تتمتع هذه المدينة بشهرة متفردة ضمن خريطة المدن المغربية المتميزة. لأن تميزها مخصوص بها، لا بغيرها. صغرها ووقوعها في جغرافيا جبلية عنصران لا تنفرد بهما، وعلى رغم ذلك استطاعت أن تخلق منهما معطيين جاذبين للعين والسفر بفضل الثقافة والسياحة المرتبطة بها. وعرضت حلقة خاصة بالمدينة وما تزخر به في برنامج «كان يا مكان» على القناة الثانية المغربية، والذي يقزم بإعداد فقراته عبد الرحيم تافنوت. وفي طيات ما قدمه، تم التعرف إلى بعض السر في ما يميزها. بعضه فقط، وليس كله، لأنه لم يحد عن كونه روبورتاجاً صورياً يتناوب فيه التعريف بالصورة الملتقطة المتحركة وباللقاءات مع أمين المصباحي الكاتب المتخصص في تاريخ المدينة. وبالتالي غاب الجانب التوثيقي الذي يفتح الأبواب الخشبية القديمة على مصراعيها، ويدلف إلى مكامن السحر الذي جعل المدينة، على سبيل المثال عاصمة للشعر المغربي منذ عقود، وذلك من خلال مهرجانها الوطني للشعر الشهير الذي ينظم منذ أكثر من خمسة عقود فيها، يحمل اسم الشاعر الأندلسي، أسير السلطان يوسف بن تاشفين ودفين أزمات قرب مراكش، المعتمد بن عباد. هذا السلطان هو من مكن المغاربة (المورو في التسمية الإسبانية) من السيطرة على الأندلس لقرون إضافية. سيطرة جعلت العلاقة بين المغربي، وبخاصة منطقته الشمالية، تتحد في الكثير من الخصائص المتبادلة. التبادل أي نقطة التلاقي هو ما تظهره الشاون في اسمها الأمازيغي الأصلي الذي يعني القرنين (أسكاون)، وشفشاون الحاضرة المعاصرة في اسمها الحالي. هذا المنحى العرقي سيمتزج بالمعنى الأندلسي بحسب ما ورد في البرنامج وبحسب ما يؤكده مشهد المدينة، بعد خروج المسلمين النهائي من إسبانيا. وجزء من هؤلاء هم من سيمنحون المدينة طابعها الأندلسي في الكثير من المناحي. في المعمار والشكل والثقافة السائدة. وتجب الإشارة أيضاً إلى وجود اليهود المغاربة، بخاصة في الحي المخصص لهم والمسمى بالملاحظات حيث أضافوا اللمسة التقليدية في الصناعة خاصة والتجارة. وهي هنا لا تختلف عن المدن المغربية العتيقة المعروفة، سواء السلطانية أم الأميرية مثلها. المدينة حاضرة غناء في خاصرة جبال الريف المنيفة، تعيش في وسط الماء المتدفق في سواقيها من العيون، مانحاً إياها نضارة خلابة على طول السنة. وهو ما ينعكس على طباع الناس وحياتهم المعيشية الهادئة اللطيفة المعشر. هذا إلى جانب التضاريس الجبلية التي فرضت بناءً للمنازل والقصور والمنشآت تتآلف المنعرجات والأدراج والسبل الصاعدة والنازلة، موفرة هنا وهناك باحات استراحة أبرزها ساحة «وطاء الحمام» المعروفة التي يصدح في جنباتها الشعر والرونق الهادئ. مدينة طُلِيَت جدرانها بالأزرق النيلي في الأسفل والأزرق السماوي الذي يقارب الشفافية في الأعلى مع بياض مشع. وهو ما يخصها بالكثير من التفرد على رغم أنها ليست مدينة شاطئية. فلونها الأزرق المتخير كعنوان وحالات قد نقول إنه معطى فني أكثر منه لهدف نفعي ما. وهذا الذي نطالعه ونشهد طغيانه اللذيذ ونحن نتابع عين الكاميرا التي تصاحب الحديث وتنقله إلينا هنا وهناك. مُرافَقَةٌ تصاحبها كما هو منتظر نغمات الموسيقى الأندلسية في شكلها المغربي مع أغان تطرب الأذن لفتيات ينشدن بالكثير من الألق الوصلات المعروفة. نرى من خلال البرنامج جزءاً من المدينة، ذاك الذي يلتقيه الزائر من الخارج، فيكون فكرة عامة مُشَكَّلة من صور جدران ومحال وجداول ماء وأزقة ضيقة. فكرة لا غير تنتظر الزيارة الفعلية بالاقتحام الجميل للعين المتقضية للجمال الأخاذ الذي تنبئ عنه هذه المظاهر المُلْتقطة، وهو جمال مختلف أكيد.