قال البروفيسور مهدي قرقوري، الرئيس الجديد المنتخب لجمعية محاربة السيدا، إن المؤتمر الوطني الثاني عشر للجمعية، الذي عقد الأسبوع الماضي بالرباط، كان مناسبة لتقييم 30 سنة من النضال في مجال مكافحة داء السيدا بالمغرب، وأيضا لاستشراف 30 سنة أخرى من العمل في إطار انخراط جمعية محاربة السيدا في المجهود العالمي لتحقيق هدف القضاء على الداء نهائيا بحلول سنة 2030. وانتخب المجلس الوطني ل»جمعية محاربة السيدا»، نهاية الأسبوع الماضي، البروفيسور مهدي قرقوري، بالإجماع رئيسا للجمعية، خلفا للبروفسور حكيمة حميش التي أسست الجمعية وظلت رئيسة لها لثلاثة عقود. وقررت حميش عدم الاستمرار في مهامها كرئيسة للجمعية لكن المجلس الوطني قرر اعتماد عضويتها بصفة دائمة في المكتب الوطني بصفتها رئيسة مؤسسة للجمعية. حكيمة حميش، بشخصيتها القوية ونضالها المستميت من أجل الدفاع عن حق المتعايشين مع مرض السيدا في العلاج المجان، طبعت 30 سنة من نضال الجمعية منذ تأسيسها في 1988 في وقت كان مجرد الحديث عن الداء يعتبر من الطابوهات ويثير الرعب في نفوس الكثيرين. وبالإضافة إلى حكيمة حميش أصبح المكتب الوطني الجديد يتكون من كل من البروفيسور مهدي قرقوري رئيسا، والبروفيسور كمال مرحوم الفيلالي كاتبا عاما، ومحسن عيوش أمينا للمال. ويعد مهدي قرقوري أيضا من المناضلين المعروفين في الجمعية، بحيث انخرط منذ حوالي عقدين كمتطوع شاب في عمل الجمعية، قبل أن يصبح عضوا في مكتبها الوطني تم ينتخب نائبا للرئيسة منذ سنة 2013. وركز نضاله طويلا على البحث والتكوين في مجال مكافحة السيدا، ومحاربة الوصم والتمييز بحق مختلف فئات المصابين، فضلا عن مساهمته في جهود الجمعية في محاصرة المرض من خلال توسيع نطاق تحاليل الكشف. ويعد قرقوري خبيرا معتمدا في المجال لدى منظمة الصحة العالمية وكذا لدى برنامج الأممالمتحدة لمكافحة السيدا (أونيسيدا) والاتحاد الأوربي. واعتبر القرقوري في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم يوم أمس، أن رفع تحدي القضاء نهائيا على الداء ما يزال يستلزم الكثير من العمل، لأنه على الرغم من أن البحث العلمي أضحى يوفر الأدوات اللازمة لمحاصرة الداء من خلال ضمان العلاج للمرضى بصفة تحد من انتقال العدوى منهم إلى أشخاص آخرين، فإن ذلك يشترط أن يكون 90 بالمائة من المصابين يعرفون إصابتهم وبالتالي ينخرطون في عملية العلاج، لكن الواقع، يقول قرقوري، أن المغرب مازال حاليا في حدود معرفة 60 بالمائة فقط من المصابين بحالتهم، وهو رقم مهم ولكنه ما يزال بعيدا عن نسبة 90 بالمائة التي يحددها الهدف العالمي للقضاء على السيدا بصفة نهائية. وتحدث قرقوري لبيان اليوم عن تصوره لتعزيز هذا المجهود في المرحلة المقبلة، وذلك من خلال المزيد من العمل على تقريب تحليلة الكشف عن السيدا للمواطنين في مختلف المناطق ومن مختلف الفئات، مشيرا في هذا الصدد إلى تجربة ناجحة خاضتها الجمعية بشراكة مع الوزارة الوصية من أجل تقوية دور الفاعلين الجمعويين في توسيع إمكانية الولوج إلى التحليلة. كما أكد على أهمية توفير تحليلة الفحص الذاتي (auto-test) التي مازالت الجمعية ترافع لدى الوزارة من أجل الترخيص لها في المغرب، علما أنها معمول بها في العديد من دول العالم ودول أفريقيا. الرئيس الجديد لجمعية محاربة السيدا أثار أيضا تحديا آخر مهما يواجهه الفاعلون في مجال مكافحة السيدا، وهو المتعلق بجانب تمويل مكافحة السيدا الذي يمكن من تغطية تكاليف الكشف وضمان الولوج إلى العلاج، مشيرا إلى المشاكل التي يعرفها على هذا المستوى الصندوق العالمي لمكافحة داء السيدا والسل والملاريا، وهي المشاكل التي أصبحت تهدد العديد من الدول بما فيها المغرب بنقص نسبة التمويل. وإذا كانت الجمعية قد حاولت منذ مدة مواجهة هذا الانشغال من خلال تنظيم تظاهرة «سيداكسيون» كل سنتين من أجل المساهمة في دعم التمويل، إلا أن الوضع الحالي، يقول قرقوري، أصبح يفرض أهمية البحث عن طرق أخرى لتوفير الموارد المالية الضرورية من أجل بلوغ هدف القضاء نهائيا على داء السيدا. ويسجل المغرب 22 ألف إصابة بداء السيدا حسب آخر الإحصائيات (2016)، بوتيرة 100 حالة جديدة كل سنة. ويستفيد من عمل جمعية محاربة السيدا حوالي 103 آلاف شخص، وتضم في صفوفها 500 متطوع ومتطوعة موزعين على 19 فرعا عبر ربوع البلاد. كما توفر الجمعية 24 مركزا للتحسيس والكشف المجاني والسري عن الداء، و5 وحدات متنقلة لتقريب التحليلة من المواطنين. يذكر أن المؤتمر الوطني لجمعية محاربة السيدا عرف حضور العديد من الشخصيات على رأسهم ميشيل سيديبي، المدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة لمكافحة السيدا، وإدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والبروفسور المعروفي مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة، إضافة إلى فاعلين وطنيين ودوليين آخرين.