[الفنانة البلجكية انجريد ستناير في معرضها محاطة بعدد من الزوار والمسؤولين المحليين] شفشاون "مغارب كم": بوشعيب الضبار لم تكن الفنانة البلجيكية "انجريد ستاينر" ، تدرك وهي تطأ قدميها،لأول مرة، ساحة "وطاء الحمام"، بششفشاون، في زيارة سياحية لها، أنها سوف تسقط أسيرة عشق وافتنان بهذه المدينة الهادئة، المزروعة بين السماء والأرض والغابة والجبل. ولأنها تمتهن التصوير الفوتوغرافي، في جانبه الإبداعي، فإن أول شيء بادرت إلى القيام به، بعد أن طاب لها المقام،هو رصد مختلف مناحي الحياة بكل تفاصيلها بعدستها، والانغماس" وسط السكان الطيبين المفعمين بالحرارة والطيبوبة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال"، حسب تصريحها لموقع "مغارب كم". وكانت نتيجة تجوالها بين الأزقة التي يلفها السكون، ويسكن الجمال جنباتها، أن اجتمع لديها رصيد هائل من الصور، الملتقطة بعين ذكية، تعرف كيف تختار الزوايا، وتزاوج بين الضوء والظل، وهما يتبادلان الأدوار. " لقد أعجبت في شفشاون بالإنسان والمكان معا، وعقدت معهما علاقة لن تنقطع أبدا،" تقول الفنانة البلجيكية" ستناينر"، في لحظة بوح ، وهي تتابع بعينيها عشرات الزوار المتوافدين على معرضها المقام حاليا، بقاعة " السيدة الحرة" داخل " القصبة" الأثرية، تحت إشراف مندوبية وزارة الثقافة، وبتعاون مع المجلس البلدي. في البداية وجدت " ستناير" صعوبة في اختيار اللوحات الفوتوغرافية لعرضها، والتي تراها مناسبة لتجسيد رؤيتها الفنية للمدينة،نظرا لكثرتها، وفي الأخير، استقر رأيها على ثلاثين لوحة هي التي تعرض حاليا. ورغم أن تكوينها العلمي اقتصادي، كما قالت للموقع، فإن ميولاتها واهتماماتها فنية مائة في المائة،منذ الصبا، وتحكي أن أهلها رفضوا في البداية ممارستها للتصوير، قبل أن ينصاعوا في الأخير لرغبتها في اقتناص اللحظات الهاربة بعدستها. وهي مهووسة جدا بالرحلات، وقد قادها هذا الهوس إلى زيارة أماكن ومعالم مشهورة في العالم،مثل الهند وغيرها، "لكن شفشاون، بشمسها، وناسها، وسحرها، وجدرانها المصبوغة باللون الأزرق، لها وقع خاص في قلبي، لقد التقيت هنا بحضارة أخرى، وثقافة أخرى، وأستطيع أن أقول إنني حققت حلم حياتي كفنانة في هذا المعرض." وتتطلع "ستناير" إلى عرض صورها عن شفشاون في مدن مغربية اخرى،مثل مراكش وطنجة والرباط والدار البيضاء وغيرها،لبسط تجربتها الفنية على أوسع نطاق ممكن. وقالت نزيهة البشير العلمي، رئيسة جمعية " فضاءات تشكيلية"، في تقديمها لهذه المبدعة البلجيكية،إنها " منبهرة بسحر المكان، وأبت إلا أن توثق مااقتنصته عدستها من ملاحم ضوئية، يزخر بها هذا الفردوس الجبلي الرائع كعربون لروعة ماخالج مخيلتها من أحاسيس ورؤى تعانقت فيها الأصالة التاريخية بالثراء الإيكولوجي الصارخ." أما عبد الجواد الخنيفي ، الشاعر والإعلامي، الذي قال للموقع إن هناك مشروع كتاب مشترك مع الفنانة "ستناير"،انطلاقا من معرضها، فيرى أن" خلف كل صورة دهشة ، هناك تاريخ وبشر وروافد ثقافية وحضارية مشتعلة بالضوء والظل." ووصف الخنيفي الفنانة إنجريد ستاينر، من خلال كلمة مكتوبة، بأنها" لسيت مجرد عابرة للمكان لتجلياته ومظاهره ومفرداته فقط ، بل هي باحثة عن الأصوات البعيدة فيه: عتمة بيت تنطق زرقة ، وجه صبي فسيح يرمي خطى طفولته في الحي ، عبور شيخ وقور في بياضه ، غروب دالية في المساء الخجول، ونساء يجمعن الغيم من سقوف الأزقة وغيرِها كثير..." وخلص الخنيفي إلى القول، "إن المكان هاهنا، عند "ستناير" سر مكشوف تواصل حياكته بنظرتها الخاصة وتحاكي تفاصيل بوحه ومجرى أيامه ، محولة حقل الاشتغال الفوتوغرافي إلى ورشة مُشرعة على المشاهد البصرية الفاتنة والعذبة. هي القادمة من ضفة أخرى عدسة ماطرة ، تؤسس حضورها على ضفة المتوسط ، وهي ضفة تجمع بين سحر التأمل وطرائق الإبداع والمميزات الفنية والجمالية ، تتجاوز العلائق العابرة لتمسي واحدة من هذا الكل المتجانس. أليست هي القائلة: " شفشاون مدينة ساحرة المذاق تمنحك تواصلا مع عوالمها .. مثلما تمنحك تواصلا مع الناس دون مقدمات..."؟ *تعليق الصورة: الفنانة البلجكية انجريد ستناير في معرضها محاطة بعدد من الزوار والمسؤولين المحليين [Share this]