خصصت غرفة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء، أول أمس الإثنين، جلسة محاكمة المتهمين أل 54 في ملف « أحداث الحسيمة»، للاستماع إلى مرافعات دفاع الصحافي حميد المهداوي مدير موقع « بديل « المتوقف عن الصدور، المتابع بدوره في حالة اعتقال، بتهمة «عدم التبليغ عن جناية المس بسلامة أمن الدولة «، عقب مكالمة هاتفية جمعته بأحد النشطاء المتواجدين بأوروبا، هدد من خلالها بإدخال أسلحة إلى المغرب. و اعتبر الحامي عبد العزيز النويضي، في مرافعته، أن موكله المهداوي حشر في هذا الملف الذي غابت عنه عناصر مادية ومعنوية تثبت هذه التهم المنسوبة إليه، وأن متابعته بالأساس هو غياب الحكامة الأمنية. وأضاف المحامي النويضي، حين كان يروي للمحكمة تفاصيل علاقته بموكله أن هذا الملف قد يعيد السيناريو نفسه المتعلق بالصحراء. وفي هذا الصدد، قال دفاع المهداوي: «نحن أمام تحديات كبيرة، هناك مشكلة في الجنوب، ونحن نتصارع من أجل مغربية الصحراء، فهل نريد أن نفتح جرحا آخر في الشمال؟ هل نريد أن نعاقب أناسا أبرياء؟». من جهته، أكد محمد الهيني، في مرافعته، أن المحكمة بفحصها للمكالمات لن تجد أي أثر لأي خطط أو أفعال وإنما فقط مجرد أقوال ضاربة المبالغة والافتراض والتناقض لا يمكن الوثوق بها من لدن أي شخص مميز فأحرى راشد وأضاف الهيني، في مرافعته، أن أي شخص في مستوى المهداوي، ثقافة ومهنة، لن يقوم إلا بما قام به من تجاهل لتصريحات وأقوال البوعزاتي وعدم إعطائها أي اعتبار أو قيمة قانونية؛ لأنها عبارة عن خرافات وأوهام مليئة بالتناقض والازدواجية في الشخصية وصادرة عن أحمق لا يعي ما يقوله. وأكد أن الدولة لم تقدم مطالبها المدنية ضد الصحفي حميد المهدوي مما يعني صراحة أنها لم تتضرر من الجريمة المتابع بها، لأنها غير ثابتة من الأصل مما يتعين معه اعتبار هذا الأساس في انتفاء القصد الجنائي والتصريح تبعا لذلك ببراءة المتهم. وقال أيضا موجها كلامه لرئيس الهيئة القضائية، إن المهداوي «صحفي وطني ..، مؤمن بدولة الحق والقانون وباستقلال القضاء وبحيادتكم ونزاهتكم واستقلاليتكم، متشبع بثقافة حقوق الانسان ومخلصا لرسالته الإعلامية والصحفية مما جعله صحفيا مشهورا ورائدا بحكم الإضافة التي جعلت منه أحد الصحفيين المقتدرين في إطار صحافة القرب بالمغرب، حيث حاز على عدة جوائز وطنية ودولية آخرها جائزة منظمة العفو الدولية» واعتبر الهيني أن مرافعة النيابة العامة تبرئ المهداوي، وتؤكد انعدام القصد الجنائي، وقال «ستبقى جلسة 30 مارس 2018 خالدة في ذهن المؤازر مدى الحياة، حيث قام السيد الوكيل العام للملك وصرح علنيا بأن المشبوه نور الدين مجرد متعاطف متهور، بعدما ظل يقدمه في مرافعاته بأنه شخصية حقيقية تنتمي لحركة انفصالية، وله مزاعم إجرامية حقيقية، فما الذي تغير حتى أصبح مجرد متعاطف متهور، هل اقتنع السيد الوكيل العام للملك بتصريح المؤازر أمام مجلسكم الموقر، بدليل أنه حينما سألتموه هل من سؤال للمتهم أجابكم ولا سؤال». وتساءل الهيني « كيف يقول السيد الوكيل العام بأنه مجرد متعاطف متهور؟»، وأردف قائلا، «السيد قاضي التحقيق يقول أنه ينتمي لحركة 18 سبتمبر؟، فمن نصدق قرار الإحالة الصادر باسم جلالة الملك، أم التصريحات الصادرة عن السيد الوكيل العام باسم جلالة الملك؟ّ» وحسب الهيني، فمرافعة الوكيل العام للملك الأخيرة التي أضاف فيها أن المهداوي، «حسن النية وأنه خانه حدسه، ولم يحسن التقدير وأنه لا شك في مواقفه الوطنية وغيرته، وهي كلها مفردات تفيد بالقطع انعدام القصد الجنائي، وحيث يتعين تبعا لذلك التصريح بعدم مؤاخذة المؤازر والحكم ببراءته». بدوره، ختم النقيب محمد زيان مرافعته وهو يخاطب القاضي علي الطرشي: «أحسدكم على مكانتكم هاته التي سوف تناولون بها الجنة في حالة حكمكم ببراءة المهداوي». هذا، وتحولت الجلسة الأخيرة، في محاكمة الصحافي المهداوي، إلى قبلة لعدد من الحقوقيين والفاعلين المدنيين والشخصيات البارزة، حيث توافد لمواكبة أطوار محاكمة المهداوي كل من أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ثم عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وعبد الحميد الحداد وقاسم البسيط، عضوي "حركة أمل"، ثم حبيبة الديواني، عضوة جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب أحمد المرزوقي، المعتقل السابق في سجن تزمامارت. وقررت المحكمة، بعد ذلك، تأجيل الملف إلى يوم الخميس المقبل، بعد فصله عن ملف باقي المتهمين المتابعين في « أحداث الحسيمة».