أزيد من 600 جماعة محلية بدون مخطط الجماعي للتنمية بلغ عدد الجماعات المحلية التي تمكنت بالفعل من إعداد المخطط الجماعي للتنمية المنصوص عليه في الميثاق الجماعي ما يقرب من 900 جماعة قروية وحضرية فقط من أصل 1504 جماعة بالمغرب. رغم مرور ما يقرب من عام على إجراء الانتخابات الجماعية في يونيو الماضي، ما تكون معه الجماعات التي لم تنجز مخططاتها التنموية، قد جاوزت الأجل القانوني الذي حدده القانون في ستة أشهر بعد الانتخابات، من أجل إعداد تلك المخططات. وبحسب عبد اللطيف شدالي مدير التخطيط والتجهيز بالمديرية العامة للجماعة المحلية بوزارة الداخلية، الذي عرض هذه الإحصائيات خلال ندوة "التنمية الحضرية بين النظرية والتجارب العملية"، نظمت أول أمس بمراكش، فإن وزارته، "تأمل أن تتخطى الجماعات المتأخرة عن إعداد مخططاتها التنموية، المشاكل المتصلة بهذا الموضوع، مع نهاية العام الحالي". وبرر شدالي، الذي تحدث في موضوع "التخطيط الاستراتيجي كرافعة للتنمية"، هذه التأخيرات في جزء منها، إلى أن رؤساء الجماعات الذين كلفهم الميثاق الجماعي لأول مرة بوضع هذه المخططات التنموية، "ألفوا نمطا قديما في العمل الجماعي، كان يستند على أن مخططات التنمية وإعداد البرامج الاستراتيجية، يأتي من فوق، ويريحهم من مشقة العمل في هذا الجانب"، وشدد على أن ذلك الأمر "قد انتهى، وأن المنتخبين مطالبون بوضع المخططات التنموية لجماعاتهم"، بعدما لم يعد لمبررات ظرفية كالطعون الانتخابية، من موضوع في الوقت الحالي. غير أن المسؤول في وزارة الداخلية، ألح على القول بأن وزارته تعمل عن كثب مع الجماعات المحلية لدفعها نحو التخطيط التنموي الاستراتيجي، سواء بوضع الآليات لدعم إعداد وتفعيل المخطط الجماعي للتنمية، كما أعدت الوزارة أيضا دليل مساطر وحقيبة تكوين، لأن بعض الجماعات سيما القروية، تعرف خصاصا على مستوى التأطير، علاوة على وجود نظام معلوماتي جماعي يسمح بتجميع المعطيات والمؤشرات لضمان استثمارها كمرجع بالنسبة للجماعات، كما أن هنالك شراكة بين وكالات تنمية الأقاليم الشمالية والشرقية. وقال المتحدث نفسه، أن الوزارة خصصت دعما تقنيا من أجل وضع برامج التأهيل الحضري، أضف إلى ذلك، الدعم المالي، معتبرا أن الدولة تساهم في المشاريع بنسبة الثلثين فيما تتكفل الجماعة بالثلث الباقي فقط، كما تساعد الوزارة في وضع البرامج في الجماعات القروية، حتى تستفيد تلك الجماعات من الحد الأدنى من الخدمات والتجهيزات العمومية. المنتخبون الجماعيون من جانبهم، ردوا على تدخل المسؤول بوزارة الداخلية، من خلال تعقيبات مقتضبة، ركزت على جانب النصوص والتكوين كعاملين مرتبطين بشكل أساسي، في عملية إعداد المخططات التنموية، وقال حسن بومحاندي رئيس جماعة قصبة تادلة، "إن وزارة الداخلية وراء تأخير إعداد المخططات التنموية بسبب عدم قدرتها على إخراج النصوص التفصيلية والمراسيم التطبيقية"، مضيفا "أن المواكبة والدعم الماليين من طرف الدولة، اللذين تحدث عنهما المسوؤل في الداخلية، شيء غير موجود في الواقع". كما قال رئيس جماعة قروية بتاونات، إن الجماعات القروية "لم تحظ بالعناية الضرورية ولا بالمواكبة اللازمة، وبالتالي، فإن مشاكل العالم القروي هي نتيجة مباشرة للتقصير والتهميش من طرف المصالح المعنية".++ * التعمير: قانون متشدد ومجال حضري مشتت++ من جهة أخرى، قال الخبير في التعمير والأستاذ في المعهد الوطني للتهيئة والتعمير بالرباط، عبد الغني أبو هاني، إن الكثير من المشاكل المرتبطة بالتنمية الحضرية بالمغربية، يمكن تفاديها في حال توسيع دائرة مشاركة الفاعلين المعنيين بموضوع العمران داخل المدن، بدل أن تحتكر مصالح معينة داخل وزارة الداخلية، صناعة المخططات الحضرية والعمرانية، وأضاف الخبير الذي كان يتحدث في موضوع التخطيط العمراني بالمغرب، أن الجميع يشتكي من هذا القانون، سواء المنعشين العقاريين أو المواطنين، كما أن الجماعات المحلية في اعتقاده، "ترفض تطبيق قانون التعمير الحالي، لأن نصوصه تضعهم في الواجهة مع المواطنين المتضررين من تشدد القانون"، وبالتالي، يضيف الخبير، ف"إنهم ينزحون إما نحو انتقاده بشكل علني، أو يقومون بمنح رخص غير مطابقة لتصميم التهيئة، وما ترتب عن هذا التقابل، هو أن توزيع المهام في قانون التعمير أصيب بالفشل ويجب إعادة توزيعها من جديد في نص آخر". وقدم المتحدث ذاته قراءة نقدية لقانون التعمير المعمول به في المغرب، بحيث شدد على أن النص الحالي الذي ليس سوى امتداد للظهير المنظم للتعمير الصادر في 1912، حول المغرب خلال الفترة الاستعمارية إلى مختبر تحارب عمرانية، أنتج تفككا حضريا لا يزال مستمرا لحدود اليوم، وقال أن المغرب لم يغير السمات الرئيسية في ذلك القانون إلى اليوم، سيما الطابع المتشدد فيه، ما دفع إلى انزياحات جانبية تمثلت بالخصوص في السكن العشوائي والتجزيء السري. وبينما لاحظ الخبير أن هذا الطابع المتشدد للنص القانوني "لم ينتج سوى تشتتا في المجال الحضري بالمدن المغربية، فإن محاولة المشرع المغربي الاتجاه نحو إضفاء بعض المرونة على النص القانوني، فشلت بدورها"، مبرزا أن المرونة التي أدخلت على قانون التعمير الذي يعد مرجعه هو تصميم التهيئة، تمثلت في نظام الاستثناءات المستند لعدد من الدوريات الصادرة عن الوزارة المعنية بموضوع التعمير، لكن هذه المرونة "لم تحصد سوى الخسران، بعدما طغت عليها المضاربات العقارية، ولم تنجح في خلق فرص شغل دائمة كما كان مأمولا لدى أصحاب الفكرة". وخلص أبو هاني إلى القول بأن المغرب "يحتاج إلى قانون تعمير مرن.. ومن الضروري التسريع بإخراجه إلى حيز الوجود، لضمان تنمية حضرية متوازنة وفعالة".