أعرب السياسي التونسي المخضرم أحمد المستيري عن أمله في أن يرأس «مجلسا للحكماء» سيجري تشكيله لقيادة تونس إلى الديمقراطية بدلا من الحكم الشمولي الذي كانت عليه البلاد في عهد زعيمها المخلوع. وقال المستيري أول أمس الأربعاء انه وشخصيتان من عهد الزعيم السابق الحبيب بورقيبة وهما أحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي بادروا بفكرة المجلس لمواجهة أي فرصة للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لاستغلال استمرار الاحتجاجات والإضرابات للعودة. وقال المستيري احد الشخصيات البارزة في الحزب الحر الدستوري الجديد الذي كان يتزعمه بورقيبة قبل أن ينفصل عنه في الثمانينات إن المجلس سيحمي الثورة التي اندلعت بشكل عفوي وأضاف أن الوقت قد حان لتنظيم العملية. وأشار المستيري البالغ من العمر 80 عاما في مقابلة بمنزله في تونس إلى انه سيطرح نفسه رئيسا للمجلس بعد تشكيله. وأوضح المستيري الذي ينظر إليه على أنه شخصية مقبولة لدى الجماعات من مختلف الانتماءات السياسية أن المجلس سيضم شخصيات من الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة المحامين وجماعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. ولكن تشكيله في صورته النهائية لم يتم بعد. وقالت الحكومة إن انتخابات جديدة ستجرى في غضون ستة أشهر ولكن المستيري قال انه لم يتضح ما إذا كانت هذه الفترة كافية لتنظيم انتخابات. وأعرب المستيري عن قلقه إزاء المستقبل قائلا أن هذا المستقبل قد يعاني من انتكاسة بسبب الفوضى وإمكانية تأثر المؤسسات. وقال إن هناك أعداء داخل وخارج البلاد يعملون على إعادة حكم بن علي الجائر. وحارب الجيش القوات الموالية لبن علي في الأيام التي تلت فراره إلى المملكة العربية السعودية يوم 14 يناير. ويخشى كثيرون من أن تستغل خلايا أنصار بن علي احتجاجات الشوارع التي تهدف إلى تطهير الحكومة من الموالين لبن علي ربما بدعم من دول معارضة للتجربة الديمقراطية في تونس. وكانت الحكومات العربية والغربية تساند لسنوات حكم بن علي الذي كان ينظر إليه باعتباره حصنا ضد الجماعات الإسلامية. وكانت العواصمالغربية تشيد بتونس باعتبارها قصة نجاح اقتصادي في العالم العربي رغم شدة جهازي الأمن والمخابرات اللذين استغلتهما الدولة في مراقبة أبناء البلد. وقال المستيري انه واثق من أن الجيش يريد أن يبقى في الخلفية لضمان إجراء انتخابات حرة. ودعا رشيد عمار قائد الجيش التونسي المتظاهرين للعودة إلى منازلهم وقال إن الجيش «سيحمي الثورة» ولكنه حذر من أن الاحتجاجات تخلف فراغا خطيرا. وأكد المستيري على تقدير دور الجيش حتى الآن في الإطاحة ببن علي وإجباره على الرحيل والفرار قائلا أن الجيش هب لحماية المواطنين. وقال المستيري إن الجيش ليست لديه النية للقيام بانقلاب مشيرا إلى انه يعتقد أن الجيش لن يتجاوز دوره في دولة ديمقراطية حديثة. وفي ظل حكم بن علي جرى حظر حركة النهضة الإسلامية التونسية وسجن المئات من أتباعها أو فروا للخارج. ورحب المستيري بالإسلاميين وانتقد الحكومات الغربية لتشجيع تهميشهم على مر السنين. وقال إن زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إسلامي عصري على غرار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وأوضح المستيري انه لا يمكن اتهامهم بالإرهاب وان ما يطالب به هو تقصي الحقائق او معرفة ما في قلوبهم مشيرا إلى وجود جماعة الاخوان المسلمين في مصر والى وجودهم في البرلمان في الكويت والأردن وفي الأراضي الفلسطينية. ولكن المستيري قال إن لديهم في تونس خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها. وقال إنه شخصيا سن قانون الأحوال الشخصية وأرسى حرية المرأة مع بورقيبة في عام 1956. ورافق قمع بن علي للسياسة الإسلامية قوانين ولوائح علمانية تعوق الممارسات الدينية. وأشار المستيري إلى إمكانية استمرار محمد الغنوشي الذي كان يشغل عددا من المناصب الوزارية في حكومات بن علي في منصب رئيس الوزراء للحكومة المؤقتة. وكان الغنوشي هدفا دائما للمحتجين المطالبين بالتغيير الكامل للحرس القديم والتخلص من جميع شخصيات حزب بن علي الحاكم الذي غير اسمه الرئيس المخلوع من الحزب الاشتراكي الدستوري إلى التجمع الدستوري الديمقراطي بعد أن أعلن نفسه رئيسا للبلاد قائلا إن الحالة الصحية لبورقيبة تجعله عاجزا عن الحكم عام 1987 . وقال المستيري إنه لا يضمر عداءا شخصيا تجاه الغنوشي مشيرا إلى أنه شخص مهذب ومسؤول رفيع داخل دائرة الشؤون الإدارية ولكن ماضية يعني أن الناس لن تمنحه ثقتها الكاملة. وتابع المستيري قائلا انه يتطلع من خلال جهود العودة إلى الساحة أن يكون الغنوشي حلقة وصل للنظام الحالي وأن يساعد على تأكيد التغير من الديكتاتورية بطريقة حضارية.