعد ذات الصلة بحقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية طبقا للتشريع الجاري به العمل، والمشاركة بتنسيق مع السلطات المختصة في أشغال واجتماع الهيئات والمنظمات الدولية المرتبطة بقضية الوحدة الترابية أو بالتنمية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية.