كثيرون هم الإعلاميون والأكاديميون من يرفعون أكفهم الى الله ليدعون بدعاء غريب المضمون "لهلا يعطينا وجهك أمصطفى السحيمي!" ومن كثرة استغرابي من هذا الدعاء، حاولت جاهدا أن أسبر أغواره، وأن أبحث عن خلفياته، فتبين لي ان مصطفى السحيمي هو في الحقيقة أستاذ جامعي للقانون الدستوري تسلق في مرحلة من المراحل عدة سلاليم مهنية كصحافي وخبير ومحلل سياسي ومنظر استراتيجي، ليتمكن من ضمان مواقع القرب الى جانب شخصيات سياسية بارزة، ورجال اعمال معروفين او أناس آخرين من ذوي النفوذ. وكلما تم تعيين رئيس جديد للحكومة الا ركب السحيمي صهوة جواد التبرك ليصل اليه عن طريق المدح والإطراء، وكذلك فعل مع حزب العدالة والتنمية وزعيمه حينها عبد الإله بنكيران مدفوعا بالرغبة الجامحة في الحصول على المال بكل وسائل التزلف والمديح. واليوم هاهو مصطفى السحيمي يكتب مدافعا عن عزيز أخنوش ضدا عن إرادة المواطنين الذين خرجوا بهاشتاغات كثيرة يدعون فيها الى رحيل أخنوش، ويطالبون بخفض الأسعار. لا أحد من الصحفيين والكتاب العارفين بمراحل الثمانينات والتسعينات، يمكنه أن ينسى خرجات مصطفى السحيمي عبر القناة الثانية مدافعا عن سياسة وزير الدولة في الداخلية حينها ضمن نخبة ممن سموهم حينها ب "خبراء إدريس البصري". ولا احد من العارفين بالشأن السياسي يمكنه ان ينكر كيف راهن مصطفى السحيمي كثيرا على المحجوبي أحرضان في بداية القرن الحالي، كي يقترح زوجته "عائشة" للانتخابات كي تحظى بمقعد في مجلس النواب، حينها جاهد السحيمي كي يجعل من أحرضان رحمه الله ملاكا بين شياطين الفعل الحزبي. وما أن رفض أحرضان استوزاره في مرحلة من المراحل، حتى هاجر حزبه غاضبا، وطلب من زوجته الالتحاق بحزب التقدم والاشتراكية بحثا عن موقع جديد. مصطفى السحيمي الذي ينسب إلى أصول جزائرية، لا يكل ولا يمل من الانقلاب على الاحزاب او العودة اليها مهرولا بعد استكمال دورة الحلقات التملقية والهجرات الوصولية، فهو ظل خديما لحزب الاتحاد الدستوري أيام عزه قبل أن يهجره الى الحركة الشعبية "ليأكلها لحما ايام عزها ويرمي بها عظما ايام ازماتها". وهو من ظل يمدح البصري بأكثر مما مدح به المتنبي سيف الدولة الحمداني. وهو من انقلب على البصري بعد وفاته، متقربا من رجال الدولة الجدد الذي أدارو له ظهورهم، فرأيناه ينعي السياسة، ويهجو حزب الأصالة والمعاصرة، متقربا بأبشع أنواع التزلف من حزب العدالة والتنمية، الى ان انتصب مدافعا عن تقاعد عبد الإله بنكيران. وهاهو اليوم يرتمي في احضان عزيز اخنوش، لعله يؤمن له ممرا آمنا في زمن ضاقت فيه ممرات الريع، وجفت فيه خزائن المال والعطاء. لقد سبق لموقع "برلمان.كوم" أن تساءل بعفوية عن سر اختيار عبد الإله بنكيران، لإنسان فشل في مساره العلمي والأكاديمي والمهني ليدافع عنه؟؟. وعن سر قبول بنكيران لمرافعات فاشلة ومغلوطة للدفاع عنه من طرف شخص لا يتقن الدفاع عن نفسه، فكيف يا ترى به يدافع عن الآخرين. واليوم نطرح نفس السؤال على الثري عزيز اخنوش الذي وهبه الله من الإمكانيات ما تمكنه من شراء خدمات كبار العارفين والمقتدرين. وقد عاد المقال إلى الذاكرة، واشار الى فشل مصطفى السحيمي في الدفاع عن نفسه حين اتهم بسرقة كمية من الأواني الزجاجية والفضية، وكلها مسجلة في ملكية القصر الملكي، ومزينة بتوقيع يؤكد أنها تخص الملك الراحل الحسن الثاني. لا يمكننا ان لا نتذكر صور ظهور مصطفى السحيمي جالسا الى جانب عبد الإله بنكيران في بيته لا يفارقه كأنه ظله، أو كأنه واحد من مساعديه، متبركا بجلابته "متمحككا بأكمامها". كما لا يمكننا ان نستبعد رؤيته في بيت عزيز اخنوش متبركا هذه المرة بربطة عنقه، ولكن "متمحككا" بالجيوب الداخلية لستراته وبنطلوناته. هذا هو مصطفى السحيمي لمن لا يعرفه، ويوم توفي أحمد رضا كديرة سنة ،1995، سارع زعيم "الوصوليين" إلى إصدار كتاب حول المستشار الملكي الراحل، ليجني به أموالا عبر مقاربة "الاسترزاق"، بحيث تنقل كالعطار بكتابه هذا عبر كل الوزارات والإدارات والوكالات والمؤسسات العمومية. ويتذكر بعض الزملاء كيف احتج السحيمي غاضبا من مقترح شراء 100نسخة من طرف وزارة الشؤون الإدارية حينها، مطالبا بشراء 200 نسخة على الاقل، ومغضبا الكاتب العام حينها محمد البوخاري. الشخص، للأسف، أصبح معروفا في الأوساط المهنية، بألقاب كثيرة لا تليق بالمهنة التي يزاولها، فمساره فاشل إلى أقصى درجات الفشل، وهي فرصة لنذكر عزيز اخنوش بأنه سيبدو كالغريق إن هو استنجد بخدمات رجل غريق.