الصناديق العمومية تهدد نظام التأمين الإجباري على المرض بالفشل لم ينجح مدير الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري على المرض، في إعادة أطراف نظام التأمين الصحي إلى مائدة المفاوضات لإيجاد حل لمشكل التعريفة المرجعية للعلاج والأدوية المعتمدة في التعويض عن ملفات المرض. غير أن الجديد جاء هذه المرة من جانب هيئتي تدبير هذا النظام، إذ إن الغائب عن الاجتماع الذي دعت إليه الوكالة الخميس الماضي، لم يكن ممثلو نقابات الأطباء، الذين سبق أن قاطعوا الاجتماعات السابقة، بل ممثلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. وفي الوقت الذي كررت فيه عدد من النقابات الممثلة لفئات الأطباء كنقابة الطب العام ونقابة الأطباء الاختصاصيين، إعلان خروجها من نظام التأمين الإجباري على المرض، ومقاطعة نقابات أخرى كتنسيقية هيئات أطباء القطاع الخاص والعام، للاجتماعات السابقة، يتلقى هذا النظام ضربة أخرى من جانب الهيئتين المدبرتين له، مما سيعمق من أزمته التي لازمته منذ انطلاق العمل به في مارس 2006، خاصة في الجانب المتعلق بإيجاد صيغة مقبولة من قبل جميع الأطراف المتدخلة في هذا النظام لمشكل التعريفة المرجعية للعلاجات وللأدوية المعتمدة كأساس للتعويض. وبحسب محمد الناصري بناني، رئيس تنسيقية هيئات أطباء القطاع الخاص، فإن مآل هذه المفاوضات «ماهي إلا نتيجة للعبث الذي تقوم به الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري على المرض»، التي يتهمها في تصريح أدلى به لبيان اليوم، «بالتزوير بل أيضا بتغليط أطراف في نظام التغطية الصحية ومنهم الأطباء الذين دخلوا بصفة غير قانونية لهذا النظام فقرروا الخروج منه قبل أن يبدؤوا اليوم في التراجع عن هذا الموقف». وأضاف بناني أن مقاطعة الهيئتين المدبرتين للتأمين الإجباري على المرض لاجتماع الخميس الماضي، لم يكن سوى «نتيجة لما شعرت به هاته الهيئتان من سيادة الفوضى والعبث عقب توصلهما برسائل عديدة من الأطباء الذين وقع تغليطهم من قبل الوكالة»، وقال «إن الحكومة مطالبة بوقف هذا العبث بالعمل على عودة كل أطراف النظام الصحي إلى طاولة الحوار الجدي والمسؤول»، مذكرا بأن تنسيقية هيئات أطباء القطاع الحر لم تخرج من نظام التغطية الصحية الإجبارية، وإنما قاطعت الاجتماعات السابقة التي دعت إليها الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري على المرض نظرا ل»عدم قانونيتها». ويشار إلى أن فيدرالية الأطباء الاختصاصيين قررت في وقت سابق، الانسحاب من نظام التأمين الإجباري على المرض، فيما هددت النقابة الوطنية للطب العام بعدم تجديد الاتفاقية مع الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري على المرض. واعتبر مصدر من النقابة، التي تضم أطباء الطب العام، في تصريح لبيان اليوم أن «الوكالة الوطنية للتأمين الصحي أقفلت باب الحوار الذي كانت قد دشنته في فاتح يناير من السنة الماضية، دون أن يتم الاتفاق على صيغة تستجيب لمطالبنا». وأضاف قائلا: «نطالب بمواصلة الحوار في انتظار تحكيم وزيرة الصحة العمومية التي دخلت في نقاشات مع الهيئتين المدبرتين لنظام التأمين الإجباري على المرض بخصوص مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية وأمور أخرى». ويطالب أطباء الطب العام برفع التعريفة المرجعية الوطنية، التي تعتمد كأساس في التعويض عن العلاجات، من 80 درهم إلى 150 درهم بالنسبة لزيارة طبيب الطب العام، وإعادة النظر في مسألة التغطية الصحية والتقاعد للعاملين بهذا القطاع، وإيجاد صيغة جديدة لولوج المرضى للعلاج عبر إدخال مفهوم طبيب العائلة إلى النظام الصحي قصد فتح المجال أمام طبيب الطب العام ليقوم بالدور المنوط به داخل هذا النظام باعتباره إحدى الحلقات الرئيسية فيه. كما يطالبون أيضا بعدم منح الحق للصيادلة في استبدال الأدوية الموصوفة من قبل الأطباء بأخرى بديلة، في إطار إمكانية استبدال أدوية غالية الثمن بأخرى من نوع الأدوية «الجنيسة». وقد ظلت هذه المشاكل عالقة منذ انطلاق نظام التغطية الصحية الإجبارية، إذ صاحب الشروع في تطبيق هذا النظام خلاف كبير لم يحسم في الأسعار المرجعية التي على أساسها يتم احتساب التعويضات، علاوة على مشكل تعريف سلة العلاجات والأدوية القابلة للتعويض في ضوء الجدل حول الأدوية الجنيسة. وفي الوقت الذي ظل فيه طرف أساسي في نظام التأمين الإجباري على المرض، وهم الأطباء، يعتبرون أنهم وضعوا على هامش هذا النظام، هاهي هيئات تدبير هذا النظام تعبر عن عدم رضاها من الحوار الذي ترعاه الوكالة الوطنية للتأمين الإجباري على المرض، فيما اعتبر مصدر نقابي هذا الموقف «تعبيرا عن عدم استعداد هاتين الهيئتين لمواصلة التفاوض حول التعريفة المرجعية ونوعية الدواء المعتمدين في أساس التعويض وإخضاع الكل للأمر الواقع». وليست هذه هي المرة الأولى التي تعبر فيها الهيئتان المدبرتان عن هذا الموقف وإن لم يسبق لهما أن قاطعتا الاجتماع. فقد سبق لمسؤولي الهيئتين أن عبروا عن عدم استعدادهم لمواصلة تحمل مصاريف يعتبرونها «خيالية». كما سبق لإدارة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أن عرضت نتائج لدراسة اكتوارية أظهرت أن «الوقع المالي العام لاعتماد التعريفة الوطنية المرجعية الحالية يقدر ب197 مليون درهم سنة 2010 وحوالي 231 مليون درهم سنة 2014». وجدير بالذكر أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي لم يبدأ العمل بالتعريفة المرجعية الوطنية إلا ابتداء من فاتح يناير 2010، وهي 80 درهما و120 درهما على التوالي بالنسبة لاستشارة وزيارة الطبيب العام، و150 درهما و190 درهما على التوالي بالنسبة لاستشارة وزيارة الطبيب المختص، حيث يتم التعويض بنسبة 80 في المائة من هذه المبالغ.