تقيم أحزاب الكتلة الديمقراطية الثلاثة (التقدم والاشتراكية، الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال) اليوم في الرباط مهرجانا خطابيا تخليدا للذكرى السابعة والستين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال (11يناير 1944)، وهي المبادرة السياسية التي لا تكتفي باستحضار الدلالة الوطنية والتاريخية وإعادة إبراز معانيها وسياقاتها، إنما هي خطوة لها معنى الراهنية. إن تجمع أحزاب الكتلة، الذي سينظم بالمكتبة الوطنية وسط العاصمة، يعني إرادة القوى الديمقراطية للعمل المشترك، واللقاء اليوم حول ذكرى الوطن، وبحضور المواطنين، هو بمثابة أداء القسم وإعلان الالتزام بالسعي إلى تقوية التفاف أحزاب الحركة الوطنية والتقدمية حول الوطن وحول قضاياه الرئيسية. وإن سياق إقامة التجمع، يجعل المناسبة أيضا ذات راهنية، وذلك بحجم حاجتنا اليوم إلى الحماسة الوطنية وسط شعبنا وشبابنا، وإلى تمتين الغيرة على البلاد وعلى وحدتها الترابية واستقرارها وأمنها، وإلى إعادة أوسع فئات شعبنا إلى قضايا الوطن وإلى الانخراط والفعل في الديناميات النضالية والسياسية من أجل إنجاح الإصلاحات الديمقراطية والبرامج التنموية. الاحتفاء بالتواريخ البارزة في المسار الكفاحي لشعبنا، له حقا بعد التحية لصانعيها، ولكن له أيضا دلالة الانطلاق من رمزياتها لبلورة مهمات المرحلة الآنية وشعاراتها ومطالبها.. واليوم عندما تلتف عديد عبثيات حول حقلنا السياسي، ويبتعد الكثيرون، وتصير ساحة السياسة عندنا خالية إلا من...الميوعة، من واجب القوى الديمقراطية أن تنتفض على ذاتها، وتتحرك لحماية ... الوطن. في العام الذي يسبق الانتخابات التشريعية، من حق هذا الوطن الجميل على هيئاته السياسية الآتية من عمق التاريخ، أن يطالبها بالدفاع عنه، وأن تصنع الرؤية والطريق. مغرب اللحظة الراهنة يتطلع إلى جيل جديد من الإصلاحات، ويتطلع إلى تأهيل حقيقي لفضائه السياسي والحزبي والانتخابي والمؤسساتي، ويتطلع إلى دينامية اقتصادية وتنموية قادرة على تلبية المطالب الاجتماعية لأوسع فئات شعبنا...، وهذه التطلعات الوطنية والشعبية لا يمكن أن تقودها إلا قوى جادة لها رصيدها الوطني التاريخي ومصداقيتها. مغرب هذا العام أمامه مهمات وطنية ذات أهمية كبيرة تتعلق بقضيتنا الوطنية، وبضرورة تعزيز الاصطفاف الوطني للدفاع عنها، وهنا أيضا الحاجة واضحة إلى أحزاب حقيقية... الكتلة في الرباط هذا المساء للاحتفاء بالوطن... الكتلة تعلن الإشارة من وسط عنفوان الحركة الوطنية ومن رمزية الذكرى، والمعنى يتأسس في الامتداد، وفي الحاضر وحول شعارات وقضايا المرحلة الحالية. الإشارات والرمزيات واردة في السياسة، ولقاء الكتلة اليوم إشارة ، لكن مصداقية السياسة أن يكون للإشارات معناها ومابعدها.