تاريخ غني ذاك الذي تتميز به مدينة سلا المغربية، لكنه ظل لفترات متفرقا ومراجعه نادرةوتختلف بين وثائق وكتب كل منها يختص في مجال معين، قبل أن تبادر AXIONS للنشر والتواصل لجمع عدد من المعطيات التاريخية وروائع مدينة سلا في مختلف المجالات وتضعها في كتاب واحد بالفرنسية اختارتله اسم "سلا:روائع ووعود" (Salé splendeurs et promesses). الكتاب الذي طبع في حلة أنيقة وجميلة وشارك في تأليفه ما يقارب 20 كاتبا ومفكرا وباحثا ومهتما بالتراث يرصد مدينة سلا انطلاقا من 10 زوايا أساسية، أول زاوية كانت حول المدينة العتيقة، فيما يرصد في الزاوية الثانية الجانب التعبدي للمدينة ثم الجانب التاريخي المرتبط بالمقاومة وتحصين المدينة كزاوية ثالثة، فيما الرابعة تمحورت حول سلا باعتبارها مدينة للأدب والكتاب والشعراء، بالإضافة إلى الجانب الخامس المتعلق بسلا "الحضارية" وفي زاوية سادسة أوجه الحداثة والتقدم بالمدينة، ثم الفن والإبداع سابعا، وبعده الرياضة والطبيعة والسياحة، وقبل أن يختتمالكتاب بالحديثعن مستقبل سلا كجانب أساسي، اختار أيضا تسليط الضوء على الجانب المخصص للصناعة والخدمات والتكوينات بذات المدينة التي تعد من المدن العريقة التي تميز التاريخ المغربي. ويطرح الكتاب، الذي يستعرض مدينة سلا بروعتها وديناميتها وتغييراتها وتحولاتها، في الجزء الأول منه روعة المدينة العتيقة بأبوابها وأسوارها وعبيق دروبها وأزقتها، والتي شهدت تحولات كبيرة منذ منتصف القرن الثالث عشر (منذ 1250) بعد تعاقب عدد من الملوك والحكام والقياد عليها، كما يبرز الكتاب المعمار التاريخي للمدينة ك "باب المريسة"، "برج الملاح"، "باب سبتة"، "باب الخميس" ومباني أخرى لا زالت شاهدة إلى اليوم على جزء من تاريخ الدولة المغربية بصفة عامة وعلى تاريخ سلا بصفة خاصة. إلى ذلك أيضا تميزت سلا بالجانب التعبدي والطقوس الدينية بالمنطقة، حيث يقدم الكتاب في جزء ثانٍ الارتباط الوجداني لساكنة سلا بالديانات عبر التاريخ سواء الديانة الإسلامية والديانة اليهودية التي تركت آثارا تاريخيا على المدينة، سواء من حيث بنيتها أو الطقوس التي ما يزال الساكنة تحييها بشكل سنوي، وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض من الأولياء والفقهاء والمجاهدين الذين شيِّدَت لهم أضرحة ومعابد بالمدينة ومنهم كما ذكر الكتاب "عمر بن غيات"، "سيدي مغيت" والذين قدموا من الأندلس ك "سيدي أحمد بن عشير"، "سيدي أحمد حاجي"، ومن تركيا " سيدي التركي"، فضلا عن مناطق أخرى من المغرب ك "سيدي عبد الله بن حسون"، سيدي موسى الدكالي" فضلا عن نساء أيضا شكلن قوة دينية بالمدينة ك "صليحة"، فضلا عن أن الكتاب يقدم في الجانب التعبدي أهم المباني الدينية كالمساجد التي تميز المدينة عبر التاريخ وتستقطب المسلمين بالمدينة بالإضافة إلى المكون المعبد اليهودي الذي ميز الساكنة اليهودية بالمنطقة، كما أن هذا التنوع يكشف مدى التعايش والتنوع الذي احتضنته مدينة سلا تاريخيا بين المسلمين واليهود. الكتاب الذي أشرف عليه كل من سعد الحصيني مدير AXIONS للنشر والتواصل والأستاذ محمد لطفي المريني يسلط الضوءفي الزاوية الثالثة علىالمقاومة بالمدينة التي حصنتها طيلة قرون من الغزوات الخارجية فضلا عن أهم المعارك وتاريخ المواجهات بين الساكنة والغزاة القادمين من أوروبا ومناطق أخرى. كما يقدم بعدها دور الدبلوماسية المغربية التي ارتكزت في سلا وكذا العائلات التي ساهمت في هذا المجال، والتي أفرزت شخصيات قوية في مجالات الفكر والأدب والسياسية كمحمد زنيبر (1923 – 1993)، محمد حاجي (1923 – 2003)، سعيد حاجي (1912 – 1942)، بالإضافة إلى شخصيات أخرى من طينة أحمد بن خالد الناصري محمد بن عبد الرحمن المريني، عبد الله شقرون. هذا ويقدم الكتاب في باقي زواياه العشرة نبذة عن التاريخ الفني والموسيقى الذي يكشف للقارئ أصالة مدينة سلا وروعتها وأهم المجالات التي ساهمت فيها سلا، حيث بصمت هذه المدينة في جل القطاعات المهمة بالدولة المغربية بما في ذلك مجال الموسيقى والطرب وصنعت أسماء ذاع صيتها في الأغنية المغربيةكالفنان الراحل حسين السلاوي، صلاح شيركي، أحمد الصياد. ويضاف إلى ذلك أندية السينما وأصحاب المعارض والمصورين والرسامين وصناع الأفلام والكتاب وحاملي البلاغة. إذ يعرض الكتاب الأماكن الرمزية للمدينة مثل المتحف دار بلغازي، والحدائق العجيبةب"سيدي بوقنادل" "معمورة" و"بورقراق". من جهة أخرى يمكن أن نقول إن هذا الكتاب يفتح جزءا من الذاكرة الجماعية لشخصيات صنعت مدينة سلا وجعلتها أيقونة للفن والطرب والعلم والتراث، فالكتاب يقدم التطورات التي عرفتها مدينة سلا منذ قرون عديدة إلى اليوم كما يعد ذاكرة حية لوقائع كثيرة، فهو يسلط الضوء على الذاكرة اليهودية ويذكر بالمواسم والأعياد التي ميزت سلا كموكب الشموع على سبيل المثال لا الحصر، بالإضافة إلى رصد التاب للأماكن المقدسة عند "السلاويين" سواء المسلمين منهم، أو اليهود الذي هاجروا على مر السنوات من المغرب. ويقدم الكتاب أيضا الجزء الحضري لمدينة سلا، بدءا من الحرفية والخزف وفن "الزليج" إلى تشييد المنازل الفخمة والحياة المجتمعية والرياضة والصناعة والسياحة التي ميزت سلا على مر السنين. ويختم الكتاب الذي يقع في 200 صفحة بالحديث عن مستقبل سلا والتطورات المرتقبة بالمدينة، بحيث يقدم أهم المشاريع التي ستقام بالمدينة بالإضافة إلى التصور المستقبلي والحضري الذي ستكون عليه المدينة. جدير بالذكر أن هذا الكتاب ساهم في تأليفه كل من الأساتذة والمفكرين والكتاب: فاطمة آيت امحند، إسماعيل العلوي، حنا عربون، أحمد عيدون، جامع بيضا، هجر بنزهة، عبد الله شقرون، نجوى الحسوني، سعد الحصيني، سفيان الحصيني، بدر الدين الإدريسي، محمد الكرومبي، رشيدة لكحل، عز المغرب معنينو، ليلى مزيان، محمد لطفي مريني، نبيلة الرحموني، سعيد سيحيدة، فؤاد صويبة، المكي الزواوي. فيما صور الكتاب عادت لكل من تيدي سيكان، عبد اللطيف السيباري. والمدير الفني: سيسيل شاتلين. المدير التقني: كمال الحصيني. التدقيق: إيزابيل مارين، فاطمة آيت امحند، مدير النشر: سعد الحصيني، محمد لطفي مريني.