قدم مساء السبت الماضي، بالمركب الثقافي والاجتماعي ثريا السقاط، العرض الأول لمسرحية "لفراجة" لمخرجها بوشعيب الطالعي، الذي يقدم مقاربة مسرحية لفنون الحلقة بمنظور فني أكاديمي جديد يوثق لكبار رواد هذا الفن الشعبي. وأوضح الطالعي، على هامش العرض الذي قدم في إطار الدورة العشرين لرمضانيات المعاريف، أن اختيار الحلقة، كموروث شعبي وقالب فرجوي يشكل أحد أعمدة الثقافة الشعبية والتراث اللامادي بالمغرب، يأتي في سياق المبادرات الرامية إلى إعادة إحياء فنون الحلقة، بعدما أصبحت مهددة بالاندثار بسبب غياب الوجوه الكبيرة التي شكلت أهم رموزها وروادها، وتقلص عدد ممارسيها في الساحات الشهيرة بالمغرب. وأضاف أن هذه الوضعية تجعل من الضروري الانكباب على وضع التصورات المختلفة من أجل حماية هذا الشكل الفرجوي الشعبي والمحافظة عليه، مشيرا إلى أنه بمبادرة من غيورين على التراث المغربي وأصالته، تم التفكير في هذا المشروع المسرحي لتقديم مقاربة فنية جديدة للحلقة تمزج بين المنظورين الفني والأكاديمي. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن المسرحية، التي قام بأداء أدوارها مجموعة من طلبة وخريجي شعبة الفنون الدرامية بمعاهد الجماعة الحضرية لمدينة الدارالبيضاء، تستلهم فنون الحلقة بكل مقوماتها الفنية من تشخيص وإلقاء وغناء ورقص وتقليد وسرد وتحفيز. ومن حيث الإطار العام لهذه الفرجة، أبرز مخرج العرض أنه تم اختزاله في حلقة واحدة كفضاء يجمع مختلف الأنماط المرتبطة بالحلقة كفن فرجوي، مع استحضار بعض رموزها وروادها على مستوى التشخيص ممن توفرت بعض المعطيات عنهم، وذكر آخرين بالاسم فقط لغياب المعطيات الكافية عنهم، وفق ما قام بتجميعه طاقم البحث في المادة الأدبية . ومن جانبه، اعتبر عضو فريق البحث في المادة الأدبية مولاي أحمد العادلي أن الاشتغال على الحلقة في الوقت الراهن يكتسي أهمية خاصة، لكونه يتيح ترسيخ هذا الفن كموروث ثقافي شفهي، ونمط فرجوي شكل أساس المسرح الشعبي، مشيرا إلى أن الحلقة تعدت أدوارها البعد الفرجوي، لتضطلع بمهام التوعية والتربية على القيم والثوابت الوطنية، خاصة خلال فترة الاستعمار الفرنسي . وتابع أنه بعد رحيل الكثير من روادها، ومرض آخرين، صارت فضاءاتها اليوم شبه فارغة إلا ممن بعض الاستثناءات من قبيل الحكواتيين محمد باريز وعبد الرحيم "الأزلية"، وأمال مريم المعروفة ب "السواعد" المتخصصة في أغاني الظاهرة الغيوانية، وعبد الحكيم الخبيزي المتخصص في أغاني حميد الزاهير والطقيطيقات المراكشية. وشدد، في هذا السياق، على أهمية بلورة سياسة ثقافية تشمل هذا التراث العريق بما يستحقه من عناية ورعاية، وتوفير كل السبل الكفيلة بالمحافظة عليه وضمان استمراريته وتطويره عبر الاعتناء بالذين ما يزالون على قيد الحياة من فناني الحلقة بالمغرب. وعلى هامش العرض تم تكريم رائدة فن الحلقة بساحة جامع الفنا بمراكش، أمل مريم المعروفة ب " السواعد" والتي كرست حياتها لخدمة هذا الفن وأهله، حيث تخصصت في أداء أغاني المجموعات الغيوانية، إلى جانب انخراطها في العمل الجمعوي متوخية من ورائه ضمان وسائل العيش الكريم لفناني الحلقة، وحفظ كرامتهم، كطريق نحو حفظ هذه الفرجة الشعبية ونقلها للأجيال الصاعدة.