عشنا نهاية الأسبوع الماضي فرحة تأهل فريقا الوداد ونهضة بركان إلى المباراة النهائية للعصبة والكونفدرالية، وعشنا أيضا لأول مرة نهائي كأس العرش بقيادة حكمة. كلها أشياء مُفرحة تعكس صورة إيجابية حول كرة القدم المغربية، لكن بالمقابل عشنا أمسية الرعب والعنف و التخريب خارج معلب خريبݣة عقب انتهاء مباراة فريق الرجاء ضد فريق واد زم. الأمر هنا لا يتعلق بشغب الملاعب كمصطلح يُوظف في القاموس الرياضي، بل هو اجرام حقيقي وخطر يمتد إلى خارج الملاعب على أيدي جماهير الفرق الكروية، خطر يتسلل بين الأزقة والشوراع يهدد أمن وممتلكات مواطنين لا علاقة لهم بالكرة و طقوسها. في كل مرة تتضح الصورة أكثر و يتبين أن الملاعب ومحيطها تحولت من فضاءات للفرجة والاحتفالية إلى متنفس كبير للضعوط النفسية والاجتماعية يقصدها في كل مناسبة متاحة القاصرون والمراهقون المنتمون إلى الإحياء الهامشية لتصريف سلوك العنف والتحريض عليه كأسلوب تعبير عن حجم التهميش والاحباط والاقصاء الاجتماعي الذي يعيشونه بالإضافة إلى تعاطي المخدرات كعامل يغذي هذا العنف. الظاهرة تحولت إلى مرض مجتمعي، لم نجد له بعد العلاج المناسب ولا الحل الجذري ولم نستطع أن نؤثر بشكل حقيقي في الأسباب التي تؤدي إلى تفشي الظاهرة، وليس لدينا بعد تصور واضح لمحاربة الظاهرة بشكل ملموس بتوظيف كل المقاربات التي تعمل على تقويم الاعوجاج الحاصل، و لازلنا نرفع العبارة الشهيرة " الجميع يتحمل المسؤولية " مما يعني أن لا أحد يتحملها صراحة وبشكل واضح. الاستثمار في المنظومة الكروية عبر تطبيق مقاربات حديثة في التسيير و التدبير و الماركتينغ للتحسين من جودة آداء الفرق الكروية وفضاءات الملاعب الوطنية، يجب أن يشمل أيضا جانب الجمهور وتأطيره، لربح رهان أجيال سليمة، لا أجيال جديدة من الضباع كتلك التي تحدث عنها السوسيولوجي الراحل محمد جسوس في صرخته الشهيرة.