قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، الجمعة الماضي، في إطار فعاليات الدورة 24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب للدار البيضاء، إن المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وأضافت في تدخل لها خلال ندوة نظمت برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، داخل المعرض، تحت عنوان "العدالة الجنائية الدولية: التطورات والتحديات"، أن المحكمة الجنائية تعمل على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، وأنها لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو في حالة كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، مشيرة في هذا الصدد، أن المحكمة الجنائية، تمثل بذلك المآل الأخير. واعتبرت أن المسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ، واصفة المحكمة الجنائية الدولية بكونها أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. وأوضحت المدعية العامة، أن المحكمة الجنائية الدولية تكون ملزمة من ناحية أخرى، بالتدخل في حال قرر مجلس الأمن الدولي إحالة بعض القضايا الدولية عليها، وذلك اعتبارا لدور مجلس الأمن في إحلال السلام والعدالة الدوليين، مشيرة في هذا الصدد إلى بعض الأمثلة مثل دارفور سنة 2005 وليبيا. وشددت المدعية العامة أيضا على أن العديد من الدول غير العضوة بميثاق روما طلبت تدخل المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في بعض قضاياها الداخلية، كأوكرانيا ولقت استجابة من طرف المحكمة. وبخصوص حضورها في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب للدار البيضاء، أعربت فاتو بنسودا عن سعادتها بالمشاركة في هذه التظاهرة، والتي شكلت فرصة للإجابة عن جملة من التساؤلات والانتقادات التي توجه للمحكمة ك"كونها مستعدة للتدخل في بعض الدول الافريقية فقط" و"عدم قدرتها على مواجهة ملفات كبرى لبعض القوى العالمية الوازنة وجرائمها في بعض الدول"، مبرزة أن مجال اختصاص المحكمة محصور في النقطتين السالفتين الذكر. وفي ردها على أسئلة الحاضرين، قالت فاتو بنسودا، أنه في حال قيام دولة ما بالتحقيق في جريمة ما تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية، ففي هذه الحالة " لا نتدخل ونكتفي بالمراقبة والرصد، ولا نذهب إلى أي مكان لنعرض فيه اختصاصاتنا" مضيفة أن المحكمة لها استقلاليتها وقراراتها تتحذ بكل موضوعية بعيدا عن التأثيرات السياسية. من جهته أبرز محمد عياط المستشار الخاص للمدعية العامة لمحكمة الجنائية الدولية المكلف بالتعاون مع المغرب الكبير والشرق الأوسط، أنه كان للمحكمة الجنائية الفضل في إثارة بعض الملفات الدولية الشائكة التي ظلت طي النسيان في بعض الدول، مشيدا بالتطور الذي شهدته المحكمة في التعامل مع القضايا الكبرى والصعبة ومكافحة التناقضات العالمية. كما أشاد بالتقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان وجبر الضرر، والتعبير عن الانتهاكات كرواندا نموذجا، معربا عن أمله في أن تصادق جميع الدول على ميثاق روما من أجل تحقيق "عالمية حقوق الإنسان". أما سعيد بنعربية رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف، فقد قدم من جانبه قراءة قانونية في ميثاق روما الذي ينص على أن الدولة هي المسؤولة الأولى عن متابعة المشاركين في جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب، ليتم بعد ذلك نقل الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية حسب مبدأ التكامل، مضيفا أن الميثاق ذاته ينص أيضا على تدخل المحكمة الجنائية الدولية حسب مبدأ الرغبة والقدرة وذلك في حال تعذر ضمان الدولة لمحاكمة عادلة. وأعرب بنعربية، بهذه المناسبة، عن الأسف لانسحاب بعض الدول من ميثاق روما، وكذا اتهام بعض الدول الأخرى للمحكمة بتسييس القضايا، بالإضافة إلى عدم توفر المحكمة على شرطة وأجهزة تنفيذية خاصة بها ما جعل بعض الدول تتغاضى عن توقيف بعض الأشخاص، الذين أصدرت المحكمة في حقهم قرارا بالتوقيف.