بعد تعرضها لانتقادات حادة بسبب تراخيها وتأخرها في دعم ثورة الياسمين التونسية أظهرت الحكومة الفرنسية أول أمس الاثنين شعورا بالذنب مع اعترافها بأنها لم تقدر جيدا غضب التونسيين على نظام زين العابدين بن علي «الدكتاتوري». وقال وزير الدفاع ألان جوبيه «لا شك في أننا أسأنا تقدير مدى غضب الرأي العام على نظام بوليسي ودكتاتوري». وقد حملت المعارضة اليسارية بكل تياراتها بشدة على سياسة عدم التدخل والحذر التي اتبعتها باريس حيال الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منذ بداية الثورة الاجتماعية. ووجهت المعارضة سهامها خاصة إلى وزيرة الخارجية ميشال آليو ماري التي آخذت عليها تصريحاتها المثيرة للجدل في الجمعية الوطنية في 11 كانون الثاني/يناير الحالي عندما عرضت على تونس «الخبرة» الفرنسية للمحافظة على النظام والتعامل مع التظاهرات. وأوضحت الوزيرة أنها أرادت الإسهام في وضع حد للقمع. وقالت لصحيفة «لو جورنال دو ديمانش» «كان هناك إطلاق نار بالرصاص الحي وهناك قتلى. ولعدم تكرار مثل هذه الأوضاع مستقبلا قلت إننا على استعداد للمساعدة في تدريب قوات الأمن التونسية, كما نفعل مع دول أخرى, على الحفاظ على الأمن مع الحرص على حماية الأرواح». ووصفت المرشحة الاشتراكية السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين روايال هذه التصريحات ب»المشينة». وزاد رئيس الوزراء الأسبق لوران فابيوس على ذلك بأن وصفها بأنها «خطأ جسيم», متهما الوزيرة بأنها «تفتقد للإحساس». وقال الوزير السابق بيار موسكوفيسي «أشعر بالخجل من دبلوماسيتنا». واعتبرت سيسيل دوفلو زعيمة حزب الخضر أن على آليو ماري «الاعتذار للتونسيين». وحتى في صفوف الأغلبية تنصل الوسطي هيرفيه موران من تصريحات وزيرة الخارجية. في المقابل عمد بعض الخبراء السياسيين إلى التقليل من شان خطا الدبلوماسية الفرنسية. فمن الاشتراكي فرنسوا ميتران إلى نيكولا ساركوزي كانت فرنسا دائما داعمة لبن علي باعتباره «حصنا» ضد التطرف الإسلامي. واعتبر فيليب مورو دوفارجيس الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن هناك «مبالغة» في الانتقادات حتى وإن كان عرض آليو ماري ينطوي على «رعونة». وقال «عندما تكون حكومة صديقة رغم كل شيء في أزمة ما فإننا لا نطلق النار على سيارة إسعاف. كان يمكن أن تكون الحكومة الفرنسية أكثر فطنة لكنني لن أدين حذرها». واعتبر رئيس الوزراء السابق فيليب دو فيلبان أن «الدرس المستخلص, هو أولا انه يجب أن لا تعمينا مخاوفنا, وخاصة الخوف من العدوى الإسلامية». وفي البداية تاخر القادة الفرنسيون في ادانة استخدام القوة ضد المتظاهرين. والمرة الاولى التي اعرب فيها الرئيس نيكولا ساركوزي عن دعم فرنسا للانتفاضة التونسية كانت بعد سقوط بن علي. ومع إبداء هذا الدعم للحركة الشعبية نددت وزارة الخارجية أول أمس الاثنين ب»العصابات الإجرامية» التي تسعى إلى عرقلة العملية الانتقالية في تونس. كما رفضت فرنسا استقبال بن علي ووعدت بتعقب أرصدته المالية في فرنسا وكذلك أرصدة أسرته. وبرر هنري غينو المستشار الخاص للرئيس «أن تكون هناك هفوات أو عدم فهم فهذا في النهاية أمر ممكن» لكن «تخيلوا أن تتدخل فرنسا في شؤون بلد كان محمية فرنسية سابقة ماذا كان سيقال?». واعتبر أن ميشال آليو ماري تحدثت «بدون سؤ نية على الإطلاق استنادا إلى تحليلها» للوضع. وبشأن ما إذا كانت ستقدم اعتذارا قال «عليكم أن تطرحوا عليها السؤال».